مدينة الملك عبد الله للطاقة كخيار اقتصادي واستراتيجي
د. عبد العزيز بن حمد القاعد
انبثق عهد جديد للولوج إلى التقنية المتقدمة حيث الاستخدام السلمي للطاقة النووية، بالإرادة الملكية الكريمة بإنشاء مدينة للطاقة النووية والمصادر البديلة ليمتد عطاء قادة الوطن لخدمة المملكة وأبنائها. لا شك أننا تأخرنا قليلاً في هذا المضمار، لكن الوصول متأخراً خيرٌ من ألا نصل أبداً. بواكير هذا المشروع الوطني المتقدم تمثلت في مجموعة خيرة من الأساتذة الأفاضل الذين تتلمذوا على استخدام هذه التقنية في جامعة ميزوري الأمريكية وهي من الجامعات العريقة في هذا الشأن حيث تمتلك مفاعلاً خاصاً بها، ومن المؤكد أن جامعاتنا العريقة تزخر بأمثال هؤلاء الباحثين عن فُرص العطاء لهذا الوطن الكريم. اقتصاد الطاقة إجمالاً يهدف إلى استخدام كل الوسائل والطرق بهدف زيادة مردود استخدام الطاقة مع المحافظة على عدم الهدر وإبقائه عند مستوياته الدنيا بحيث لا يكون هناك تأثير على معدلات النمو الاقتصادي من خلال إحداث توازن ما بين إنتاج السلع والخدمات وبجودة عالية ضمن الاستخدام الفعال للطاقة المتاحة وفي إطار تكاليف معقولة ومقبولة. غير أنه من الممكن القول، إن الطاقة بكافة مصادرها وبالأخص النفط، الغاز، والفحم الحجري عماد الأنشطة الاقتصادية اليوم سواء كانت إنتاجية أم استهلاكية وبالتالي تسهم بشكل مباشر في رفاهية الإنسان، إلا أن هذه الرفاهية يقابلها تكاليف يجب أن يدفعها المجتمع للحصول على هذه المصادر. الحصول على الطاقة النووية لم يعد ترفاً ترفل في أثوابه الأمم سواء المتقدم منها أو النامي، بل أصبح ضرورة اقتصادية مُلحة تمليها الظروف الاقتصادية العالمية. فالزيادة السكانية وبشكل متسارع تتطلب مزيدا ومزيدا من الطاقة الكهربائية من المصادر التقليدية من أجل توفير الاحتياجات الاستهلاكية الصناعية والخدمية ما سيرفع الطلب المحلي مستقبلاً من النفط الخام من أجل توفير الطاقة المطلوبة، ففي المملكة من المتوقع أن يرتفع الطلب ليصل إلى حوالي 1,5 مليون برميل من النفط الخام يومياً في غضون السنوات العشر المقبلة وبالتالي سيحرمنا فرصة الاستفادة من توظيف العوائد النفطية المتوقعة في مجالات استثمارية إنتاجية واعدة، ناهيك عن كونها مصادر ناضبة وتحتاج إلى مزيد من الاستثمارات الرأسمالية الهائلة من أجل زيادة رصيدنا الحالي منها. وبنظرة إلى مصادر الطاقة الأخرى من شمسية، رياح، الأمواج البحرية، فمن ناحية التكلفة فلن تكون بأقل من التكاليف الرأسمالية لإنشاء أو تشغيل مفاعلات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية، من جانب آخر، نلحظ أن الدول العربية وبالذات الخليجية تفتقر إلى مصادر مياه دائمة وعليه فإن تحلية مياه البحر ستكون أكثر واقعية من خلال تشغيل محطات تحلية المياه المالحة والتي تُدار بالطاقة النووية. تؤكد آراء الخبراء أهمية وضرورة استخدام الطاقة النووية ذات الحرارة العالية في استخراج النفط وذلك من خلال صهر البترول المتجمد في الصخور كونه يتطلب درجات حرارة عالية وهذه لا تتأتى إلا من خلال الطاقة النووية، يضاف إلى ذلك استخدامات الطاقة النووية العديدة في القطاعات المختلفة كالزراعية والتي تفتقر لها المنطقة العربية عامة ما يساعد بشكل كبير على المساهمة في دفع التنمية الزراعية إلى الأمام. ومن الموضوعية الإشارة إلى أنها ستسهم بشكل كبير في عمليات تحلية المياه المالحة، فمن حيث المبدأ فالطريقة المُتبعة في المملكة تتم عن طريق البخار الذي تقوم بإنتاجه محطات توليد الكهرباء وهذه تعتمد على النفط، حيث إن تحلية المياه تعتمد على ثلاثة مصادر رئيسية النفط، الطاقة الشمسية، والطاقة النووية. إنشاء محطات كهربائية تُدار بالطاقة النووية مع وجود غلايات للأبخرة تساعد على تحلية المياه، ما يرفع عنا أعباء استخدام النفط لتوليد الكهرباء اللازمة للتشغيل إضافة إلى توفير كميات أكبر من المياه التي قد تذهب إلى استخدامات أخرى أكثر أهمية سواء كانت زراعية أم صناعية. بيد أن الإحساس الفعلي بارتفاع تكاليف الطاقة بدأ بعد حرب 1973م عندما انخفضت إمدادات النفط للدول المستهلكة وبشكل حاد ما دفعها إلى تبني سياسات ترشيدية من خلال ضرائب الكربون التي تسوق لها هذه الدول على أنها علاج للأضرار الناجمة من استخدام النفط على البيئة. على الجانب الآخر نجد أن المفاعلات النووية الحديثة التي تم تطويرها لتكون أكثر ملاءمة من ناحية التكاليف التأسيسية والتشغيلية، حيث الوقود التشغيلي لها يختلف عما كان عليه في السابق ومتوافر بكثرة ويُسمى (الثوريوم) مع عدم إمكانية إنتاج البلوتونيوم، وكذلك محدودية تأثيراتها على البيئة والمناخ من ناحية العوادم الغازية الضارة. ونظراً لأهمية الدور الذي تقوم به الطاقة النووية إلا أن المستقبل لا يلغي أهمية النفط والغاز من ناحية رخص التكاليف واتساع رقعة الاستخدام حيث يوفر 80 في المائه من الطاقة المستهلكة عالمياً، بل المستقبل سيزيد الاعتماد عليه بجانب بدائل أخرى للطاقة السهلة الاستخدام وقليلة التكاليف والأضرار على البيئة والمناخ كالطاقة النووية. إذاً سيكون بمقدورنا العمل الجاد على تطوير الطاقة الشمسية، بجانب الاستفادة المباشرة من المصادر الأخرى آخذين في الحُسبان العائد والتكلفة التي يدفعها المجتمع التي تتضمن الآثار الخارجية الضارة لمصادر الطاقة وتكلفة علاج الآثار الخارجية من خلال إيجاد منتجات خالية من الأضرار الخارجية، وهذه لا شك تلعب دوراً أساسياً في القرار الاستراتيجي في الاستخدام.
أسمنت حائل سيدعم كافة مشاريع المنطقة
الأمير سعود بن عبد المحسن
نحمد الله تعالى أن وفقنا لإنهاء إجراءات تأسيس شركة أسمنت حائل, حيث سيتم الانتهاء من الإجراءات الرسمية كافة لإنشاء الشركة وتسجيلها في وزارة التجارة والصناعة، كما نحمده كثيرا على الانتهاء من المراحل الفنية الأولى اللازمة لبدء تشغيل مصنع أسمنت حائل وسنحتفل سويا غدا الأربعاء في الغرفة التجارية الصناعية في حائل بتوقيع العقود الرسمية بين الشركاء والشركة الصينية الفائزة بعقد تنفيذ المشروع البالغة قيمته 200 مليون دولار في حضور وزير التجارة والصناعة وممثلين عن الهيئة العامة للاستثمار وهيئة سوق المال.
ولقد وضعنا نصب أعيننا من بداية فكرة إنشاء الشركة أهمية إتاحة الفرصة أمام الأهالي للمساهمة في مصنع أسمنت حائل بطرح 50 في المائة من أسهمها للاكتتاب العام, حيث يتجاوز رأسمال الشركة مليار ريال بطاقة إنتاجية خمسة آلاف طن أسمنت يوميا, وهو ما يعادل 1.5 مليون طن سنويا. وقد انتهت بحمد الله من أعمال اللجنة التأسيسية للشركة التي قامت بها اللجنة التأسيسية, إضافة إلى المستشارين المالي والقانوني والفني للمشروع الذين تم التعاقد معهم في الثاني والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) 2008. وليس من قبيل الصدفة تزامن انطلاق المشروع مع بدء الأعمال التنفيذية لمدينة حائل الاقتصادية، بل هو أمر قد خططنا له كي تتكامل الجهود كافة من أجل إنشاء المشروع وتوفير عوامل النجاح والقوة له. والعمل جار حاليا على قدم وساق في إنشاء خط السكة الحديدية لربط مصنع أسمنت حائل بخط سكة حديد الشمال ــ الجنوب، الذي يمر بالمدينة الاقتصادية، التي بدأت الأعمال الإنشائية فيها كأول مدينة اقتصادية سعودية تمتلك ميناء عالميا جافا. كما أنه بدأت بالفعل أعمال إنشاء مطار حائل الدولي ضمن أعمال مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل ليوفر الدعم اللوجستي ليس لمصنع أسمنت حائل وحسب, بل للمشروعات الاقتصادية الكبرى كافة في منطقة حائل. وإنني باسم أهالي منطقة حائل أرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله ورعاه ـ وسمو نائبه وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز ـ سلمه الله ـ وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز أسمى آيات الشكر والتقدير, حيث كان لدعمهم ومؤازرتهم الفضل الكبير في أن تخطو حائل خطوات كبيرة نحو تنمية اقتصادها وتوفير الرفاهية لمواطنيها .هذا ونسأل الله تعالى أن يكلل جهد أبناء حائل المخلصين بالتوفيق والبدء في قطف ثمار هذا المشروع الحيوي الكبير الذي سيعود بالخير على المنطقة بأسرها ويعتبر رافدا مهما من روافد صناعة الأسمنت في المملكة.
الشق أكبر من الرقعة
فواز حمد الفواز
«دائما هناك حل أسهل لكل مشكلة بشرية – حل جذاب ومقبول وخطأ»
هـ. ل. منكن
هذه المقولة لكوميدي أمريكي توفي عام 1956 تذكرني بتعاملنا مع مسألة الطاقة، تبادر إلى ذهني هذه العبارة بعد أن تحدثت واستمعت إلى خطاب رئيس شركة أرامكو المهندس خالد الفالح في مناسبة العشاء السنوي لخريجي جامعة MIT. تحدث المهندس خالد عن شركة أرامكو بإسهاب وكفاءة العارف المهتم، ولكن ماشدني أكثر في كلمته هو مدى إدمان الاقتصاد السعودي على الطاقة «المسترخصة». ذكر أن استهلاك المملكة بلغ 3.4 مليون برميل من النفط المكافئ يوميا في عام 2009. هذا الرقم يعادل إنتاج العراق وقطر واليمن مجتمعة. والأدهى والأمر أنه سوف يصل إلى نحو 8.3 في عام 2028 إذا استمرت الزيادة في الاستهلاك على المستوى نفسه طبقا لما ذكر الفالح وأعتقد أنه متفائل قياسا على الماضي. ولا تقف الأمور هنا، بل إن كفاءة استخدام الطاقة لدينا من أقل الدول في العالم على الإطلاق وهذه تقاس بكمية الاستهلاك لكل وحدة دخل قومي، بل إنها في تحسن في الصين وأمريكا وعندنا في تدهور.
سوف تجد من يبسط الأمور كما ذكر منكن – سوف يُذكر أن النفط متوافر لدينا بكميات كبيرة، وأنه ليس هناك مواصلات عامة، ولذلك ليس هناك مشكلة، ولكن هذا الحل دائما خطأ كما ذكر منكن لعدة أسباب رئيسة. أولها، علينا تحديد التوازن الصحي بين دور النفط كمصدر تمويل أساسي للميزانية أو أنه فرصة استهلاكية نتسابق جميعا في صرفها في أسرع وقت ممكن. ثانيا، حقيقة أن اعتماد النظام الاقتصادي برمته على سعر مصطنع للطاقة يسهم في خلق اقتصاد ضعيف ويشوه الفرق بين اقتصاد صفته الأساسية مالية واقتصاد حقيقي أساسه الإنتاجية والمعرفة وشتان بين الاثنين. ثالثا، وذات ارتباط عضوي مع السبب السابق ينبع من حقيقة أن استرخاص أهم مصدر اقتصادي لدينا يسهم مباشرة في تخفيض مستوى التربية والتعليم وبالتالي التأثير المباشر في الطاقات البشرية التي هي الوسيلة والغاية لبناء مجتمع حديث، حيث إنه له أثر تربوي في الإهمال والإسراف وفي قدرتنا على فرز من يعرف ومن لا يعرف. رابعا، وهي علاقة غير مباشرة ولكنها مهمة فلقد شوهنا دور «أرامكو» فهل هي شركة كبيرة ومؤثرة في مجال الصناعة النفطية أو الطاقة أم أنها مشروع تنموي يدخل في كل صغيرة وكبيرة وشتان بين الدورين؟! وهنا أوجدنا سبباً لـ «أرامكو» ألا تكون شركة نفط تستطيع تصدير خبرتها ومعرفتها المتراكمة عالميا، خاصة أن «أرامكو» أكبر شركة ومثال يفترض أن يحتذى به.
لم نواجه هذه المسائل بصراحة وبالتالي لم نتعمق مجتمعيا وعلى جميع المستويات في إيجاد الحلول الصحيحة. لذلك أتى حلنا مبسطاً وجذاباً وخطأ: ترخيص أسعار الطاقة.
وضعنا رئيس «أرامكو» أمام الحقيقة المرة ونوه إلى خطوات إيجابية عملية للتعامل مع هذا الموضوع الشائك مثل تأسيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة واستطاعة «أرامكو» في تخفيض استهلاكها الخاص وخطوات أخرى بحثية بالتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث في الطاقة الشمسية والتنقيب عن الغاز المكلف، ولكن هذه الحلول تتميز إما بالجزئية غير المؤثرة في المدى المنظور أو البعيدة المدى. ولكن الحجم وعمق المشكلة وعمقها لا يتحملان هذه الأنواع من الحلول ولكنه لم يذكر حلاً وتركها للمستمعين للتروي والتفكير. فالحل كما ذكرنا مجتمعي ولذلك هو أكبر من «أرامكو».