شائعة النقوش القديمة على سد السملقي

[رويعي الغنم]

هيكل في الطائف
بسم الله الرحمن الرحيم .
علمتم من ما سبق الهدفين الرئيسين اللذين من اجلهما شد هيكل رحمه الله الرحال وتوجه الى الطائف , وعلمتم بمن سيساعدونه في الوصول لهدفيه وهم ثلاثة من الرجال الأفاضل (رحمهم الله جميعا) واحد منهم أنضم اليهم بالطائف وهو الذي سيكون دليلهم جميعا خارج المدينة , وهو الشريف الشاعر حمزه الغالبي رحمه الله , فهل سينجح هؤلاء الثلاثة في ايصال هيكل لمبتغاه ؟ , ولمن اراد معلومات عن هؤلاء الثلاثة فليرجع الى المشاركة رقم (23) ..
والواقع أنهم نجحوا جزئيا في تحقيق الهدف الأول وهو أقتفاء أثره صلى الله عليه وسلم في دعوته وغزواته , واخفقوا في الثاني وهو اسماعه الفصحى على السنة اصحابها كما اراد هو ان يسمعها لا كما ارادوا هم أن يسمعوه , وقد انحى هيكل في كتابه باللائمة في ذلك على عبد الله فلبي قائلا , لم يعترض احد من الحاضرين على كلام فلبي فملت الى تصديقه .
وتحليلي أن الأدلاء وقبلهم عبدالله فلبي ووزير المالية ومضيفه امين العاصمة لم يفهموا أن هيكل كان مراده أن يسمع العربية الفصحى دونما لحن كما كانت تنطق في الجاهلية وصدر الأسلام , وهذا أخفاق من هيكل نفسه في أفهامهم مرامه قبل ان يكون أخفاقا منهم في تحقيق مراده , حيث أتصور أنهم ظنوا ان هيكل أنما اراد أن يسمع عربا أقرب للفصحى من أهل مكة , وحينئذ فأن من المتوقع بأن اول ما سيتبادر الى ذهن السامع هو أن بأمكان السائل (خصوصا من هو في قامة هيكل ومكانته العلمية الذي يظن فيه بأن لديه خلفية وقدر كبير من الألمام بالواقع الذي آلت وتردت اليه الفصحى) العثور على شيء من مبتغاه لدى قبائل هذيل وثقيف وقريش وغيرهم من القبائل التي تقع ديارهم ومنازلهم بين الجبال في نواحي الطائف حيث العزلة والأنغلاق الطبيعي الذي يحد من اختلاطهم بالأغراب وبالتالي يسهم في احتفاظهم بقدر كبير من الفصحى اكثر من غيرهم ...
هذه مقدمة اردت من كتابتها تهيئتكم فيما بعد لتفهم الفارق بين ما تطلع هيكل لمعرفته , وبعض ما أطلعه عليه مرافقوه من ما لا شأن له به ولا رغبة له فيه ..
والآن آن الأوان لأطلاعكم بأختصار على نبذ متفرقه عن بعض ما تعرف عليه الضيف خلال جولته :
اليوم الأول : في طريق قدومهم من مكة الى لطائف (طريق اليمانيه والسيل الترابي) مروا على مواقع تاريخية مهمة (كموقع غزوة حنين) ولكنهم لم يستطيعوا تحديدها بدقة ربما بسبب شح المعلومات لدى المرافقين , ثم بعد أجتيازهم للسيل الكبير ادركهم الليل وخيم عليهم الظلام وكانوا يحدثون ضيفهم عن اماكن مروا بها هم يعرفونها وهو لا يراها بعينه على الطبيعة بسبب الظلام الدامس , وظلوا كذلك حتى وصلوا الى مقر الأقامة (ببيت محمد سرور رحمه الله) قريبا من منتصف تلك الليله ..
اليوم الثاني : من مقر أقامة الضيف في قروى التي وصفها بأنها كانت يومها ضاحية من ضواحي الطائف , وانها الى زمن لم يكن ببعيد عن ذلك العهد كانت مليئة بالمزارع التي كان من ضمنها خمسة عشر بستانا من العنب ظهر بدء اندثارها واضحا للعيان..
