فتوى الشيخ عبدالرحمن السحيم في الموضوع
أولاً : أسباب المغفرة كثيرة ، وهي لا تنحصر في هذه الطُّرُق ، إلاّ أن يُراد أن هذه الطُّرُق من أساب المغفرة عن طريق بعض الأذكار ، والذي يظهر أنه قُصِد ما وَرَد فيه " مثل زبد البحر " ، وإلاّ فقد تُرِكت أحاديث صحيحة فيها ذِكْر المغفرة .
ثانيا : بعض هذه الأحاديث ضعيفة ، والحديث لضعيف لا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز العمل به .
ثالثا : إليك بيان درجة هذه الأحاديث :
1 – " من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وحمد الله ثلاثا وثلاثين ، وكبَّر الله ثلاثا وثلاثين ، فتلك تسعة وتسعون ، وقال تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ؛ غُفِرَت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " . رواه مسلم .
2 – " من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة ؛ حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله وبحمده مائة مَرة ، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلاَّ أحد قال مثل ما قال ، أو زاد عليه .
3 – عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قال لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله ؛ كُفِّرَتْ ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر . رواه الإمام أحمد .
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن ، لكن اختلف في رفعه ووقفه ، والموقوف أصح . اهـ .
أقول : وإن كان الموقوف أصحّ ، إلاّ أن مثل هذا لا يُقال مِن قَبِيل الرأي ، فلَه حُكم المرفوع .
4 – " من سبح الله تعالى دبر كل صلاة مكتوبة مائة مرة، وهلل مائة مرة، وكبر مائة مرة، غُفِرت ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر " .
هذا حديث ضعيف .
ذكر المزي في " تحفة الأشراف " أن النسائي أخرجه في " عمل اليوم والليلة " عن أحمد بن نصر، عن مكي بن إبراهيم ، عن يعقوب بن عطاء ، عنه به . ز - قال حمزة بن محمد الحافظ : هذا يعقوب بن عطاء ابن أبي رباح ، روى عنه شعبة وغيره وفي حديثه لِين ، وهذا الحديث لا أعلم أحداً رواه عنه غير مكي . والله أعلم . اهـ .
وضعّفه الألباني في " سلسلة ألأحاديث الضعيفة " .
فلا يَصِحّ العَمَل به ، ولا تَصِحّ نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
5 – " من سبح الله دبر صلاة الغداة مائة تسبيحه، وهلل مائة تهليله، وكبر مائة تكبيرة، غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر " .
وهذا أيضا حديث ضعيف ، ضعّفه الألباني في " سلسلة ألأحاديث الضعيفة " .
6 – " من قال حين يأوي إلى فراشه : لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاَّ الله ، والله أكبر ؛ غَفَر الله ذنوبه أو خطاياه - شَكّ مِسْعَر – وإن كان مثل زبد البحر " . رواه ابن حبان ، وصححه الألباني .
7 – " من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يسبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر " رواه أبو داود ومن طريقه البيهقي ، وضعفه ابن عبد البر والألباني .
8 – " من قال بعد الفجر ثلاث مرات، وبعد العصر ثلاث مرات: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، كفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " ، وضعفه الألباني .
وصحّ من حديث ابن مسعود رضي الله عنه بلفظ : من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، وأتوب إليه ، ثلاثا غُفِرت ذنوبه ، وإن كان فَارًّا من الزحف . رواه الحاكم ، وصححه ، ووافقه الألباني .
9 – " من حافظ على شفعة الضحى غفرت له ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر" رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه . وضعفه الألباني والأرنؤوط .
10 – " ما على الأرض أحد يقول : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله ؛ إلا كُفِّرَت عنه خطاياه ، ولو كانت مثل زبد البحر " رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي في الكبرى ، وحسنه الألباني . وقال الأرنؤوط : إسناده حسن إلا أنه اخْتُلِف في رفعه ووقفه ، والموقوف أصح . اهـ .
أقول : وإن كان الموقوف أصحّ ، إلاّ أن مثل هذا لا يُقال مِن قَبِيل الرأي ، فلَه حُكم المرفوع .
11 – " ما من عبد يقول حين يَردّ الله إليه روحه : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ؛ إلاَّ غَفَر الله له ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر " رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " ، وضعفه الحافظ ابن حجر .
وهو ضعيف جدا .
12 – " من قال صبحة يوم الجمعة قبل صلاة الغداة : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، ثلاث مرات ، غَفَر الله ذنوبه ، ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر " رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " ، والطبراني في الأوسط ، وضعفه الحافظ ابن حجر .
وقال الألباني : ضعيف جدا .
وهو إلى الوضع والكذب أقرب .
13 – " من قال حين يأوي إلى فراشه : استغفر الله الذي لا إله إلاَّ هو الحي القيوم وأتوب إليه ، ثلاث مرات غَفَر الله له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ، وإن كانت مثل رمل عالج ، وإن كانت مثل عدد ورق الشجر " رواه الإمام أحمد والترمذي .
قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف جدا .
وضعفه الألباني .
14 – " من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر "
مُكرر لِمَا سبق في رقم ( 2 ) .
15 – " من صلى بعد المغرب ست ركعات حُطّت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر "
بُيِّن ضعفه ، ولذلك لا يجوز العمل به .
وقد رواه الطبراني في المعجم الصغير . وضعفه الألباني .
16 – " إن المسلم إذا لقي أخاه المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما تتحات الورق من الشجرة اليابسة في يوم ريح عاصف ، وإلاَّ غُفِر لهما ولو كانت ذنوبهما مثل زبد البحر " رواه الطبراني ، وقال الألباني : ضعيف جدا .
وثبت ِبِلفظ : " إن المسلم إذا صافح أخاه تحاتت خطاياهما كما يتحات ورق الشجر"
قال الألباني : صحيح لغيره .
17 – " كلمات من ذكرهن مائة مرة دبر كل صلاة : الله أكبر ، سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم لو كانت خطاياه مثل زبد البحر لمحتهن " رواه الإمام أحمد . وضعفه الألباني ، وقال الأرنؤوط : إسناده ضعيف .
وينبغي أن يُعلَم أن مغفرة الذنوب في مثل هذه الأحاديث ليست لأصحاب الجرائم ، ولا يجوز الاعتماد على مثل ما جاء في هذه الأحاديث بحيث يُسوِّغ الإنسان لنفسه الوقوع في العظائم بِحُجّة أن الذنوب مُكفّرة بمثل هذه الأذكار والأعمال .
وفي شرح حديث " من قال : سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطت خطاياه ، وإن كانت مثل زبد البحر " نقل الحافظ ابن حجر عن ابن بطال حكاية عن بعض العلماء أن الفضل الوارد في حديث الباب وما شابهه إنما هو لأهل الفضل في الدِّين والطهارة مِن الجرائم العِظام ، وليس من أصرّ على شهواته وانتهك دين الله وحُرماته بِلا حَق بالأفاضل المطهرين في ذلك ، ويشهد له قوله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) انتهى .
وينبغي أن يُعلَم أنه لا يجوز أن يُنسب القول أو الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يتم التأكّد مِن صِحّته .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم