رد: اخبار التربية والتعليم ليوم الاحد 20/2
الوطن:الأحد 20 صفر 1430هـ الموافق العدد (3061)
علي سعد الموسى
وجهة الإصلاح القادمة: القضاء والتعليم
هي حتمية التغيير، ومع بالغ الأمنيات بالتوفيق لكل اسم جديد حاز على الثقة الملكية، هنا آيات الشكر لكل الذين غادروا بعد أن خدموا وطنهم وأمتهم وأبلوا في الميدان وتحملوا حرارة كرسي المسؤولية الساخن. كل عمل أو منصب هو في هذا البلد بناء إضافي على ما بنته أيدي السابقين.رفع حمد المانع عدد الأسرة في مشافي الوطن برقم يفوق الثلث ومعه عرفنا للحق والتاريخ وصفة الطبيب التي لم نعد نأخذها منه لنذهب لشرائها من الصيدلية الخاصة. حارب وزير التربية والتعليم ليودع أطفالنا كابوس المباني المستأجرة ومعه ودعنا كابوس الامتحانات إلى عصرية التقييم. مع إياد مدني، لم تعد الصحافة وطوابير المثقفين والكتاب دفاتر حضور وانصراف في أوراق الوزارة، ومعه اتسع هامش الحوار الإعلامي والمشاركة الاجتماعية الواسعة. لكل هؤلاء بالغ الشكر من وطن اعتاد أن ينجب وأن يشكر.كيف أقرأ هذا التعديل الواسع؟ استمرار برؤية واضحة للتغيير وبإصرار على مواصلة النهج الإصلاحي الشامل الذي نسمعه من خادم الحرمين الشريفين، حيث كان هذا المصطلح صبغة عصره الميمون، وهنا ابتدأت الخطوة من محورين أساسيين: إعادة هيكلة المؤسسات القضائية والتعليمية تحديداً فهما مفصل الإصلاح الشامل. لا يمكن أن نعيش بعيد الألفية الثانية بقليل على نظم قضائية في الآليات كانت سائدة قبل نصف قرن.نذر التغيير الهائلة في المجتمع السعودي المعاصر خلقت من تشابك قضاياه ومشاكله قضية لم يعد من الممكن أن نتصدى لها قانونياً بالطرق القضائية التقليدية.ما زال الناس يثقون تماماً بالقضاء وبالمرجعية الأساس في الشريعة التي لا نقبل لها مساساً، وهنا يكون حديث التغيير في الآليات وفي الطرق الإدارية الصرفة، لا في الحكم والمنهج. تركيبة المؤسسات الدينية الوطنية هي أيضاً لب التغيير بشرط الحفاظ على الثوابت. لا يمكن لنا أن نكون مجتمعاً مغلقاً، ولا يمكن لنا أن نكون في قلب نادي العشرين المئوي من دون انفتاح من أجل مصالحنا المتشابكة مع هذا العالم الفسيح، ثم نظن أننا نستطيع أن نسير بالمجتمع إلى صيرورة كانت قبل نصف قرن. نحن مجتمع يستأثر اليوم بأكثر من 150 جنسية عالمية جاءت إلينا بإرادتنا وباستقدامنا وبرهن مصالحنا، ونحن مجتمع، وبقرارنا المحض، استقطبنا وبتوقيعنا وأوراقنا كل ثقافات الدنيا، وكل أديانها ومذاهبها ومعتقداتها ولا يمكننا بعد ذلك أن نحجر كل هذه الثقافات والملل في بوتقة واحدة.نحن حتى على المستوى الوطني، بلد هائل المساحة، ومختلف متآلف في الآراء والمشارب والمذاهب، ولا يمكن لأي صيرورة تطوير إلا الإيمان بشراكة الجميع في المسؤولية الوطنية التي لا تتعمد الإقصاء والتهميش اللذين دفعنا ثمنهما باهظاً مكلفاً ونحن نحاول أن يبقى اللون الواحد والكانتون الإداري الواحد فاعلاً فعالاً للأبد. حتى في مجال التعليم، لا ينكر منصف واحد أن هذا البلد واحد من أكبر بلدان الدنيا التي تصرف بسخاء على المنظومة التعليمية، ولكم أن تدركوا الرقم المدهش، حيث نحن - أول الدنيا - بامتياز في نسبة المصروف على قطاع التعليم، قياساً بالموازنة العامة، حيث موارد هذا القطاع تستأثر بأكثر من ربع الريع السنوي العام.ولكن في المقابل ما الذي نجنيه في المردود الحقيقي من كل هذا الصرف القياسي؟ والجواب التلقائي: نهضة تعليمية شاملة، ولكن العمل الكمي لم يقابل بجرأة في المستوى النوعي المطلوب، إذ ما زلنا في ترتيب العلوم الأساسية والتطبيقية في مرتبة عالمية بعيد الـ80.ما زالت مخارج التعليم ومداخله تنضح بهدر هائل في استغلال هذه الموارد المدهشة.ما زالت نسبة العلم النظري إلى التطبيقي في نزاع كبير يشل نظامنا التعليمي في مستوييه العام والجامعي دون جرأة حقيقية في اتخاذ خطوة التصحيح. فترة الركود الهائلة التي سبقت مرحلة الإصلاح هي التي خلقت قوة الرفض الجارفة على المستوى الاجتماعي لأي مساس بالمفصليات الاجتماعية في حركة التطوير سواء على صعيد المؤسسات التربوية أو مؤسسات العمل الديني نتيجة لتوجس الجميع من المخاض الهائل الذي كانت عليه أدبيات الحوار الوطني المتصارعة تمهيداً لخطوة الإصلاح القادمة. هذا الركود الطويل هو الذي خلق وقود الرفض رغم اتفاق الجميع على تغليب المصلحة العامة التي كان كل طرف يدعي أنه يملك نبراسها، واليوم أثبتنا كسعوديين أننا نملك الإرادة للخطوة القادمة، ونملك فوق هذا ثقتنا في دخول عصر مختلف قائم على مرتكزين: تغليب الثوابت التي لا تقبل المساس وتأكيد الوحدة الوطنية الشاملة، ونحن يداً بيد نحو الغد.
الوطن:الأحد 20 صفر 1430هـ الموافق العدد (3061)
شتيوي الغيثي
التشكيل الوزاري: الحاجة إلى الإصلاح
تم التشكيل الوزاري الجديد، وهو التشكيل الأول منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم. وفي صورته الأولى هو تشكيل يجنح كما هي عادة الملك عبدالله، إلى التجديد والإصلاح، وفق الرؤية التي كان قد قال بها وانتهجها في إدارته للبلاد وحتى قبل توليه الحكم.هذا التشكيل الجديد أعطى رؤية واضحة جداً للمستقبل القريب للمملكة كدولة وللمجتمع: على مستوى الدولة كان التطوير والصلاح هو الهدف، إيمانا منها لحاجتها إلى ذلك ولكي تضع نفسها في مصاف الدول التي لها اعتبارية كبرى في المنطقة لأنها دولة مؤثرة بفاعلية على كل دول الجوار، والدول العربية الأخرى والإسلامية إذا ما أردنا توسيع الدائرة. أما على مستوى المجتمع، فإن المجتمع بدأ يعي دوره كفاعل حين بدأ يتفاعل مع الحراك الداخلي والخارجي، كما أنه مجتمع في مخاض شديد، كان من نتائجه تبني الدولة لفكرة الإصلاح، والتي كان التشكيل الوزاري الجديد أحد مظاهرها الأكثر وضوحاً؛ إذ إنها ولابد سوف تنسحب هذه الإصلاحات على الواقع الاجتماعي للناس سواء على المستوى المؤسساتي والأهلي كونها فاعلة ومتفاعلة أخذاً وعطاء.وحينما نريد أن نلقي نظرة بانورامية على التشكيل الوزاري فإننا سنلحظ أنه تغيير شامل على كافة المستويات: الدينية والاقتصادية والعسكرية والتربوية والصحية والثقافية والحقوقية...إلخ، وهي القطاعات التي تمس المواطن بشكل مباشر. من هنا نرى الرغبة الصادقة في الإصلاح. نرى الجدية في التغيير نحو الأفضل. يتضح ذلك في نوعية التشكيل؛ أي في البنية الأساسية بحيث شملت المفاصل في الوزارات، كما أنها شملت الوزارات المفصلية على المستوى الداخلي في الدولة.هذا التغيير أعطى بعداً عاماً فيما يمكن أن يكون خلال السنوات القليلة القادمة من عملية الإصلاح في قطاعات الدولة، وإن كنا لا نريد أن نستعجل في الحكم؛ إلا أنه ينم عن رؤية تجديدية للقادم، وهذا ما هو مفترض أن يكون، وإلا فلا طائل من التغيير في الأساس، وعلى المعنيين في هذا الوزارات أن يعوا ذلك خلال توليهم هذه المناصب؛ أعني أن تكون ذهنية التطوير والإصلاح هي الذهنية المحركة لعملهم الوزاري ككل لأننا في كافة هذه القطاعات والمؤسسات بحاجة إلى تعزيز الثقة في التغيير، وحاجتنا إلى الإصلاح تفوق حاجتنا حالياً إلى أي شيء آخر.