من هناك ركب هيكل ومعه مرافقوه الثلاثه سيارتهم وتوجهوا من خلال طريق ترابي قصير يقع كله خارج المدينة اوصلهم في نهايته الى مسجد عبد الله بن العباس وقبور شهداء الصحابة رضي الله عنهم الواقعة الى الشمال من المسجد وقبر حبر الأمه المنفصل عنها قليلا , ثم دخلوا بعد ذلك المدينة مشيا على الأقدام من جهة اعلاها من ما يلي مسجد العباس الذي كان يقع خارجها , وعبروا سوقها حتى وصلوا الى مسجد الهادي , ومن هناك خرجوا وركبوا سيارتهم متجهين الى الضواحي شمال المدينة حيث مروا في طريقهم بضاحية شبره وضاحية نجمة الواقعة على ضفة وادي العقيق , وهناك انبهر الضيف وتملكته الدهشة من ما رأى في هاتين الضاحيتين من الجمال الخلاب والبساتين الغناء والطبيعة الآسرة حتى خيل اليه كما يقول وهو يعبرها وكانه انتقل فجأة من بلاد العرب كلها الى بعض الجوانب النضرة في نواحي من سويسرا ..
ويذكر فيما ذكر من الطرائف أن مسجد المحجوب الواقع بسفح جبل السكارى روي له أن محرابه محرر على القبلة بدقة متناهية لا تعادلها دقة في بقية محاريب مساجد الطائف , وذلك لأن السيد محجوب الميرغني هو من امر ببنائه , ولما أقام البناءون المحراب شك في دقة استقباله للقبله فقال لرئيس البنائين أصلح قبلتك , ثم مد امامه كم جبته وطلبه النظر من خلاله حتى رأى الكعبة وحرر قبلة المسجد على عين أتجاهها ..
ويعلق هيكل رحمه الله على هذه الرواية قائلا : وأنا اضع هذه الرواية تحت نظر القارىء , وليس لي منها الا حظ الناقل ... والرويعي بدوره يقول , أن ادلائك (رحمك الله واياهم وغفر لنا ولكم) رووا لك كل ما سمعوا به من الحقيقة ونصفها ظنا منهم بصحتها والى جوارها الخرافة والأسطورة كروايتهم لك عن هذا المحراب الميرغني الواقع في سفح جبل كان يؤمه السكارى , وفي بقية جولتك رضي الله عنك وعنهم سيروي لك أحدهم عن سد السملقي رواية أخرى عن نقش لم تره عينك لا أنت ولا مرافقوك حتى تقرأونه وتستوثقون منه وتذكرون ما جاء في نصه , ومع ذلك مضيت ورويت ما سمعته عن النقش من احد مرافقيك وأودعته في كتابك عفا الله عنك فأحدثتم بذلك زوبعة أتعبتم بها من بعدكم , وشد الرحال من أجلها علماء النقوش والآثار الأوربيون والأمريكيون قادمين من وراء البحار فلم يجدوا لما رواه صاحبك نصيبا من الصحه ..

وبعد جولتهم تلك عادوا مساء ذلك اليوم الى مقر الأقامة بقروى وفي أنتظارهم أمسية وليل طويل سيحيه خمسة عشر شاعرا بالقصيد والأنشاد والزهم والمجالسيات لعلهم بذلك يشفون غليل ضيفهم ويطفئون شيئا من تعطشه لسماع الفصحى التي لطالما تمنى سماعها تنطق طبيعية سلسة دون تكلف او لحون على السنة أصحابها واهلها الأصليين ..
والى ما قبل التحدث لكم عن تلك الأمسية وليلها الطويل نتوقف بكم , وفي مداخلات مقبلة أن شاء الله سنطلعكم على المزيد والمزيد , فتابعوا الأبحار معنا حتى نصل بكم الى بر السلامة والأمان ونكشف لكم خطأ تلك الأشاعه (النقش) التي من أجل دحضها كتبنا لكم هذه المقالة وما سبقها وما سيأتي من بعدها من مقالات , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...