تنويع غطاء العملة المحلية تنويع غطاء العملة المحلية تنويع غطاء العملة المحلية تنويع غطاء العملة المحلية تنويع غطاء العملة المحلية
ـ د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج 17/12/2008 أن الأزمة المالية التي انطلقت من أمريكا، وراحت تجول في كافة أنحاء المعمورة ناشرة معها شح السيولة وإفلاس العديد من المؤسسات المالية، هي الآن في طريقها لإعادة الالتفاف إلى أعلى، مثل الإعصار الهائج، والتحول إلى أزمة اقتصادية كونية خارجة عن سيطرة وتحكم كافة حكومات العالم. فبعد أن أصاب الركود الاقتصادي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان هاهو الدور يأتي على الصين والعديد من الاقتصاديات الناشئة.
الصين التي تعتبر إحدى القاطرات الضخمة للاقتصاد العالمي نلاحظ إن الأزمة قد تسللت إليها عبر التجارة الخارجية. فتقلص حجم الطلب على البضائع الصينية، جراء الركود الاقتصادي في الأسواق التقليدية التي تتعامل معها الصين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد أدى إلى انخفاض الصادرات الصينية في شهر نوفمبر الماضي بنسبة 2.2%، مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي وذلك لأول مرة منذ عام 2001. وهذا التقلص قد أثر على الناتج المحلي الإجمالي فتباطأ معدل نموه في الربع الثالث من هذا العام إلى 7.5%- وذلك بدلاً مع 9.3% في الربع الثالث من العام الماضي 2007. ونتيجة للعمل المضاعف والمعجل فقد تقلصت الواردات الصينية بنسبة 17,9%. حيث من المرجح استمرار هذا المنحى حتى يوليو من العام القادم.
كذلك فإن الهند، التي أخذ اقتصادها في السنوات الأخيرة ينمو بوتائر عالية، قد تأثرت مثل جارتها الصين بالأزمة الاقتصادية العالمية. فمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الهندي قد سجل في الربع الثالث من هذا العام أدنى مستوى له، منذ عام 2004، عندما لم يتجاوز نموه نسبة 7.6%، وذلك مقارنة مع 9.3% في الربع الثالث من العام الماضي 2007. ويعود السبب في تباطؤ الاقتصاد الهندي بصفة رئيسية إلى انخفاض حجم الصادرات وتباطأ الإنتاج الصناعي الذي نما في الربع الثالث من هذا العام بمعدل 5% فقط مقارنة مع 9.2% في نفس الفترة من العام الماضي. كذلك فقد تراجع معدل النمو الاقتصادي في بلدان جنوب شرق آسيا في النصف الثاني من هذا العام. ففي كوريا الجنوبية مثلاً انخفض مؤشر النشاط الصناعي المعدل في سبتمبر الماضي بنسبة 0.8%، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. كما أنه من المتوقع تراجع صادرات هذا البلد في الربع الأخير من هذا العام بنسبة14.2%. وهذا بدوره سوف يؤثر على الواردات بشكل كبير.
ونحن في منطقة الخليج قد لا نكترث مباشرة بإقدام الصين، الهند أو بلدان جنوب شرق آسيا على إلغاء العديد من العقود الموقعة مع أوروبا والولايات المتحدة وتقليصهم لمشترياتهم من طائرات الركاب وما شابهها بقدر ما نهتم بتقلص واردات هذه البلدان من مصادر الطاقة والهيدروكربونات. فالحديث هنا يدور عن أهم البلدان المستوردة لنفطنا ومنتجاتنا البتروكيماوية. ولذلك فبمقدار ما سوف يتباطأ نمو اقتصاد شركائنا التجاريين الرئيسيين بمقدار ما سوف تتقلص صادراتنا من النفط ومنتجات الصناعة الأساسية إليهم. وعلى هذا الأساس فإن علينا أن نكون مستعدين لانخفاض صادراتنا للصين وجنوب شرق آسيا بنسبة قد تتعدى ال 5%.
بيد أن هذا المشهد القاتم هو بالتأكيد ليس أمر دائم. فالعالم الصناعي وشبه الصناعي خلال العام والنصف المقبل سوف يتلمس طريقة نحو الخروج من الأزمة الاقتصادية. كما أن ارتفاع صرف الدولار أمر مؤقت- فرضه شح السيولة ولجوء العالم وقت الأزمة إلى عملة الملاذ التقليدية لإجراء حساباته مع بعضه البعض. ففي ظل التردي الذي يشهده الاقتصاد الأمريكي جراء عجز الحساب الجاري والميزانية وتركم الدين القومي من الصعب على الدولار أن يبقى مرتفعاً. ولذلك فإن سعر العملة الخضراء سوف يكون معرضاً، في الفترة القادمة، للانخفاض وذلك على النحو الذي شهدناه في النصف الأول من هذا العام. فإذا صحت هذه التوقعات فإن سعر الصادرات النفطية سوف يرتفع من جديد مدفوعاً بانخفاض سعر صرف العملة الأمريكية من ناحية وتزايد الطلب من قبل الاقتصاديات التي سوف تكون وقتها قد بدأت بالخروج تدريجياً من الأزمة الاقتصادية من ناحية أخرى. وهذا قد يعني ضمن ما يعني إن الفترة الحالية قد تكون أنسب الأوقات للبلدان المنضوية ضمن منطقة الدولار، ونحن منهم، لتنويع غطاء العملة المحلية.