لعل أهم المؤسسات التي شملها التغيير والتطوير هي هيئة كبار العلماء، إذ وصل عدد أعضاء هيئة كبار العلماء إلى واحد وعشرين عضواً، وليست هنا المفاجأ؛ بل الأكثر مفاجأة هي أنها ضمت أعضاء من كافة المذاهب الإسلامية في الوسط السعودي، وهي الخطوة الأقوى في كل هذا التغيير، بمعنى أن هناك إيماناً قوياً من قبل الدولة بأحقية المذاهب الأخرى في التمثيل الديني لها في المؤسسة الدينية الرسمية. وهذا طبعاً سوف ينسحب على خطابنا الديني عامة بحيث يكون خطاباً دينياً متعدداً ومتسامحاً مع المخالف ومع الآخر.هذا الكلام أيضا سوف ينسحب على المنظومة القضائية لدينا وهي المنظومة التي سبق أن خضعت إلى عملية إصلاحات عديدة، كما أنها هنا تندرج ضمن قائمة ما شملها التشكيل الجديد، وهنا تكمن ضرورة دفع عجلة الإصلاح القضائي وتسييرها بشكل صحيح إلى الأمام، والتغيير الجديد في القضاء هو رؤية تضاف إلى الرؤية السابقة في الإصلاح كونه من أهم القطاعات التي تمس حياة الناس بشكل مباشر، ولعلنا في الأيام المقبلة نرى نوعا من تقنين القضاء يتجاوز الرؤى السابقة التي كانت تعتمد على الاجتهاد الفردي فقط إضافة إلى مايمكن أن يعمله ديوان المظالم؛ خاصة أنه من ضمن المعنيين في التغيير الجديد.وحديثنا عن الخطاب الديني والقضائي يقودنا أيضا إلى الحديث حول مؤسسات حقوق الإنسان: الحكومية منها بالذات؛ لأنها مؤسسات تتقاطع في الرؤية الحقوقية لدى المواطن سواء كان ذلك في المنظومة القضائية أو غيرها، وحاجة هذه المؤسسة إلى تمثل قيمتها يفرض عليها العمل الجاد وفق رؤية جديدة تفتح كافة الملفات الحقوقية الداخلية والخارجية على طاولة البحث، وهي فرصة التشكيل الجديد في أن يعمل على كافة الأصعدة في تمثل القيمة الإنسانية في العمل الحقوقي.يشمل التشكيل الجديد أيضاً هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي الهيئة التي نزلت بثقلها إلى الشارع السعودي، وحاجة هذا القطاع إلى الإصلاح تفوق حاجات كثيرة جدا كونه يتعامل مع الناس مباشرة؛ لذا فإن الرؤية القادمة لابد من أن تعيد النظر في الكثير من القضايا، وأن تغلب جانب حسن الظن على غيره، وتعمل حقيقة على حق الإنسان في الحرية والكرامة وفق القيم الإسلامية العامة وليست الجزئية كما يعمل عليها هذا القطاع.وما دمنا نتحدث عن هذا التشكيل، فإننا لا يمكن أن ننسى القطاع التربوي، وهو القطاع الأهم حتى الآن من كل القطاعات في دفع التنمية الإنسانية والمعوّل عليه في تخريج أجيال سيكونون في السنوات القادمة داخل كل هذه القطاعات المذكورة، ولذلك، فإنه كان من اللازم التغيير في القطاع التربوي، وما يلفت الانتباه في التشكيل الوزاري التربوي وجود العنصر النسائي وهي خطوة جبارة، إذ تولت نورة الفايز منصب نائب وزير التربية لشؤون البنات، ولعلها الخطوة القادمة لدخول العنصر النسائي لمجلس الشورى ولمجلس الوزراء فيما بعد.وعلى ذكر مجلس الشورى فإن التشكيل الجديد قد وسع الدائرة أكثر وأكثر في انضمام أعضاء للمجلس كونه صوت المجتمع والمتحدث الرسمي عن الناس، لذلك كان توسيع الدائرة هو توسيع للمشاركة الشعبية في القرار السياسي.إن التشكيل الوزاري الجديد هو في رأيي خطوة من الخطوات الثابتة في عملية الإصلاح، وعلى كافة المعنيين بهذا التشكيل والقائمين عليه تمثل الرؤية الجديدة في التغيير، لأن المنصب الوزاري هو منصب سياسي في الدولة، يقوم على تبني توجهات الدولة نفسها وتنفيذ خططها الطويلة المدى، لكن على أن تتم عمليات الإصلاح بشكل ثابت وعمق لايتعامل مع السطح؛ بل يدخل في الجذور الإصلاحية ويعمل على تحسين الأوضاع كاملة كل في مجاله.
|