لماذا أرسل الله النبي الأكرم
صلى الله عليه وآله وسلم؟
وفد نفرٌ من أهل العراق
على الإمام زين العابدين عليه السلام،
فقالوا في أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ،
فلما فرغوا من كلامهم،
قال لهم الإمام زين العابدين عليه السلام:
ألا تخبروني..
أنتم المهاجرون الأولون:
{ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ
يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا
وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) }؟
قالوا: لا،
قال: فأنتم:
{ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ
يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ
وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }؟
قالوا: لا،
قال:
أما وقد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين
فأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم:
{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ
يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ
وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا }
اخرجوا عني فعل الله بكم [1].
لو كان أبو بكر منافق لماذا لم يحاول قتل النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
وهما وحدهما في طريق الهجرة؟!
لماذا لم يكشف أمره إلى كفار قريش
وكانوا على مقربة منهما؟!
الغريب أن هؤلاء المنافقين – كما يذكر الشيوخ –
لم يحاولوا ولو مرة واحدة قتل النبي
صلى الله عليه وآله وسلم
أو القيام بانقلاب على حكومته.
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعظم شخصية
في التاريخ الإنساني يفشل في دعوته فشلاً ذريعاً،
ويرتد الناس بعد موته،
بل وينافقه أصحابه في حياته
وهو الطريد الشريد المستضعف!
بينما ينجح غيره ممن هو أقل شأناً منه في دعوته
ويكون له آلاف الأتباع المخلصين،
ويكون المجتمع محباً له في عهده
ويبقى مخلصاً له بعد موته!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
[1] - كشف الغمة في معرفة الأئمة للأردبيلي ( 2 / 291 ).
</B></I>