العثيمين يقر بغموض صندوق معالجة الفقر
الدمام: فهد العيلي
أقر وزير الشؤون الاجتماعية، رئيس مجلس إدارة الصندوق الخيري الوطني لمعالجة الفقر الدكتور يوسف العثيمين لـ"الوطن" بالغموض الذي يحيط بالصندوق، مرجعا ذلك إلى نقص في المعلومات حول الصندوق وجهوده. ودافع العثيمين عن الصندوق، مؤكدا أنه رغم حداثة عهده إلا أنه ومنذ حصوله على الدعم الحكومي انطلق في مشاريع مختلفة على مستوى مناطق المملكة، فوقع العديد من الاتفاقيات مع إمارات المناطق والجمعيات الخيرية ومراكز التدريب. كما أقام العديد من ورش العمل للمهنيين والمختصـين فـي مناطـق مختلفة، وشارك في العديد من المحافل والمعارض والملتقيات المحلية، مشيرا إلى أن جميع هذه الأعمال معلنة عبر جميع وسائل الإعلام المحلية.
وأضاف العثيمين أن عدد المشروعات الصغيرة ومشاريع الأسر المنتجة التي اعتمدها الصندوق في الفترة الماضية وحتى الآن بلغ 3263 مشروعاً بتكلفة إجمالية قدرها 36 مليونا و571 ألف ريال.
كما قام الصندوق بتنفيذ برنامج التنسيق التوظيفي، بهدف السعي لتوظيف أبناء وبنات الأسر المحتاجة في المناطق التي يقيمون فيها، وذلك من خلال التنسيق والتعاون مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة.
--------------------------------------------------------------------------------
تحول صندوق معالجة الفقر مع الزمن إلى لغز غامض.. فالناس ينتظرون تنفيذ برامج حقيقية بينما يطلق مسؤولو الصندوق الوعود "منح دراسية، تدريب، برامج إسكان، مساعدات مادية وعينية". وهكذا تراكمت الوعود وطويت صفحات من الخطط والبرامج المتعثرة.
ولكن الصندوق عاد إلى الذاكرة مرة أخرى، بعد أن قرر وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين قبل أيام إعفاء مدير الصندوق السابق الدكتور عبدالله المعيقل وتعيين عبد الملك السناني القادم من معقل الاقتصاد في الغرفة التجارية بالرياض مديرا للصندوق، دون أن يعرف المواطنون ماذا قدم الصندوق؟ وأين صرفت المبالغ المرصودة له؟ ولماذا تعثرت البرامج والخطط الورقية التي أعلنتها وزارة الشؤون الاجتماعية الجهة المشرفة على برامج الصندوق، ولماذا لم يصدر عن الصندوق تقرير موضوعي بما تحقق من انجازات أو ما صادف من معوقات منذ تأسيسه وحتى الآن؟ وأين كوادر الصندوق البشرية التي يفترض أن تجوب المدن والقرى لتبحث عن المحتاجين وتساعدهم؟.
ثم كيف يعمل الصندوق دون وجود موقع إلكتروني يستفيد منه المواطن الطامح إلى دعم ورعاية الصندوق في زمن الحكومة الإلكترونية، أو حتى الباحث عن معلومة تتعلق باستراتيجيات أو خطط أو قوائم المستفيدين من هذا الصندوق؟.
مولد الصندوق
لقد شهد عام 1423 القرار الشهير بتأسيس الصندوق الخيري الوطني لمعالجة الفقر بعد الجولة الشهيرة لخادم الحرمين الشريفين في أحياء الرياض الفقيرة.. تلك الجولة التي دشنت عهدا جديدا من الحرية الإعلامية في الحديث عن الشأن الاجتماعي بوضوح بعد سنوات من الطرح على استحياء، حيث كان الفقر ولا يزال هاجسا للمهتمين بالشأن الاجتماعي والتنموي باعتباره حقيقة وجدت لأسباب متعددة وأخطاء متراكمة.
