رد : الاخبار الاقتصادية ليوم الاحد10جماد الاول 1428هـ الموافق 27/5/2007م
دراسة عسكرية تدعو إلى تفعيل دور جمعية متقاعدي القوات المسلحة
شهادات المتقاعد العسكري لا تعكس خبراته المكتسبة وتعيق انخراطه في القطاع الخاص
دعت دراسة أعدتها الإدارة العامة لشؤون المتقاعدين بالقوات المسلحة إلى إعادة النظر في مسألة عدم تضمين شهادة الخبرة العسكرية للخبرات التي اكتسبها العسكري اثناء خدمته بما يقلل من فرص حصوله على وظيفة مدنية بعد تقاعده.
وقالت الدراسة أن كل عام يشهد إحالة عدد من العسكريين إلى التقاعد لأسباب متعددة يقع في مقدمتها بلوغ السن النظامي الذي ترتكز آلية تحديده على مبدأ الحفاظ على الشكل الهرمي للجهاز العسكري وهو ما يدعو إلى حالة ضباط وأفراد الى التقاعد في وقت يكون لديهم الكفاءة والقدرة على العطاء، وبرغم ذلك تتضاءل امامهم فرص ممارسة هذا العطاء في القطاع الخاص لأسباب عدة قد تؤدي إلى اصابة بعضهم بالاحباط والشعور بأن المجتمع قد أدار لهم ظهره بعد أن فنيت سنوات عمرهم وزهرة شبابهم في خدمة الوطن.
وحددت الدراسة التي نشرت في مجلة التقاعد الصادرة عن المؤسسة العامة للتقاعد في عددها ال (19) أسباب تضاؤل الفرص إلى ثلاثة عوامل يختلف تأثير كل منها في تحديد حجم الفرصة للعسكري المتقاعد بحسب مؤهلاته وخبراته والمواقع التي خدم فيها والعوامل هي:
1- عوامل اجتماعية:
وتتضح أكثر في أن العسكري يخدم في مواقع مختلفة من المملكة ويتنقل من منطقة إلى اخرى ومن بيئة اجتماعية إلى غيرها حسبما تقتضيه حاجة العمل دون أخذ رأيه في معظم الأحيان فهو ما أن يثبت في مكان ما ويبني قاعدته وعلاقاته الاجتماعية في ذلك المكان حتى يصدر أمر بنقله إلى مكان آخر، وهكذا.. وبذلك تنتهي خدماته بعد سنين طويلة، ولكنها موزعة على جميع أنحاء المملكة فيكون له قاعدة علاقات اجتماعية عريضة ولكنها هشة، فلا يكاد والناس يألفونه حتى يرحل عنهم إلى غيرهم، فإذا انتهت خدماته يجد نفسه في معظم الأحيان محاطاً بقاعدة من الأصدقاء هم في الغالب رفقاء وزملاء العمل، بينما تكون علاقاته برجال الأعمال سطحية جداً - إن وجدت - ولا تسمح لهم بمعرفة قدراته وما يمكن أن يقدمه من خدمات في القطاع الخاص ما تتضاءل معه فرصة حصوله على عمل بعد التقاعد.
2- معوقات تنظيمية:
وهي الاجراءات المتبعة في وزارة الدفاع والتي تحول دون منح العسكري المتقاعد شهادة خبرة تعكس بشكل صحيح الخبرات المكتسبة في القوات المسلحة، ولا تزيد شهادة الخبرة عن تحديد تاريخ الالتحاق وتاريخ الاحالة إلى التقاعد وربما سبب الاحالة ورقم الأمر السامي بالاحالة، وهذا يشكل عقبة كبيرة في طريق العسكري المتقاعد فمهما كانت الرتبة التي انتهى اليها قبل التقاعد فإن النظرة العامة للعسكري المتقاعد انه محترف فقال - أي لا يجيد شيئاً سوى فنون القتال واستخدام الاسلحة، وقد تكون هذه النظرة منذ قرن من الزمان عندما كانت الحرب تعتمد على السيف والفروسية والقوة البدنية، غير أن القوات المسلحة الآن لا تقل تعقيداً عن المنشآت الصناعية ويمر العسكري خلال مدة خدمته بظروف تقنية كثيرة التعقيد ويمارس مهام إدارية لا تقل عن مثيلاتها في المنشآت التجارية والصناعية الكبرى الحديثة غير أن ذلك كله لا ينعكس في شهادة الخبرة الممنوحة له والتي عادة ما تختصر كل خبراته وتجاربه المكتسبة وشهادته العلمية في سطرين، الاسم والتاريخ والأمر المستند اليه في الاحالة للتقاعد.
3- نقص المؤهلات المدنية
كثير من العسكريين المتقاعدين، وجدوا فرصاً لتحصيل العلوم والمعارف التي يحتاج اليها القطاع الخاص في أثناء خدمتهم، وكثير منهم حصلوا على درجات علمية مدنية في أثناء وجودهم في الخدمة ولكن هذا لا يمنع أن تكون هناك شريحة أكبر من العسكريين المتقاعدين الذين لم يجدوا هذه الفرصة والذين قضوا حياتهم وأفنوا سنوات عمرهم في الخدمة العسكرية دون أن تتاح لهم بعض الفرص التي اتيحت لزملائهم من خلال المواقع التي خدموا فيها، وفي هذه الحالة نجد أن القطاع الخاص يحتاج إلى مهارات ومعارف يفتقر اليها هؤلاء، ما يقف عقبة في سبيل الاستفادة منهم، وبالتالي تتضاءل الفرصة امامهم للحصول على وظائف في الحياة المدنية وأهم هذه المعارف والمهارات هي الشؤون المالية والتسويق.
ففيما يخص الشؤون المالية فقلما نجد موقعاً في القطاع الخاص لا يحتاج إلى المام بعلم المحاسبة للتعامل معه وفهمه وتحليله وعرضه.. فإذا نظرنا إلى العسكري المتقاعد الذي كانت معظم خدمته ميدانية أو عملياتية، نجد انه قلما يتعرض لمواقف من هذا النوع، وبالتالي قد يخدم العسكري سنوات طوال ويحال للتقاعد وهو لا يفقه في الأمور الأساسية في الشؤون المالية.
أما جانب التسويق فإن العسكري لا يحتاج في اثناء خدمته إلى المهارات التسويقية، وبالتالي فهو لا يتدرب عليها ولا يكتسبها بحكم الوظيفة، وتنتهي حياته الوظيفية في السلك العسكري ويحال للتقاعد وهو لا يكاد يتقن شيئاً من هذه المهارات التي لا يستغني عنها معظم العاملين في القطاع الخاص.
وأوصت الدراسة بايجاد آلية تنبثق عن الإدارة العامة لشؤون المتقاعدين بالقوات المسلحة، وقد يكون انشاء جمعية لمتقاعدي القوات المسلحة بحسب الأفكار المطروحة في الوقت الحاضر مناسباً لهذا الغرض وسيكون من مهمات الجمعية المذكورة في التغلب على المعوقات المذكورة على النحو التالي:
- المعوقات الاجتماعية:
تعمل الجمعية كحلقة وصل بين القطاع الخاص ومجتمع المتقاعد، لتقيم الحفلات والمنتديات، التي يجتمع فيها المتقاعدون ويدعى لها رجال الأعمال وبالامكان اعطاء رجال الأعمال الفرصة للحديث عن منتجاتهم وتقديم الانجازات عن شركتهم لهذه الشريحة من المجتمع، وبالتالي تؤدي هذه اللقاءات خدمات تسويقية لرجال الأعمال وخدمات اجتماعية للمتقاعدين.
- المعوقات التنظيمية:
تحال ملفات المتقاعدين العسكريين إلى الجمعية التي تقوم بدراسة الملف واستخراج الخبرات الإدارية والمالية والفنية التي يمتلكها العسكري المتقاعد ورصدها في سيرته الذاتية، وهذا ممكن دون الاخلال بالطبيعة السرية للاعمال العسكرية ولكن يستخرج منها الخبرات بمعرفة أشخاص لهم علم وخبرة بهذه الأعمال وبالتالي تخرج السيرة الذاتية للعسكري المتقاعد بشكل يعكس اعماله وخبراته دون أن يكون في ذلك اخلال بالأمن العسكري.
- معوقات النقص في المؤهلات المدنية: أوصت الدراسة جمعية متقاعدي القوات المسلحة باقامة دورات تعليمية في المجالات التي يفتقر اليها بعض العسكريين المتقاعدين ويمكن للجمعية العمل كوسيط بين المتقاعد والمؤسسة التعليمية أو يمكنها عقد الدورات بامكاناتها الذاتية من خلال بعض العسكريين المؤهلين سواء أكانوا متقاعدين أم في الخدمة.
|