العبودي مدير عام شركة محمد عبد العزيز الراجحي في حوار مع "الاقتصادية":
أوقفنا تأسيس مشروع "أسمنت الوسطى" بسبب"العراقيل" و "البيروقراطية"
- حوار: علي العنزي - 03/06/1428هـ
أبلغ "الاقتصادية" المهندس عبد العزيز بن صالح العبودي مدير عام شركة محمد عبد العزيز الراجحي وأولاده، أن شركته أوقفت العمل في مشروع مصنع الأسمنت الذي كانت الشركة تعتزم تأسيسه في منطقة الرياض تحت اسم "اسمنت الوسطى" برأسمال يتجاوز الـ 200 مليون ريال بعدما انتهت من إعداد جميع دراساته الاقتصادية، وأرجع مدير عام الشركة أسباب وقف العمل في المشروع إلى ما سماه "عراقيل متعمدة" و"بيروقراطية".
وأكد العبودي أنه سيتم شطب سجل المصنع من وزارة التجارة والصناعة بشكل رسمي، بعد أن تم إنهاء جميع التعاقدات التي تمت مع عدد من الشركات الأجنبية في هذا الخصوص، مقدرا حجم الخسارة المبدئية التي من المحتمل أن تتحملها الشركة من جراء إلغاء المشروع بنحو خمسة ملايين ريال قيمة دراسات الجدوى الاقتصادية والتسويقية والفنية.
وبين العبودي في حوار له مع "الاقتصادية" أن القطاع الصناعي "يصارع المجهول" بسبب قلة الأيدي العاملة الوطنية المدربة التي قابلها عقبة وقف التأشيرات بحجة تقليص حجم الاستقدام من الخارج، الأمر الذي ترتب عليه حدوث خسائر كبيرة حركت هذا القطاع نحو "غرفة الإنعاش" ـ على حد قوله.
وأشار العبودي إلى ارتفاع أسعار مواد البناء وعلى رأسها الأسمنت، لم تكن مبررة، وهي عبارة عن تجاوزات من قبل بعض التجار وبعض المصانع، مستدلا على ذلك بتدخل وزارة التجارة والصناعة لوقف ارتفاع الأسعار في هذه المنتجات وإلزام التجار بالعودة إلى الأسعار التي كانت عليها قبل موجة الارتفاع المفتعلة. إلى نص الحوار
ـ وردت أنباء مفادها أن شركة محمد عبد العزيز الراجحي وأولاده، صرفت النظر عن مشروع تأسيس مصنع أسمنت الوسطى الذي كانت قد أعلنت الشركة عن إقامته في منطقة الرياض، ما ردكم على ذلك؟
نعم صحيح، لقد قرر مجلس إدارة الشركة إلغاء مشروع مصنع الأسمنت والذي كان مخططا لإنشائه في المنطقة الوسطى، وشطب سجله التجاري، وذلك بعد أن قطعت الشركة شوطاً طويلا في تنفيذ جميع المتطلبات اللازمة لقيام المشروع، مثل: دراسات الجدوى الاقتصادية والتسويقية والفنية، وكذلك التعاقد مع عدد من الشركات العالمية المتخصصة في تنفيذ هذا المشروع العملاق.
عراقيل
ـ ما الأسباب الحقيقية التي دعت إلى إلغاء المشروع؟
الأسباب واضحة، وهي في معظمها "عراقيل" تمثلت في إجراءات وقرارات مفاجئة الغرض منها تحجيم المشروع وعدم الترخيص للمحجر اللازم لإقامة المصنع، باعتبار أن المصنع يعتمد أساساً على المحجر لاستخراج المواد الخام. وقد اشترطوا علينا أن يقام المصنع داخل إحدى المدن الصناعية، في الوقت الذي لا يوجد نظام في العالم يشترط إنشاء مصانع الأسمنت في المدن الصناعية، حيث إن جميع المشاريع القائمة حالياً سواء داخل المملكة أو خارجها تقام على أساس موقع المحجر.
وعندما درسنا هذا الأمر وجدنا أنه من غير الممكن أن يكون المصنع داخل المدن الصناعية، هذا فضلاً عن أن اشتراط وجود المصنع داخل المدن الصناعية وبعده عن موقع المحجر يترتب عليه زيادة في تكلفة الإنتاج لضرورة توفير الخدمات اللوجستية كالنقل من المحجر إلى المصنع ونواحي السلامة ومشاكل الطرق والخدمات وغيرها، حيث رأت الشركة أنه غير مجد اقتصاديا.
ومن جانب آخر تخوفنا جدا من تعطل العمل في المشروع بعد إنشائه نتيجة "البيروقراطية" والتشديد غير المنطقي في استخراج التأشيرات، وهو الأمر الذي عانينا منه كثيرا في معظم مشاريع الشركة.
خسارة 5 ملايين
ـ كم مقدار المبلغ الذي كان مرصودا للمشروع، وما مقدار الخسائر التي تكبدتها الشركة نظير إلغائه؟
الحقيقة أن الشركة رصدت للمشروع ميزانية إجمالية قدرت بنحو 200 مليون ريال، إذ إنه كان من المقرر أن تكون الطاقة الإنتاجية للمصنع نحو 1.2 مليون من الكلنكر سنويا.
