[ابن ابي محمد]

أيها الأخوة والأخوات الأكارم , اثيوبيا سبق أن زرتها فوجدتها عالما عجيبا وغريبا يعج بالمتناقضات والمتضادات , كثافة سكانية (أكثر من سكان مصر) وانهار وأمطار ولغات شتى تزيد على الثمانين , وعادات وتقاليد واعراف تصعب على الحصر مع اخلاط من الأديان أهمها المسيحية والأسلام وعبادة الأوثان ..
اغلب الناس هناك يعيشون تحت كل خطوط الفقر في عوز وعري ومسغبة , يعيشون على تلك الحال هم وكثير من جيرانهم الأحباش في كل من الصومال وارتريا لبينما أغلب اهل جزيرة العرب الذين لا يفصلهم عنهم سوى البحر الأحمر يرفلون في الثراء الذي لا شك أن بعضه فاحش , وما آمن من نام شبعانا وجاره جائع , ومشكلة الأثيوبي التي تتفاقم معها كل مشاكله , هي أنه صاحب أنفة واعتزاز بالنفس يدفعانه للأنتقام حالما يذل او يشعر بالأهانة والأحتقار , وما من عجب من كل ذي أنفة أذا سلك مثل ذلك أو أكثر فالذئآب والأسد أذا تضورت جوعا بحثت عن الطرائد والفرائس...
قضية تدفقهم على سلسلة جبال السروات والساحل الغربي ستزداد عاما بعد عام لأن تهريبهم الى اليمن ميسور وتسللهم من اليمن الى السعودية أيسر , وأذا رحل منهم أناس سيحل محلهم آخرين من المهاجرين الجدد ومن العائدين بعد الترحيل , ولو ان لي من الأمر شيء لسمحت لمن يشتغلون عندهم بكفالتهم دون أي رسوم تذكر حتى نقنن وجودهم ونعينهم على كسب أقواتهم ...
والسؤال الذي يجب أن يتبادر الى ذهن كل مؤمن ومؤمنة قبل أي شيء آخر , ما الذي يوجبه الله علينا تجاه مثل هؤلاء الضيوف واللاجئين الذين ما دفعهم لهجر ديارهم الجميلة وانهارهم الكثيرة وترك اهلهم وأحبائهم الغاليين عليهم وراءهم سوى الحاجة والعوز والفقر ؟؟...
ما واجبنا الذي يوجبه الله علينا تجاههم يا معاشر السيدات والسادة؟؟؟..
نعم , أن من بينهم من قتل او سرق او زنا وباع الخمور وارتكب الفواحش والفجور , وتلك جرائم تقشعر منها الأبدان ولكنها قضية أخرى يتوجب علينا معها أن لا نؤاخذ محسنا بمسيء بسببها ولا مقيما بضاعن فما كان لوازرة أن تزر وزر أخرى , وما كان ليغيب عن وعينا وضمائرنا حقيقة أن الرفق ما حل في شيء ألا زانه ولا نزع من شيء الا شانه , وان من رحم من في الأرض رحمه من في السماء , وأن الدنيا دول من سره فيها زمن ساءته أزمان , ولا يدوم على حال بها شأن , وان الأحرى بنا والأنفع لنا ترك الأحباش ما تركونا , والله أعلم , وشكرا ...