أوروبا تنتظر أوباما لترتيب أوضاع العالم المالية

[عثمان الثمالي]

أوروبا تنتظر أوباما لترتيب أوضاع العالم المالية أوروبا تنتظر أوباما لترتيب أوضاع العالم المالية أوروبا تنتظر أوباما لترتيب أوضاع العالم المالية أوروبا تنتظر أوباما لترتيب أوضاع العالم المالية أوروبا تنتظر أوباما لترتيب أوضاع العالم المالية

الاتحاد الإماراتية الجمعة 19 ديسمبر 2008 9:55 ص

الرئيس الأميركي المنتخب يختار سيدة لرئاسة لجنة الأوراق المالية

تزعمت اوروبا الجهود الدولية الرامية إلى ترتيب أوضاع العالم المالية بعد الازمة الحادة التي طاولتها عام ،2008 مستفيدة في ذلك من تراجع الدور الأميركي بسبب مسؤولية واشنطن في هذه الكارثة ووصول إدارة جورج بوش الى نهاية عهدها، غير انها تنتظر الان دخول باراك اوباما الى البيت الابيض لتحقيق الاصلاح فعلياً.
ولم تخيب اختيارات الرئيس الأميركي المنتخب توقعات العالم حيث قام باختيار شخصيات فعالة ذات خبرات مغايرة للمألوف في واشنطن، والتي سيكون أحدثها اختيار ماري شابيرو لترأس لجنة الاوراق المالية والبورصات.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اخيرا مبدياً اعتزازه "للمرة الاولى في التاريخ المالي، كانت خطط وضعها الاتحاد الاوروبي مصدر إلهام لاجراءات اتخذت في بلدان اخرى بما فيها الولايات المتحدة".
وضمن ساركوزي نجاح الرئاسة الفرنسية للاتحاد الاوروبي بفضل ادارته للازمة المالية في اوروبا، بعد المساعي التي بذلها لوقف النزاع بين روسيا وجورجيا في اغسطس الماضي غير ان الخطوات الاوروبية في مواجهة الازمة المالية بدأت شاقة، حيث اعتبرت الحكومات الاوروبية بغالبيتها الكبرى على مدى تسعة اشهر أن الأزمة المالية التي نشأت في الولايات المتحدة وتحديدا في قطاع القروض العقارية، تبقى شأنا اميركيا.
وحين طاول الاعصار مصارف القارة الاوروبية في سبتمبر الماضي بعد إفلاس مصرف ليمان براذرز، جاءت ردود فعل البلدان الاوروبية مشتتة ومبلبلة ولم تأخذ بالاعتبار انعكاسات خططها الوطنية لمساعدة القطاع المصرفي على الدول المجاورة لها.
غير ان خطورة الوضع حتمت في نهاية المطاف ردا منسقا وجماعيا قضى بتخصيص حوالى ملياري يورو لانقاذ النظام برمته، وقال جان بيساني-فيري مدير مركز بروغل للدراسات الاقتصادية في بروكسل "ينبغي عدم الانسياق للمفاخرة، فالاوروبيون وجدوا صعوبة في اعتماد موقف مشترك"، لكنه اضاف انه في نهاية الامر "اثبت الاوروبيون عن صفات قيادية وعة وحدة صف في ظل ظروف مؤاتية لهم مع اقتراب الادارة الاميركية من نهاية ولايتها"، معتبراً "انهم اثبتوا بما لا يحمل الشك عن جدارة على صعيد ضبط المالية الدولية".
وهذا الوضع سمح لهم بدفع الرئيس جورج بوش رغم تمنعه الى تنظيم قمة لدول مجموعة العشرين في نوفمبر الماضي في واشنطن لدرس امكانية ضبط النظام المالي بعد سنوات من المضاربة العشوائية اشاعت فيه الفوضى.
ولم تسفر هذه القمة بالطبع عن نتائج عملية وتم التخلي عن الطموحات الفرنسية بابرام اتفاقية جديدة شبيهة باتفاقية "بريتون وودز" التي وقعت عام 1944 واعادت ترتيب النظام المالي والنقدي العالمي برمته.
وتعتزم الدول الكبرى الان العمل على برنامج اصلاح يطبق في الاشهر الاولى من العام 2009 بعدما تكون الاوضاع تبدلت تماما في الولايات المتحدة مع انتقال مهام الرئاسة الى الديموقراطي باراك اوباما المؤيد لضبط الاسواق المالية، وهو ما لا يحظى بتأييد كبير من الرئيس الحالي.
والموعد المقبل المرتقب لاصلاح المالية الدولية سيكون في الثاني من إبريل الماضي مع انعقاد قمة جديدة لمجموعة العشرين في لندن، مقر اكبر البورصات الاوروبية، لكن يبقى السؤال مطروحاً عما إذا كانت بريطانيا الشديدة الليبرالية والتي توصي اليوم بمزيد من الضوابط، ستبدي النوايا الاصلاحية ذاتها في ربيع ،2009 وشكك جاك اتالي المستشار السابق للرئيس الفرنسي الاشتراكي فرنسوا ميتران في ذلك وقال اخيرا متحدثا للتلفزيون الفرنسي "ان تنظيم قمة حول الاصلاح المالي في لندن اشبه بعقد اجتماع لجمعية مساعدة مدمني الكحول في حانة".
وقالت مصادر مطلعة على عملية اختيار الادارة الأميركية الجديدة امس ان الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما اختار ماري شابيرو لترأس لجنة الاوراق المالية والبورصات في اطار سعيه لاجراء تغيير رئيسي في اللجنة التي تتعرض لانتقادات كثيرة.
وتشكلت اللجنة بعد انهيار البورصات عام 1929 بهدف مراقبة الاسواق واستعادة ثقة المستثمر وتعرضت لانتقادات بعد انهيار وول ستريت والفضائح المالية التي كشفت عن وجود ثغرات في مراقبتها.
وبعد انهيار بنكي الاستثمار بير ستيرنز وليمان براذرز وجه نواب انتقادات لاذعة للجنة وقالوا إنها المسؤولة عن مراقبة الشركات التي تمارس نشاطا تجاريا معلنا وكان يجب أن تكتشف المشاكل مسبقاً، وازدادت الانتقادات مع فضيحة احتيال استثماري بقيمة 50 مليار دولار وهي من اكبر العمليات من نوعها في التاريخ ويزعم ان المستثمر برنارد مادوف هو المسؤول عنها.
وتتولى شابيرو حاليا منصب الرئيس التنفيذي لادارة تنظيم القطاع المالي وهو جهاز تنظيم ذاتي لقطاع الاوراق المالية، وعملت كمفوضة للجنة الاوراق المالية والبورصات لمدة ست سنوات ثم أصبحت رئيسة لجنة المعاملات السلعية الاجلة عام 1994 في ظل إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون.
وإذا وافق مجلس الشيوخ الأميركي على اختيار شابيرو للمنصب فستحل محل الرئيس السابق للجنة كريستوفر كوكس الجمهوري الذي عينه الرئيس جورج بوش، ويسعى أوباما الذي يتسلم الرئاسة يوم 20 يناير المقبل إلى الانتهاء من اختيار أغلب شخصيات حكومته بحلول نهاية الاسبوع.
ويعمل أوباما على الانتهاء من اختيار مرشحه لمنصب وزير النقل، ويقول ديمقراطيون إنه عرض الوزارة على راي لحود وهو عضو جمهوري في الكونجرس على صلة بالرئيس الديمقراطي المنتخب ينتمي لولاية ايلينوي التي كان أوباما يمثلها في مجلس الشيوخ، وقد يعلن أوباما إسناد الوزارة للحود اليوم. وبإعلان أوباما اختياره لمن سيتولى رئاسة لجنة الاوراق المالية والبورصات وهي ليست جزءا من الحكومة الأميركية يعبر الرئيس القادم عن مدى اهتمامه باستعادة اللجنة لمكانتها.
ودعا أوباما إلى إجراء تغييرات واسعة في وكالات مراقبة وول ستريت لمنع أي أزمات في المستقبل وأضاف أن هيكل وكالات المراقبة من بين القضايا التي يجب بحثها لكنه لم يذكر شيئا على وجه التحديد، وبموجب أحد السيناريوهات التي يدعمها بعض النواب ستدمج اللجنة مع لجنة الاسعار السلعية الاجلة التي تراقب أسواق السلع مثل النفط والبن والسكر.
وقال كوكس أمس الاول إنه قلق من الطريقة التي تدير بها لجنة الاوراق المالية والبورصات قضية مادوف، وأشير إلى نشاطات مادوف منذ عام 1999 على الاقل كما تم لفت انتباه العاملين في اللجنة إليها مرارا لكنهم لم يوصوا المفوضين باتخاذ أي إجراء، وتعرض كوكس للوم بسبب مشاكل اللجنة لكن منتقدين يقولون أيضا إن قدراتها على التنفيذ والمراقبة تضررت كثيرا بخفض الميزانية.