وقد جاء إعلان تأسيس الصندوق بمسمى "صندوق مكافحة الفقر" واختيار الدكتور عبد الإله المؤيد أمينا عاما له ليحيي الأمل في النفوس وساد التفاؤل بعد الشروع في إعلان تنفيذ استراتيجية خاصة بمكافحة الفقر في المملكة حدد لها سنتين للانتهاء منها، بعد أقل من عام تم إعفاء المؤيد، وتم تعيين الدكتور عبد الله المعيقل كأمين عام للصندوق وتغيير مسمى الصندوق إلى الصندوق الخيري الوطني.
وبعد عامين تقريبا دشن الصندوق حملة إعلامية ضخمة في كل مدن المملكة كانت شعاراتها من نوعية "نساعد المحتاج ليساعد نفسه- نمد لك الجسور وعليك العبور"، تتوزع على آلاف اللوحات الإعلانية في قرى ومدن المملكة، لتعطي انطباعا بتغيير مختلف وإنجازات واعدة.
إنجاز الاستراتيجية
تزامن ذلك مع إعلان وزير الشؤون الاجتماعية السابق عبد المحسن العكاس انتهاء الاستراتيجية الخاصة بمكافحة الفقر في المملكة متضمنة استراتيجية خاصة بالصندوق وحصوله على دعم حكومي مقداره 300 مليون لتنفيذ برامج متعددة مثل دعم الأسر الفقيرة، وتدريب أبناء الأسر المحتاجة وتوظيفهم، والتنسيق مع الجمعيات الخيرية، وإعداد خارطة وطنية للمناطق الأكثر احتياجا.
لقد أعاد تعيين عبدالملك السناني أمينا للصندوق الأمل للناس الذين ما زالوا يتمسكون بأحلامهم رغم الغموض الذي يسود كل شيء، والقلق المستبد بهم بعد أن وعدهم الصندوق بأن يساعدهم ليساعدوا نفسهم.
عزم على التغيير
يشير السناني في حديث مقتضب لـ"الوطن" في أول يوم عمل في موقعه الجديد كأمين عام للصندوق إلى عزمه على التغيير وتسخير خبراته السابقة في موقعه الحالي ويطالب فقط بمنحه مزيداً من الوقت ليتعرف على آليات العمل داخل الصندوق.
من جانبه، يعترف وزير الشؤون الاجتماعية، ورئيس مجلس إدارة الصندوق الدكتور يوسف العثيمين في تصريح لـ"الوطن" بالغموض الذي يحيط بالصندوق، ويعزو ذلك لحدوث نقص بالمعلومات حول الصندوق وجهوده. ويدافع العثيمين عن الصندوق بقوله " رغم حداثة عهده إلا أنه ومنذ حصوله على الدعم الحكومي انطلق في مشاريع مختلفة على مستوى مناطق المملكة فوقع العديد من الاتفاقيات مع إمارات المناطق وكذلك الجمعيات الخيرية في هذه المناطق ومراكز التدريب وتمت تغطية هذه المناسبات إعلامياً, كما أقام العديد من ورش العمل للمهنيين والمختصين وفي مناطق مختلفة, وشارك الصندوق في العديد من المحافل والمعارض والملتقيات المحلية وجميع هذه الأعمال معلنة عبر جميع وسائل الإعلام المحلية المختلفة.
مشروعات متعددة
ويشير العثيمين إلى أن الصندوق بدأ تقديم برامجه وأنشطته في عام 1426 ، قبل أن يتلقى ميزانيته المعتمدة من الدولة، من خلال ما توفر له من تبرعات، حيث قام بإبرام اتفاقيات للتعاون مع المؤسسات الخيرية المختلفة ومع المؤسسات التعليمية، لتقوم هي بتوصيل الخدمات للمستحقين، فوقع اتفاقية مع جمعية البر بالمنطقة الشرقية شملت 110 قروض ثم اتفاقية مع لجنة التنمية المحلية في صامطة بمنطقة جازان شملت 60 قرضاً لتنفيذ مشروعات صغيرة ومشروعات للأسر المنتجة في المنطقتين.
كما تم توقيع اتفاقية مع الأكاديمية التخصصية للتدريب الطبي شملت تقديم 50 منحة تعليمية في خمس مناطق بالمملكة، وكذا تم الاتفاق مع شركة "شراكة" لتدريب وتأهيل عددٍ من أبناء الأسر متدنية الدخل (25 منحة تدريبية) ضمن برنامج قنطرة للالتحاق بوظائف في العديد من شركات القطاع الخاص.
وفي ميزانية عام 1427/1428 تم اعتماد دعم الدولة للصندوق بمبلغ 300 مليون ريال مما مكّنه من الانطلاق لتنفيذ برامجه ومشروعاته الطموحة في مناطق المملكة المختلفة، وتم اعتماد خطة تتضمن زيارة مناطق المملكة المختلفة وتوقيع اتفاقيات تعاون مع إمارات المناطق واتفاقيات للمشروعات الصغيرة ومشروعات الأسر المنتجة مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية، واتفاقيات منح تعليمية وتدريبية مع المعاهد والكليات والمؤسسات التدريبية في تلك المناطق.
وخلال النصف الأول من العام المالي 1427/1428 تم توقيع اتفاقيات في مناطق الرياض وعسير وجازان، وإنجاز العديد من البرامج والمشروعات في تلك المناطق بالإضافة إلى بعض المشروعات في مناطق أخرى.
دعم المشاريع الصغيرة
وأضاف العثيمين أن عدد المشروعات الصغيرة ومشاريع الأسر المنتجة التي اعتمدها الصندوق الخيري الوطني في الفترة الماضية وحتى الآن بلغت 3263 مشروعاً بتكلفة إجمالية قدرها 36.571.700 ريال، وغطت مناطق الرياض والشرقية وجازان و(النباه والشبعان والحسي والغالة بالتعاون مع مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز للإسكان التنموي) وعسير ومكة المكرمة والمدينة المنورة وحائل، إضافة إلى منطقة القصيم.
300 وظيفة وفرها في برنامج التنسيق التوظيفي
وقام الصندوق بتنفيذ برنامج التنسيق التوظيفي، ويهدف إلى السعي لتوظيف أبناء وبنات الأسر المحتاجة بالوظائف المناسبة لهم في المناطق التي يقيمون فيها، وذلك من خلال التنسيق والتعاون مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة، وفي هذا الإطار فقد تم توقيع ثلاث مذكرات تفاهم مع شركات "الموارد للأغذية ـ ميد التجارية ـ أسواق عبدالله العثيم التجارية" وذلك بإجمالي عدد 300 وظيفة متنوعة وموزعة على جميع مدن المملكة. كما تم توقيع اتفاقية تعاون مع معاهد معدة للتدريب بشأن تدريب وتوظيف 53 متدرباً ومتدربة من البنين والبنات في تخصصات مختلفة مثل: (دبلوم شبكات الحاسب, دبلوم البرمجة)، كما تم التوقيع على اتفاقية مع شركة المجال للخدمات الأمنية لتدريب وتوظيف 300 من أبناء الأسر محدودة الدخل كدفعة أولى قابلة للزيادة .
بوابة إلكترونية
وحول الخدمات الإلكترونية قال العثيمين، لا يوجد موقع إلكتروني للصندوق حالياً، لكننا نعد لذلك بعد التوقيع مع شركة متخصصة لإنجاز بوابة إلكترونية للصندوق، وتجري الآن المراحل النهائية لإنجازها وإطلاقها، لتكون نافذة وقناة تواصل مهمة وسهلة بين الصندوق وبين كافة الجهات والهيئات المعنية، والأفراد من المواطنين والراغبين في الاستفادة من برامجه .