أما الخسائر التي تحملتها الشركة بسبب إلغاء المشروع فهي تتجاوز خمسة ملايين ريال، وهي عبارة عن قيمة دراسات الجدوى الاقتصادية والتسويقية والفنية.
فك الاحتكار من الشركات المساهمة
ـ ما تصوركم عن مشروع مصنع الأسمنت الذي كنتم تعتزمون إنشاءه قبل أن تواجهكم كل هذه العراقيل ـ حسب حديثك؟
الحقيقة كان الهدف من إقامة المشروع والحصول على الترخيص كأول شركة عائلية تدخل في صناعات الأسمنت، هو فك الاحتكار لهذه الصناعة التي لا تزال مقصورة على الشركات المساهمة،في سبيل الاستفادة من الطفرة العمرانية التي تشهدها المملكة، خاصة بعد المشاريع العملاقة التي أعلنت عنها الحكومة أخيراً والتي من أهمها المدن الاقتصادية في عدد من المناطق، إلى جانب المشاركة في المشاريع العقارية العملاقة التي تجتاح دول الخليج.
وكان من المحفزات الأساسية لنا أيضا في إقامة مشروع الأسمنت هو المصلحة العامة والمتمثلة في تلبية حاجة السوق المحلية الملتهبة من هذا المنتج من جراء ما تشهده المنطقة منذ مدة من أزمة أسمنت خانقة سببها نقص المعروض في السوق المحلية والذي جابهته زيادة الطلب وفتح استيراد الأسمنت من الخارج لتغطية الطلب المحلي، وكذلك أعمال الصيانة للمصانع القائمة حالياً، ما ترتب عليه رفع الأسعار بشكل كبير، إذ إن إقامة مثل هذا المصنع سيسهم في زيادة المعروض وبالتالي سيؤثر إيجابا في الأسعار.
لكننا في النهاية نأسف لجميع عملائنا وشركائنا لعدم تلبية رغباتهم بالمضي قدماً في تأسيس هذا المشروع وتوفير الأسمنت للمستهلك بما يتناسب مع التكلفة الحقيقية له وبالأسعار المعقولة.
ارتفاع الأسعار غير مبرر
ـ تحدثتم عن مشكلة ارتفاع أسعار مواد البناء في السوق المحلية وعلى رأسها الحديد والأسمنت، ما تقييمكم للمشكلة؟
إذا ما تحدثنا عن ارتفاع إسعار الحديد تحديدا هو ناجم عن ارتفاع عالمي، أما فيما يتعلق بارتفاع الاسمنت وبعض منتجات مواد البناء الأخرى، فأعتقد أنه غير مبرر، والدليل على ذلك تدخل الدولة لوقف الارتفاع وعودة أسعار الأسمنت إلى مستواها الطبيعي.
"مصارعة المجهول"
ـ ذكرت أيضا أن مشاريع الشركة تتعرض لعراقيل، ما هذه العراقيل؟
أقصد هنا معضلة عدم توافر أيد عاملة وطنية مدربة ومؤهلة للعمل في القطاع الصناعي، يقابلها عقبة وقف التأشيرات من قبل وزارة العمل بحجة تقليص حجم الاستقدام من الخارج، الأمر الذي يترتب عليه حدوث خسائر كبيرة في حركة الإنتاج، وهذا الأمر سيسهم بشكل كبير في دفع القطاع الصناعي إلى "مصارعة المجهول"، وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه فإن هذا القطاع سيتجه إلى "غرفة الإنعاش".
والحقيقة أن هناك الكثير من القرارات التي تقوم بها الجهات المعنية ضد تطور القطاع الصناعي تحت اسم تطوير الأنظمة، ونحن لسنا ضد التطوير لكننا نريد أن يكون هذا التطوير مدروسا يسهم في رقي القطاع الصناعي ويسهم في نموه يتواكب مع دخول المملكة لمنظمة التجارة العالمية لا يتسبب في تعثر المشاريع ولا يضر باستثمارات القطاع الخاص أو يكبلها.
"ففي كثير من الأحيان تجد أن ملف الشركة مقفل بشكل فجائي لدى مكتب العمل دون سابق إنذار، وعندما يتم التحقق من الأمر تجد أن المسألة لا تستحق هذا العقاب بأن يتم وقف الحاسب الآلي للشركة والذي قد يكون له تبعات تكلف الشركة ملايين الريالات، وتعطل كذلك مصالح العاملين في الشركة.
