رد: الملف الصحفي للتربية الاحد 23/4
عكاظ : الأحد 23-04-1430هـ العدد : 2863
ما هو المستقبل الذي ينتظر الأجيال القادمة ؟
عبدالله مغرم
نحن اليوم بحاجة إلى التفكير بعمق أكبر . . . التفكير في مستقبل أبناء الوطن وبناته . . . التفكير في ما يمكن أن نقدمه لهم . . . وفيما ينتظرهم . . . لايمكن أن نسير بنفس خطوات الماضي . . . ونحن نرى آثارها على الأجيال الحالية . . . لازلنا نرى أن نسبة من أبنائنا وبناتنا لايقبلون في الجامعات . . . لازلنا نرى بوضوح ضبابية نظرتهم للمستقبل . . . لأننا نخطط ثم لاننفذ أو أن ننفذ قبل أن نخطط وهذا ما أدى إلى استيقاظنا بعد حدوث الازمات . ملفات القطاع العام بحاجة إلى مناقشة، فإذا كانت الخطط الخمسية نفذها القطاع العام بشكل جيد فكيف نفاجئ بالبطالة وكيف نستيقظ على عدم توفر مقاعد لتعليم الأبناء والبنات في الجامعات؟يجب أن نعترف بغياب أهم عنصر من عناصر النجاح وهي الرؤية الواضحة، وهنا يجب أن أشير بالمقصد من الرؤية وهو بعيد عن فلك التنظير الأكاديمي وما قصدته بالرؤية هي النقطة التي نريد أن نصل إليها . أسرع حل الآن إعداد رؤية واضحة للعام 2025 وعلى أساسها تطور فكرة الخطط الخمسية إلى عشرية أو خطط لكل خمس عشرة سنة حتى نرى الأفق برؤية أبعد مما نراه اليوم . رؤية 2025 يمكن أن تكون «إيصال المملكة إلى مصاف دول العالم الأول من خلال تطوير العقل السعودي وتأهيله لتحديات القرن الحادي والعشرين» وعلى أساسها تتم إعادة هيكلة القطاع العام بشكل جذري . وحتى ننجح نحتاج إلى الوقوف على أبرز المعوقات التي سنعاني منها خلال الخمس عشرة سنة القادمة ومحاولة بلورة حلول لها . أول معاناة هي التعليم: عدد طلبة التعليم العام 4 . 44 مليون في العام 1425/1426هـ، وإجمالي الطلاب المسجلين في التعليم العالي(من الدبلوم إلى الدكتوراة) 636 ألف طالب في عام 1426/1427هـ، مما يعني حتى يتعلم كافة الأبناء نحتاج إلى 6 أضعاف عدد المقاعد المتوفرة اليوم، وإذا كانت المخصصات المالية لمشاريع بناء الجامعات أسست لإستيعاب الطاقة الحالية من عدد الطلبة فيعني ذلك أننا بحاجة إلى 6 أضعاف ماصرف على إنشاء المباني حتى يتمكن الجميع من التعلم، وسيظل المقاولون والتجار عموماً الأكثر استفادة من مخصصات الميزانية . كارثة عدم الإسراع في اعتماد مخصصات لزيادة عدد المقاعد «وتأهيل كوارد بشرية لصقل العقول» يكمن في انخفاض نسبة المتعلمين في المجتمع في المستقبل، ولها تبعاتها السلبية على تربية الأجيال القادمة، وارتفاع نسبة التلوث الفكري، نتيجة لانخفاض الوعي، والتأثير الاقتصادي السلبي على مستوى المعيشة لمن لم تتح لهم فرصة التعلم ناهيك عن ارتفاع معدلات البطالة . والحل الآن يكمن في وقف البذخ على الإنشاءات العمرانية وتحويلها لصالح زيادة عدد المقاعد، فبناء العقول أهم من بناء القبب والزخارف العمرانية لأننا لم نعد بحاجة إلى مدنية بل إلى حضارة، والأخيرة تأخذ بعين الاعتبار الفكر، لذلك لا مناص من تطوير الوجبات المعرفية في مؤسسات التعليم لتطوير الفكر الوطني، بالإضافة إلى ذلك نحتاج إلى الإسراع في تنفيذ مشاريع التعليم الإلكتروني، والبدء في منح شهادات البكالوريس والماجستير والدكتوراه بأسلوب التعليم عن بعد، وعلى أن يتم صرف نصف مكافأة الطالب المنتظم لتسهيل تمويل تكاليف شراء الكتب ونحوها، وبهذه الطريقة نكون قد خفضنا تكاليف التعلم، وسهلنا تعلم شريحة أكبر دون عناء التنقل، وأصبح دخول الأبناء والبنات إلى سوق العمل يتسم بجودة أعلى . العائق الثاني: تشير توقعات وزارة الاقتصاد والتخطيط أن عدد السكان في المملكة سيصل نحو 29 . 86 مليون نسمة في عام 2024 حسب ما نشرت الزميلة الشرق الأوسط بتاريخ 18/1/2008، ويعني ذلك أن عدد السكان في ارتفاع ونحتاج إلى تأمين مستقبل أفضل لهم، وبالتالي أقترح إستحداث حساب في وزارة المالية باسم» الأجيال القادمة» بحيث يتم استقطاع 10% من إجمالي الميزانية لصالح الحساب، و15% من الفائض على أن يبدأ الصرف منه بعد 15 عاماً . العائق الثالث: المواصلات تعاني المدن الرئيسية من اختناق الحركة المرورية ويرجع ذلك لسببين: الأول إستخدام السيارة في جميع المواصلات على مدى الثلاثين عام الماضية، والثاني زيادة عدد المركبات دون متابعة مستمرة لنسب الازدياد، ويتركز الزحام بشكل رئيس في وقت الذروة، والحل يكمن في إعداد حافلات لائقة لأن يستخدمها كافة شرائح المجتمع برسوم معقولة على أن تتوفر فيها خدمة الإنترنت والصحف، ويكون لها خط سير واضح حتى يقتنع المجتمع من استخدام الخدمة، وتحقق تطلعاته، ومن ناحية أخرى نضخ ثقافة التغيير والنظام وترشيد تكاليف المواصلات، والأهم من كل ذلك السيطرة على الازدحام بشكل حضاري لائق . العائق الرابع: الإسكان قدرت دراسة أعدتها مجموعة سامبا المالية عن الطلب المحلي على الإسكان عام 2020 بنحو 2,62 مليون وحدة سكنية جديدة، وتصل حجم الاستثمارات الجديدة إلى 1 . 2 تريليون ريال حسب ما نشرت صحيفة الإقتصادية بتاريخ 1/1/2008، مما يعني لسد حاجة الإسكان نحتاج إلى ثلاثة أضعاف الميزانية العامة للدولة تقريباً، والحل يكمن في ترشيد نفقات القطاع العام، والعمل على مشاركة الدولة في تأسيس شركات للإستثمار العقاري والمقاولات بعائد استثماري منخفض وطويل الأجل وإعداد خطة لتملك المنازل . الأجيال القادمة بحاجة من كل إنسان يعمل في القطاع العام أوالخاص لوضع الأقلام والتوقف عن العمل لبرهة والتفكير في المستقبل الذي يطمحونه لأبنائهم وأقرانهم وبعد أن يجدوا إجابة يعاودا العمل لتحقيق تطلعاتهم، وإن لم يجدوا إجابة فعليهم التوقف عن العمل للأبد .
|