وستتضمن البوابة الإلكترونية كل المعلومات والبيانات والتفاصيل المتعلقة بالصندوق، وبرامجه وكيفية الاستفادة منها ومن هم المستحقون للاستفادة منها، كما سيتولى الموقع الرد على الأسئلة والاستفسارات التي يطرحها المواطنون حول هذه البرامج وآلية الاستفادة منها، وأضاف العثيمين قائلاً "في تقديري أن الموقع سيحقق نقلة مهمة للتواصل مع المستفيدين ويحقق المزيد من الانتشار لأهداف ورسالة الصندوق، وبلوغ الغايات التي تأسس من أجلها".
فروع جديدة
ويؤكد العثيمين على أن النظام الأساسي للصندوق يجعل مقره الرئيسي مدينة الرياض، إلا أنه لا يمنع إنشاء فروع في مناطق المملكة، لتؤدي نفس أهداف الصندوق للمستفيدين في المناطق، وحتى لا نجشمهم عناء الانتقال للرياض للاستفادة من برامج ومساعدات الصندوق، ولأن تأسيس فروع بالمناطق يدخل في نطاق استراتيجية الصندوق كي تتمكن من تقديم الخدمات المطلوبة للمواطنين المستفيدين في المناطق بالسرعة اللازمة وبسهولة، "فإننا بالفعل في صدد تأسيس عدد من الفروع في مناطق المملكة ذات الاحتياج الملح لخدمات الصندوق".
خمسة عوامل رئيسية للفقر في المملكة
تعد دراسة الدكتور راشد الباز أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والتي سبق أن نشرتها "الوطن" الدراسة المرجعية الوحيدة التي يعتمد عليها معظم الباحثين في مجال الفقر، حيث أوجزت ملامح الفقر في السعودية في النقاط التالية:
- البطالة: يشير إلى أن نسبة البطالة تمثل 8.5 % من إجمالي قوة العمل الوطنية، فيما ترفع المصادر الدولية هذه النسبة إلى 12% وهذا يعني وجود ما يقرب من مليون عاطل عن العمل من إجمالي القوى العاملة.
2 - ارتفاع عدد المتقاعدين ممن يتقاضون معاشات محدودة: فعلى سبيل المثال تشير إحصاءات مؤسسة معاشات التقاعد إلى أن عدداً من مشتركي قطاع العسكريين تقل رواتبهم الشهرية عن 3 آلاف ريال سعودي. وأظهرت إحدى الدراسات أن غالبية المبحوثين من المتقاعدين أكدوا أن المعاش التقاعدي غير كافٍ لتلبية احتياجات الأسرة.
كما أظهرت دراسة ميدانية أخرى عن المتقاعدين في المملكة أن 40% منهم لا يملكون مسكناً خاصاً بهم، كما أن غالبية المتقاعدين في عينة الدراسة (58%) يعيشون في بيوت شعبية أو شقق.
3 - ضعف معاشات الضمان الاجتماعي السنوية التي يتقاضاها المستفيدون: والتي تتراوح ما بين 5400 ريال للفرد العائل، و 16700 ريال للأسرة المكونة من سبعة أفراد. يُضاف إلى ذلك ضعف مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل؛ إذ تقدر نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة بأقل من 6%.
4 - انخفاض القدرة الشرائية للفرد والأسرة: فارتفاع تكلفة المعيشة في المملكة مقروناً بثبات الأجور في القطاع العام الذي يمثل الموظف الأول للقوى العاملة الوطنية (80% من العمالة الوطنية في القطاع العام) أدّى إلى مواجهة كثير من الأسر صعوبات في تأمين احتياجاتهم.
5- ارتفاع نسبة الفئة المستهلكة في المملكة: فإذا عرفنا أن هناك فئات في المجتمع غير منتجة -كفئة صغار السن الذين تبلغ أعمارهم عن 16 سنة فأقل، وفئة القوى غير العاملة من البالغين، وهاتان الفئتان تشكلان 75% من السكان، بينما تبلغ الفئة المنتجة 25%، وإذا أخذنا في الاعتبار أن نسبة كبيرة من الـ25% هم من أصحاب الدخول المتدنية- فسندرك حجم مشكلة الفقر في المملكة.