مشاريع متعثرة
ـ هل لدى الشركة بالفعل مشاريع متعثرة بسبب نقص العمالة؟
نعم، لدينا الكثير من المشاريع المتعثرة بسبب عدم توافر العمالة، وعلى رأسها "مصنع العاصمة للكتل الحديدية" في محافظة جدة التابع لشركة محمد بن عبد العزيز الراجحي، لقد تجاوزت استثمارات هذا المشروع الـ 1.5 مليار ريال، لكنه للأسف متعطل بسبب التعقيدات التي نواجهها في استخراج التأشيرات لتشغيل هذا المشروع الحيوي والذي تم الانتهاء من تشييده منذ مطلع هذا العام. كما أننا لم نتمكن من تشغل المصنع بطاقته الكاملة بسبب عدم الحصول على التأشيرات من مكتب العمل واستطعنا تشغيله بـ 25 في المائة فقط من طاقته، وهذا يعني أنه لن يحقق أرباحا لأن هذا النوع من المصانع إذا لم يعمل بكامل طاقته قد يتعرض لخسائر لأن تكلفة تشغيل الأفران عالية جدا ولا بد من تشغيلها بشكل مستمر لتغطية التكاليف التشغيلية إذ إن إيقافها من وقت إلى آخر مكلف جدا على الشركة.
علما أن هذا المشروع حقق نسبة السعودة بنسبة فاقت الـ 70 في المائة، وقد تم ترشيحه لنيل جائزة الأمير نايف للسعودة، نتيجة أدائه المتميز في مجال استقطاب وتوظيف العمالة الوطنية بما خوله لدخول المنافسة مع باقي المنشآت المرشحة للجائزة.
محاسبة المحسن بذنب المسيء
ـ هل هناك مشاريع أخرى متعثرة لدى الشركة؟
أكرر لك مرة أخرى أن العقبة التي تواجهنا في جميع المشاريع هي عدم توافر الأيدي العاملة الوطنية، ووقف الاستقدام، وقد تضرر أيضا مشروع مصنع الجبس الذي أنشأته الشركة أخيرا في مدينة ينبع تحت اسم "مصنع الوطني للجبس" وهو جاهز للتشغيل حاليا لكنه تعثر بسبب عدم توافر العمالة الكافية.
ونحن ندعو أي مسؤول للوقوف على مشاريع الشركة والتثبت من ذلك، وعلى رأسها مصنع الحديد في جدة الذي تجاوزت نسبة السعودة فيه الـ 72 في المائة، وهنا أتساءل لماذا تتم محاسبة المحسن بذنب المسيء؟ فمثل هذا المصنع القائم الذي حقق نسبة سعودة كبيرة جدا، لماذا تتم مقارنته ببعض الشركات التي لم تطبق النسبة المطلوبة منها في هذا الخصوص ويحرم المصنع المتجاوب من أخذ كفايته من الاستقدام.
مركز وطني لتدريب السعوديين
ـ لقد مضى على مجموعة محمد بن عبد العزيز الراجحي وأولاده أكثر من نصف قرن وهي تعمل في القطاع الصناعي، كما أنها تملك عددا من الشركات الشقيقة، ما يعني أنها تحتاج إلى آلاف العمال، إذا لماذا لا تقيم الشركة مركزا خاصا بها لتدريب السعوديين على العمل في قطاعات الشركة المختلفة؟
أحب أن أقول لك إن لدينا في الشركة قناعة متأصلة على مستوى مجلس إدارة الشركة على رأسهم رئيس المجلس الشيخ محمد بن عبد العزيز الراجحي بتأهيل الشباب السعوديين وإعطائهم الفرصة للعمل في الشركة، والدليل وجود عدد من الكفاءات السعودية في الشركة تجاوزت خدماتهم الثلاثين عاما، والنقطة الثانية أن الشركة بالفعل اعتمدت أخيرا إنشاء مركز وطني للتدريب في جدة، وذلك بهدف تأهيل الشباب للعمل في الشركة، وقد تم الانتهاء أخيرا من الدراسات والتصاميم الخاصة بإقامة المباني الهيكلية للمشروع، ونأمل أن يخدم هذا المركز الوطني جميع قطاعات الشركة المختلفة.
تخوف متأزم .. ومشاريعنا مستمرة
ـ ختاما .. نود أن نعرف هل تعثر إقامة مصنع الأسمنت قد فرض عليكم تغيير استراتيجيتكم الاستثمارية، أو جعلكم تعيدون حساباتكم تجاه الفرص الاستثمارية المستهدف مستقبلا؟
لا، ليس بهذه الصورة تحديدا، نحن لا ننكر أن لدينا تخوفا متأزما من مسألة نقص العمالة وتقليص عدد التأشيرات التي تمنح لمشاريعنا القائمة والتي ستقام مستقبلا، إلا أن الشركة تسير في توسعاتها ولديها الكثير من الأفكار والدراسات الاستثمارية الجاهزة لإقامة العديد من المشاريع والتي نتوقع أن ترى النور قريبا خاصة في ظل الطفرة الاقتصادية التي تعيشها المملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والحكومة الرشيدة والدعم الذي نجده لذلك، وإننا كباقي المستثمرين الآخرين تظل لنا ولهم مطالب واحتياجات وتعترضنا عقبات من وقت لآخر لكننا على أمل في تجاوب المسؤولين، وهذا ليس بغريب عليهم كما عودونا على تقبل الملاحظات والبت فيها.