عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2007   رقم المشاركة : ( 29 )
فاعل خير
أبو عبدالله

الصورة الرمزية فاعل خير

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 566
تـاريخ التسجيـل : 26-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 13,279
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 339
قوة التـرشيــــح : فاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادة


فاعل خير غير متواجد حالياً

افتراضي رد : الأخبار الأقتصادية ليوم السبت 28 / 7 / 1428 هـ الموافق 11 / 8 / 2007 م

الخطر الاجتماعي في الاقتراض الائتماني

محمد العثيم
هذا الموضوع متعلق بخبر الأسبوع الماضي، عن تراجع الاقتراض الاستهلاكي بنسبة عشرين بالمائة عنه في العام الماضي، وهو خبر يمكن أن يكون مفرحا، لو كنا نقيس به الوعي الاجتماعي لترشيد الاقتراض الاستهلاكي، والحد من الإنفاق، ولكن الأمر غير ذلك، فقد صحب التقرير خبر آخر عن ارتفاع الاقتراض ببطاقات الائتمان بنسبة تصل إلى ستين في المائة، وهذا خبر يعد البنوك حسب التقرير بكثير من الازدهار والنمو للعام القادم فمبروك عليهم تدفق المال غير المحسوب، والذي يأتي به الالتفاف حول قروض قائمة أصلا بمنح بطاقات ائتمان لمقترضين، وغير مقترضين.
وفي الاستثناء لهذا الكلام فإني أعتبر بطاقات الائتمان من أروع الإنجازات المالية المعاصرة، فهي حلول لكثير من التعاملات، والكفالة، ولها خدمات بالتعاملات الإليكترونية، وفي حل مشكلات يتعرض لها المسافر، والمقيم، ولكن كل هذا إذا كان حاملها قادرا ائتمانيا، أو لديه ملاءة مالية كافية لا يجعل منافعها تنقلب إلى مضار مثل الإسراف بالشراء الاستهلاكي دون ضابط، أو التأخر بالدفع للحد الذي يجعل تكاليفها بالفائدة المركبة أعلى مما تقدمه البطاقة من خدمة، باختصار هي حلول مالية تستلزم وعي حاملها ودقته باستعمالها الاستعمال الرشيد.
أما إذا كانت البطاقات تستعمل التفافا للاقتراض غير المحسوب فكلنا نعرف أن هذا النوع من الاقتراض يتم بالفائدة المركبة، والرسوم العالية وهو ليس الخيار الأفضل، وهذا يشير إلى بداية تشكل كارثة مالية (شعبية) جديدة، يقودها تدني الوعي الاستهلاكي، وأحسب أنه على الجهات الرسمية المعنية تداركها قبل أن تستفحل.
تفسير هذا الحال ببساطة البديهة أن بعض المواطنين من الذين أخذوا قروضا بنكية استهلاكية لأغراض مختلفة، وعجزوا عن سدادها، واحتاجوا إلى المال مجبرين، أو غير مجبرين، ذهبوا إلى باب الائتمان، متناسين قروضهم السابقة من جانب، والفارق السعري لقروض بطاقات الائتمان التي هي الأعلى في الفائدة، مع رسوم تأخير، وتأمين مخاطر، مما يرفع سعرها كثيرا، و يحملهم أضعاف قيمة القرض، ويجعل سعر ما حصلوا عليه أضعافا مضاعفة، مع العلم أن تأجيل السداد لزمن أطول يضيف مزيدا من الأعباء المالية من واقع تركيب الفائدة حسابيا على القرض، وعلى الفائدة نفسها التي أصبحت قرضا بالجدولة المالية، وكل هذا للذين يعلمون، والذين لا يعلمون يضيف مالا على المديونية لهؤلاء المقترضين، وعلى الأخص لذوي الدخل المحدود الذين هم أكثر الناس إقبالا على القروض الاستهلاكية، وأكثر المتعاملين ببطاقات الائتمان بقليل من التفكير بنسب الفائدة المضاعفة عليها، وبدون وعي مالي كاف.
على سبيل المثال ومن قصة حقيقة مواطن بسيط لا يتجاوز راتبه الأربعة آلاف ريال، ولديه أسرة، ويسكن شقة مستأجرة مؤثثة، ويعيش حياته منذ زواجه كفافا بما يحصل عليه من عمله، كان قانعا يحمد الله على نعمته، في يوم من الأيام أعطاه أحد البنوك بطاقة ائتمانية، ولم يتأخر، ففي نفس اليوم ذهب مع زوجته، واشتريا بالبطاقة تلفزيوناً، وثلاجة مع أن لديهما تلفزيوناً وثلاجة، واشتريا أغراضاً أخرى بمبلغ ثمانية آلاف ريال وهو الحد الأقصى، وفي نهاية الشهر عجز راتبه القليل عن سدادها وجدولوها بفوائد مضاعفة تزيد بكثير عما حصل عليه، فصار يدفع راتبه للبنك بسبب قليل من الحاجات أغراه العرض بشرائها.
ليس هو الوحيد، كثير من الناس ينوءون بقروض تقسط على الراتب، بعض هؤلاء لا زال يريد الاقتراض، ويبحث عن طريقة يلتف بها على موضوع القرض بعدة سبل، منها بيع القروض، ومعناه شراء قرض جديد لسداد القرض السابق من أجل الحصول على فارق الحساب بصرف النظر عن الأضرار المالية لتراكم الفوائد، والأقساط التي تؤذي حياة هؤلاء، وتحد من سعادتهم، وقد بدأ يتضح الالتفاف الآخر للمقترضين بأخذ بطاقات الائتمان لتمويل استهلاكي وهي الأسوأ من القروض بحساب التكلفة.
هنا أقول إن التوعية غائبة غيابا كاملا عن بيع القروض، وعن ترويج بطاقات الائتمان، وهي المخاطر القادمة بكوارث اجتماعية، وأخص بالذكر هيئة السوق المالية، ومؤسسة النقد، وجمعية الاقتصاد السعودي، والغرف التجارية، والصناعية وغيرها ممن يستطيعون تحمل ثمن حملات التوعية مع أجهزة الإعلام المختلفة، ولديهم المصداقية ليتحدثوا للناس عبر وسائل الإعلام المختلفة لدرء هذه الكارثة الاجتماعية باكرا قبل أن تجندل المزيد من الناس في حفرة الفقر المدقع الذي بدأه اقتراض سوق الأسهم وقضم خلاله الدخول البسيطة بمسمى القروض الاستهلاكية، ثم جاءت فكرة بيع القروض بالقروض، وهاهي البطاقات الائتمانية تزداد مبيعاتها بنسبة ستين بالمائة عن السابق وهو ما يؤشر حقيقة بخطر قادم.
من جديد، عسى أن تسمعنا مؤسسة النقد العربي السعودي، ونحن نتقدم برجاء خاص لهذه المؤسسة الكريمة، ولكونها المشرف على عمل البنوك المحلية، والأقدر على ضبطها، نتقدم لها برجاء الإسراع بوضع نظام للجم شهية البنوك المنفتحة لابتلاع ما تبقى من دخل المواطن محدود الدخل، وعليها التأكيد على البنوك بتوخي الدقة في الإقراض لمن يثبت نقص قدرته الائتمانية، وبالذات الأميين الماليين وقليلي المعرفة، وأن تجبر مؤسسة النقد البنوك أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية، وأن تتقصى الحالات الائتمانية، وحالات الوضع المالي لعملائها حتى لا تقع الفأس بالرأس من جديد.
هذا كله لا يعني أنني أذهب لطلب الحد من إصدار بطاقات الائتمان، أو الحد من حرية الناس بما يفعلون بمالهم، ولا يعني أني أطالب أن تتوقف البنوك عن الإقراض، أو ترويج منتجاتها فهذا صميم عملها الذي قامت من أجله، ولا أطلب تدخل الحكومة كما هو الحال في الاقتصاديات للبلاد المغلقة، لكن أريد منهم وضع ضوابط للتأكد من قدرة المقترضين على السداد، لأن بعضهم يتصرف بآمال وأحلام، وتوقعات غير واقعية فيؤذي نفسه بدون علم، كما حصل في حالات الاقتراض لدخول سوق الأسهم بحلم الثراء، وهي الحالة التي لم يشف من أثرها كثيرون إلى الآن.
كما نهيب بمؤسسة النقد إلى إيقاف بيع القروض الشخصية، وأن تتحرك لإنهاء التغرير المالي بالناس البسطاء، الذين لا يفهمون من هذا الاقتراض إلا أنه سلف مؤجل وقد لا يعرفون أنه بفوائد مضاعفة، ورسوم، وتأمينات غير عادية لمقاومة القروض الهالكة، والمتحمل الفقير المسكين الذين يريد قضاء حاجة بسيطة طارئة.
بعد كل هذا الكلام أحث على حملات إعلامية لتوعية الناس بأساليب أوعية الادخار بدل الاستهلاك ومحو الأمية المالية ونمط الاستهلاك المفرط فهي تعمي كثيراً منا عن المصلحة المستقبلية، وبناء قاعدة ادخار اليوم للمستقبل الشخصي، والوطني، ولكن كما قلت لكم نحن في وضع تتفاقم فيه القروض الاستهلاكية، ويعلو فيه صوت الإغراء في سوق مفتوح لجمهور لم يعايش منافع، وسلبيات الاقتصاد الحر ولا يفكر بأبعد من يومه، وغياب التوعية الرسمية والأهلية، وغياب دور حماية المستهلك، كل هذا جعل من يلوح بالمكسب الفوري هو الرابح، ومن يحصل على المال وبأي ثمن هو الكسبان وليكن في المستقبل ما يكون، وهو مؤشر على عدم استيعاب المعطى الحضاري، وعالم اليوم والاقتصاد المفتوح
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس