عرض مشاركة واحدة
قديم 11-18-2008   رقم المشاركة : ( 29 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الثلاثاء19 ذو القعدهـ 1429 هـ الموافق17/11/ 2008

الأزمة المالية العالمية . . وقفة مراجعة (2 - 2)
الخليج الاقتصادي الإماراتية الثلاثاء 18 نوفمبر 2008 5:18 ص




د . جاسم المناعي

استكمالاً للجزء الأول من هذا المقال واستعراضاً لطبيعة التفاعلات التي تثار حالياً على صعيد العالم حول الأزمة المالية والتي وإن بدأت في شكل أزمة مصرفية إلا أنها أصبحت الآن أزمة اقتصادية بامتياز، يبدو أن التوقعات أصبحت تؤكد الآن أن الاقتصاد العالمي سوف يعاني كثيراً من جراء هذه الأزمة، ليس الاقتصاد الأمريكي أو الأوروبي فقط ولكن جميع اقتصادات العالم . بالطبع يعتبر الاقتصاد الأمريكي أكثر المتضررين حيث يتوقع أن ينخفض معدل نموه إلى ما يقرب الصفر . يليه الاقتصاد الأوروبي الذي هو أصلاً ليس أحسن حالاً، حيث إن معدل نموه لا يتوقع أن يتجاوز النصف في المائة . بالنسبة للاقتصاد الياباني الذي كان يعتقد بأنه بدأ يتعافى من كساد طويل خيم عليه طيلة الخمس عشرة سنة الماضية يتوقع له الآن على أثر هذه الأزمة أن يرجع في انتكاسة تقوض تعافيه الذي طال انتظاره . وحتى الصين والهند اللتان كانتا تحققان معدلات نمو عالية خلال الثلاثين سنة الماضية يتوقع أيضاً أن تتأثرا بهذه الأزمة وتنخفض فيهما معدلات النمو بشكل ملموس . هذا ينطبق بالطبع على دولنا العربية التي من دون شك سوف تتأثر بهذه الأزمة كما أنه من المتوقع أن تنخفض فيها وفقاً لذلك معدلات النمو الاقتصادي، حيث بدلاً مما أصبحت تحققه خلال السنوات القليلة الماضية من معدلات نمو تصل إلى 6% في المتوسط يمكن أن تنخفض معدلات النمو إلى حدود 5 .4% على أفضل تقدير . سوف تكون كثير من الأرقام المتعلقة بتأثيرات هذه الأزمة أكثر تحديداً وأكثر دقة مع نهاية هذا العام إلا أنه يمكن من الآن على الأقل تحديد القطاعات التي من المتوقع أن تتأثر بهذه الأزمة على سبيل المثال لا الحصر .

أولاً: الطلب على النفط ومستوى أسعاره . إن الاقتصادات العربية في معظمها تعتمد على إنتاج وتصدير النفط . وكما شاهدنا فإن الأزمة أدت إلى انخفاض سعر البترول بأكثر من 60% . هذا إضافة إلى اضطرار دول الأوبك إلى تخفيف إنتاجها من النفط . ويعتبر هذا التأثير هو الأكبر للأزمة على الاقتصادات العربية خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن الإيرادات النفطية هي المصدر الوحيد للدخل تقريباً في كثير من البلدان العربية مما يعني أن الإنفاق الحكومي وهو المحرك الأساسي للاقتصاد سوف يتأثر وفقاً لذلك .

ثانياً: الحصول على التمويل وتكاليفه . نعتقد على ضوء هذه الأزمة بأن الممارسات المصرفية الخاصة بمنح الائتمان وتكاليفه قد تتغير حيث سوف يكون هناك حرص أكبر في اختيار المقترضين والمشاريع القابلة للتمويل . كما أن تكاليف التمويل ستبقى مرتفعة نسبياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى ممارسات مصرفية أكثر حذراً وأكثر انتقائية .

ثالثاً: الاستثمارات الأجنبية . المتوقع أن تنخفض الاستثمارات الأجنبية على أثر هذه الأزمة . ووفقاً لبعض التقديرات فإن مثل هذا الانخفاض قد يصل إلى 30% مقارنة بالعام الماضي .

رابعاً: التجارة أيضاً متوقع لها أن تتأثر سلباً بهذه الأزمة بما يشمل مرافق التجارة من موانئ وقنوات مائية .

خامساً: تحويلات الأيدي العاملة من المتوقع أيضاً أن تتأثر سلباً حيث إن انكماش النشاط الاقتصادي من شأنه أن يمثل فرص عمل أقل ومستويات رواتب وأجور أدنى .

سادساً: الأسواق المالية أكثر المتأثرين عالمياً وعربياً، وهي تعكس مختلف التفاعلات مع هذه الأزمة من ضعف أوضاع المؤسسات المالية المتضررة إلى التوقعات السلبية لأداء الاقتصاد بشكل عام وما يترتب عليه من ضعف أداء الشركات ومختلف القطاعات إضافة إلى صعوبة وارتفاع تكاليف التمويل . صحيح أن أسعار الأسهم عالمياً أو عربياً أقل من قيمة الشركات وأدائها حالياً لكن الأسعار في الواقع تعكس أيضاً توقعات قيم الشركات وأدائها في المستقبل على ضوء هذه الأزمة وما قد تسببه من تراجع وكساد الاقتصاد .

في الواقع إن تداعيات هذه الأزمة لا تنحصر مثلما ذكرنا في هذه الجوانب فقط، بل إن تأثيراتها تبدو بأنها سوف تكون أبعد بكثير على الصعيدين العربي والعالمي . على الصعيد العربي فإن التأثيرات بعيدة المدى لهذه الأزمة يمكن أن تؤثر في سياسات الإصلاح وبخاصة تحرير القطاع المالي حيث من المتوقع أن يكون هناك على أثر هذه الأزمة مراجعة، ويمكن إعادة نظر حول مدى ودرجة التحرير التي يمكن أن تكون مقبولة للأنشطة المالية دون أن تؤدي إلى تعرض الدول المعنية إلى مخاطر مماثلة لما حصل خلال هذه الأزمة . طبعاً من ناحية زيادة الحرص والتحوط فإن مثل هذا الموقف يمكن أن يكون مطلوباً إلا أننا نخشى بأن يمثل ذلك ذرائع للتراجع عن الإصلاح المطلوب .

كذلك فمن المتوقع على المدى البعيد أن يعاد النظر في موضوع الاستثمارات سواء الاستثمارات الأجنبية في المنطقة أو استثمارات المنطقة في الخارج . على صعيد الاستثمارات الأجنبية في المنطقة فعلى ضوء الحركة السريعة لهذه الاستثمارات خلال الأزمة خاصة بالنسبة للاستثمارات التي تدعى الأموال الساخنة (Hot Money) فإن تجربة دول المنطقة كما هي حال تجارب الدول النامية عموماً فإنها لم تكن إيجابية تماماً، حيث أحدثت هذه الأموال في خروجها المفاجئ إرباكاً لأسواق المنطقة قد تستدعي على أثرها التفكير في التعامل معها بشكل مغاير من شأنه الحد من تأثير حركة هذه الاستثمارات على اقتصادات المنطقة . أما فيما يخص استثمارات المنطقة في الخارج فكذلك على أثر الأضرار التي ترتبت على هذه الاستثمارات من جراء هذه الأزمة قد تحتاج دول المنطقة إلى مراجعة سياسات واستراتيجيات استثماراتها في الخارج على صعيد نوع الأصول المستثمر فيها وكذلك القطاعات وحتى جغرافية هذه الاستثمارات .

أما على الصعيد العالمي فإن التساؤل الأكبر سيتركز على ضوء هذه الأزمة حول مدى ملاءمة النظام الاقتصادي العالمي وهل بالفعل أن الاقتصاد الحر لا يزال أفضل الأنظمة الاقتصادية أم أن الأمر أصبح يحتاج إلى إعادة نظر على أساس اضطرار الدول للتدخل وإدارة الاقتصاد بدلاً من الاعتماد على الأسواق . وهل مثل هذا التدخل هو مجرد إجراءات مؤقتة أم أن الأمر يمثل اختلالات هيكلية تحتاج إلى تصويب ومراجعة جادة . وماذا عن المؤسسات الدولية التي خلقت أصلاً للعمل على تحقيق الاستقرار المالي العالمي مثل صندوق النقد الدولي؟ هل سيقتصر دوره على معالجة الأزمات المالية فقط في الدول النامية والفقيرة أم أنه سوف يسمح له بمعالجة الأزمات حتى وإن نشأت في الدول المتقدمة طالما أن تأثيراتها تطال الدول الأخرى؟ هناك في الواقع عدة تساؤلات

تثار على ضوء هذه الأزمة نأمل بأن يتمكن المجتمع العربي والدولي من التصدي لها بالإجراءات المناسبة .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس