السعودية تقترح تأسيس نظام عربي موحد للتجارة الإلكترونية وتنظيم العقود والمعاملات المتعلقة
حجم التجارة الإلكترونية في الدول العربية لا يتعدى 1 في المائة

الرباط: لطيفة العروسني الرياض: «الشرق الأوسط»
اقترحت السعودية ضرورة تكوين نظام عربي موحد للتجارة الإلكترونية واستحداث تنظيم العقود والمعاملات المتعلقة، حيث أكد الأمير بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين ورئيس فريق التحكيم السعودي أن ذلك بات أمرا ضروريا وسط أهمية إجراء تعديلات في بعض التشريعات القائمة مثل القوانين الجمركية والضريبية وقوانين سوق المال والبورصات والقوانين الجنائية.
ولفت الأمير بندر في كلمة له أمام ندوة دولية عقدت اخيرا في المغرب بعنوان «حول التجارة الإلكترونية والتحكيم» بتنظيم المركز الدولي للتوفيق والتحكيم بالرباط ومشاركة فريق التحكيم السعودي، إلى أن التجارة الإلكترونية تطورت وساهمت في تطور مجالات أخرى تكاملت مع الأنشطة الاقتصادية الأخرى وخلق تحول من الوسائل التقليدية إلى وسائل متقدمة.
وأكد الأمير أن التجارة الإلكترونية باتت واقعا يفرض نفسه على المستوى الدولي ويكتسب أهمية متزايدة من مزايا وانتشار عبر وضع القواعد التي تساعد على تذليل العراقيل التي تمثل عقبة في طريق تطوير وانتشار التجارة الإلكترونية وتمددها لبعض الدول النامية، مبينا أن الحاجة ماسة لخلق الثقة والمصداقية لرفع إجراء التعاملات الإلكترونية وكذلك الحاجة لوضع قواعد جديدة للتجارة الإلكترونية.
ووصف الأمير بندر تلك القواعد بأهمية أن تكون متسمة بالحداثة والمرونة والدولية للتماشي مع خصائص وصفات التجارة الإلكترونية وتطوير بعض النصوص في التشريعات القائمة إضافة إلى قوانين مقررة كما هي القواعد الموحدة للسلوك في مجال التبادل التجاري الدولي بالاشتراك مع الغرفة الدولية والأنكتاد واللجنة الاقتصادية لأوربا التابعة للأمم المتحدة.
وأفاد رئيس فريق التحكيم السعودي أن من بين الضروريات المتواكبة مع تطورات التجارة الإلكترونية هي قواعد سند الشحن الإلكترونية، والقواعد القانونية والتجارية للتبادل الإلكتروني، والقانون النموذجي للتجارة الإلكترونية، مشددا على أهمية التسليم بالعمل التشريعي المنظم بدأ مع إصدار القانون النموذجي في نسق لا يتعارض مع تشريعات قبل إصدارها تحقيقا للانسجام والتوافق بين التشريعات المختلفة.
وقال الأمير «الدور المهم والفعال للتحكيم في منازعات التجارة الإلكترونية يتمثل في الحسم الفوري لمنازعات التجارة الإلكترونية»، لافتا إلى أن تطور الحياة الاقتصادية وازدياد التجارة الدولية وإبرام العقود والأعمال القانونية باستخدام التقنية الإلكترونية أدى إلى التفكير في تسوية المنازعات باستخدام نفس التقنية دون الحاجة إلى وجود أطراف النزاع في مكان وحسمها بسرعة وأقل نفقات مع مراعاة الضمانات الأساسية للتقاضي خاصة ما يتعلق بحقوق الدفاع وتثبيت قرارات التسوية».
وأوضح الأمير بندر أن من أمثلة التطورات الإلكترونية الجديدة تنفيذ عمليات الحسم والتفاوض والوساطة والتوفيق والتحكيم من خلال الاتصال الإلكتروني واستخدام تقنية المعلومات في إنجاز إجراءات التقاضي أمام المحاكم».
واكد المشاركون في ندوة حول «معاملات التجارة الالكترونية والتحكيم الالكتروني» التي نظمها أمس في الرباط المركز الدولي للتوفيق والتحكيم، بتعاون مع فريق التحكيم السعودي، على ضرورة إيجاد الحلول للقضايا الشائكة التي تطرحها التجارة الالكترونية، خصوصا في حال وقوع النزاعات بين الاطراف المتعاقدة، في ظل توجه الأسواق العالمية والمحلية نحو تفضيل إجراء التعاملات التجارية من خلال الانترنت، الأمر الذي يفرض على جميع المؤسسات مواكبة التغيرات حتى لا تفقد عملاءها.
وتشير الدراسات التي تمت على الأسواق العربية إلى أن حجم التجارة الالكترونية بين الدول العربية يقدر بنحو 95 مليار دولار. ومن المتوقع ان يصل خلال السنوات الاربع المقبلة الى 100 مليار دولار بالنسبة لحجم تعاملات الافراد والهيئات.
واستعرض المشاركون في الندوة أهمية التعامل التجاري الالكتروني الذي أحدث متغيرات واضحة على الأسواق فيما يتعلق بأساليب التسويق والاتصالات ووسائل الدفع التقليدية، وكذلك في مجال النقل والتأمين وشكل المستندات، والأدوات والاجهزة المستخدمة. وترتب عن ذلك سرعة النفاذ إلى الأسواق، وانخفاض تكاليف التسويق، وسرعة تبادل المعلومات، إلا أنه برزت مجموعة من المشاكل والصعوبات التي تعترض التجارة الالكترونية، خاصة التناقض بين نطاق الحماية الاقليمية وبين الطابع العالمي للشبكات المطروح عليها التعامل في تلك الحقوق، ومن هنا بدأ التفكير في انجاز اجراءات الطرق التقليدية لتسوية المنازعات، مثل التفاوض والوساطة، والتوفيق، والتحكيم من خلال شبكات الاتصال الالكتروني، بل اكثر من ذلك اتجه البحث حول امكانية استخدام تقنيات المعلومات والاتصال في انجاز اجراءات التقاضي أمام المحاكم. وقد تبنت العديد من التنظيمات الاقتصادية العالمية والاتحادات المهنية الاساليب الالكترونية في تسوية منازعات التجارة الدولية.
من جهته، اعتبر عبد الوهاب الباهي، رئيس مركز تونس للمصالحة والتحكيم، في مداخلة حول موضوع «حل نزاعات التجارة الالكترونية عن طريق الانترنت»، أن من بين أهم الاسباب التي تعرقل انتشار التجارة الالكترونية بشكل واسع، هو غياب قانون دولي يتعلق بحل النزاعات المتعلقة بهذا المجال، وأن هناك حاجة ملحة الى آلية ملزمة تحمي الاطراف المتنازعة، لذلك يتسم حل نزاعات المعاملات التجارية الكترونيا بالمراوحة والحذر، لما تطرحه من اشكالات قانونية وفنية كذلك. واذا كانت معظم الدول قد وضعت قوانين مناسبة للتجارة الالكترونية، فإنها واجهت صعوبات عملية لتطبيق هذه القوانين، كما قال، من بينها كثافة المعاملات، عدم معرفة الاشخاص بعضهم ببعض، وعدم ارتياح البعض منهم للبعض الاخر، وعدم معرفة مكان ابرام العقد، وعدم استيعاب القانون المادي للعمل القانوني الافتراضي، والطبيعة الدولية للانترنت.
واستعرض سامي الهواري، مدير الشرق الاوسط وأفريقيا لغرفة التجارة الدولية، تجربة الهيئة الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية، في مجال فض النزاعات عن طريق الانترنت، وهو ما يعرف بنظام «نت كيز» الذي يوفر الأمان والسرية والسرعة، بحيث يمكن من نقل المعلومات مشفرة وبشكل فوري، ويتميز بقدرة كبيرة على التنظيم، والاستغناء عن حمل الوثائق والمستندات، ويوفر اقتصادا في التكاليف. وأشار الى انه من بين العراقيل التي تعترض التحكيم الالكتروني، غياب التشريع في مجال الامضاء الالكتروني والتصديق على الوثائق، الا انه اكد على ان المستقبل سيكون زاهراً في هذا المجال في غضون السنوات العشر المقبلة.