الانتقال للخلف   منتديات بلاد ثمالة > البيت الكبير > منتدى التاريخ و التراث والموروثات الشعبية

 
منتدى التاريخ و التراث والموروثات الشعبية

يختص بالمواضيع التراثية والموروثات القديمة ـ بشكل عام ـ يمنع طرح المواضيع المنقولة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 06-16-2007
 
المستعين بالله ابوعبدالله
كاتب مبدع

  المستعين بالله ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 197
تـاريخ التسجيـل : 24-11-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 820
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المستعين بالله ابوعبدالله
افتراضي من الذكريات / الحلقة الأولى .

من الذكريات / الحلقة الأولى . من الذكريات / الحلقة الأولى . من الذكريات / الحلقة الأولى . من الذكريات / الحلقة الأولى . من الذكريات / الحلقة الأولى .

بسم الله الرحمن الرحيم

ألحمد والشكرلله , والصلاة والسلام على رسول الله , وآله وصحبه ومن والاه , وبعد :
ألزمان , عام 1379 هجريه , ألمكان , الفرعه بوادي السواعده ببلاد ثماله ,, يومها كنت صبيا لم أتجاوز السابعه , وكانت عادات قومي وطريقة معيشتهم لا زالت على أيقاعها القديم مثل ما كانت منذ قرون لم يطرأ عليها أي تغير يذكر ..
وكان ألدبى (بفتح الدال والباء) أذا حل بمجتمع رعوي وزراعي كمجتمع قومي عد واحدة من الكوارث الطبيعيه والفواجع ألأستثنائيه التي لا تنسى ويؤرخ بها الناس ,,, وما ذاك ألا لأن الدبى أذا حل بديار أحالها قفرا يبابا وقاعا صفصفا لا ترى فيها ثمارا تجنى ولا خضارا يرعى .
ألدبى الذي هو صغار الجراد قبل أن يكتمل نمو أجنحته حشرات تفترش ألأرض وتكسوها عندما تتحرك عليها مشيا وقفزا بشكل جماعي مشكلة بساطا واحدا متصلا غير منفصل لا يكاد الماشي أن يجد فيه موضعا لموطىء قدم واحدة , بساط كبير (بعرض وطول) يغطي عدة كيلومترات مربعة دفعة واحده , ولكثافة بساطه المتحرك في أتجاه واحد فلا تكاد ترى العين على ألأرض شيئا سواه وهو يدب في ازدحام شديد وحركة متواصله يغشى بعضها بعضا , وأذا أعترض طريقه سورا رفيعا أو أخدودا عميقا تراكمت ألأفواج اللاحقة على السابقة الى أن تشكل معبرا يمر من متنه اللاحقون على السابقين , لذلك كان الدبى يتكدس في ألأبار الواقعة في طريقه ويلوثها لتبقى من بعده فترة من الزمن منتنه غير صالحة لشرب أنسان ولا حيوان ..
أنه البلاء الزاحف المكون من حشرات شرهة تأكل كل نبت في طريقها حتى تمحو جل آثاره من على ألأرض ثم تتسلق ألأشجار وتأكل أوراقها والغض من أغصانها واللين من لحائها وتتركها وراءها هياكل لاتلبث أن تموت من بعدها .

وفي ما عدا الحكم الألاهيه التي لا يلم بها أحد سوى الله فليس هناك شيئا أيجابيا ظاهرا يتذكره الناس للدبى , فلا هو ذاك ألذي يؤكل كما يؤكل الجراد , ولا الذي يحل فجأة ثم يغادر بسرعة كالجراد ليخلف وراءه شيئا من الحياة النباتيه ,,, ولا هو ذاك الذي يمكن تنفيره وتطيره عن بعض الأشجار لتقليل ضرره كما يفعل الحماة مع أسراب الجراد..
كلا , فلا هذا ولا ذاك , وأنما يحل الدبى على الديارغازيا شرها بطىء الحركة ثقيل الخطا لا يخرج من ديار حل بها ألا بعد أن يفرغها من كل خضراء ويحيلها قاحلة جرداء ليبحث عن غيرها ليقتات على ما فيها الى أن يتم أكتمال نمو أجنحته ليتحول الى جراد طائر ,, أما أهل الديار فلم يكن في وسعهم بتلك ألأيام سوى ألأستسلام ومشاهدة الطوفان وهو يجتاح مزارعهم ويغمر مفالي بهائمهم والأنتظار الى أن ينكشف ما بهم ,, والمستفيد الأوحد في حدود ما أعلم بعض أصناف الطيور ألآكلة للحوم الحشرات وبعض الهوام كالأفاعي والعقارب وغيرها التي تخرج من ألأرض حالما يحل الدبى لتأكل من تلك الوجبة السهلة الوفيره ...

في ذلك الزمان(1379) وذاك المكان (الفرعه) صاح صائح من أهل المنطقه في ضحى أحد ألأيام مستصرخا ألأهالي شيبا وشبابا وصبيانا للتوجه حالا الى شعاف الجبال المطلة من الفرعة على أعالي شعاب النعامة واليسراء المنحدرة من قمم جبال الفرعة الى وادي عورش لأعتراض مقدمة الدبى الذي كان يسير بصعوبة متناهية لأرتقاء الجبال التي تطل رؤوسها من تهامة على شفا الفرعه ومحاولة صده لينكفىء ويعود على أعقابه من حيث أتى الى وادي عورش ووادي علق خلال المنحدرات الوعرة التي يسهل منها صده قبل أن يصل الى ألأرض ألأكثر أنفتاحا والأقل وعورة في الفرعه..

في ذلك اليوم شاهدت لأول وآخر مرة في حياتي طوفان الدبى وهو يلحف الأرض على مدى أمتداد البصر, ولوعورة المنطقة التي كان يحاول صعودها فقد كان لبساط الدبى ما يشبه رؤوس ألأسهم في أماكن متعدده من مقدمة البساط حيث قام الناس (صغارا وكبارا) يومها بأعتراضها وهشها ونشها بالعمائم والشجيرات لينكفىء وينحدرمن حيث أتى خلال منحدرات حاده شديدة الميول تتجهة الى أودية تهامه , وكان عندما نتصدى لمقدماته تنكفيء الى الوراء وينكفىء تبعا لها بقية البساط في منظر يذكرني بتكسر أمواج ألمياه ..

وبعد عناء كبير وساعات طوال تمكن المعترضون بمساعدة الهيئآت الطبيعيه من تغير أتجاه الدبى وعودته الى تهامه , وكان ذلك المشهد الفريد هو آخرمنظر تشاهده عينا المستعين بالله , أما أسراب الجراد الضخمه التي تحجب جزءا من أشعة الشمس لكثافتها فقد تكررت مشاهدتها بعد تلك الذكرى بسنوات قليله قبل أن تتعزز وسائل مكافحة أسراب الجراد , ثم أسدل الستار على تلك الظواهر الطبيعية ولم أشاهدها مرة أخرى مما يجعل الذاكرة تستحضر الحديث الذي جاء في معناه أن أمة الجراد أول ألأمم هلاكا , (1)..

فهل بدأ العد ألتنازلي للأمم الذي تضمنه الحديث ؟, علم ذلك عند علام الغيوب , ولكن الشواهد تجعلني ممن يميل الى هذا ألأعتقاد ..

سبحانك اللهم وبحمدك ,أشهد أن لا أله ألا أنت , أستغفرك اللهم وأتوب أليك .
رد مع اقتباس
قديم 06-16-2007   رقم المشاركة : ( 2 )
المستعين بالله ابوعبدالله
كاتب مبدع


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 197
تـاريخ التسجيـل : 24-11-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 820
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المستعين بالله ابوعبدالله


المستعين بالله ابوعبدالله غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من الذكريات / الحلقة الأولى .

(1) عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ قلّ الجراد في سنة من سني عمر التي ولي فيها فسأل عنها فلم يخبر بشيء فاغتم لذلك فأرسل راكباً فضرب إلى اليمن وآخر إلى الشام وآخر إلى العراق يسأل‏:‏ هل رأى من الجراد شيئاً أم لا‏؟‏ قال‏:‏ فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بقبضة من جراد فألقاها بين يديه فلما رآها كبر ثلاثاً ثم قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏


‏"‏خلق الله عز وجل ألف أمة ستمائة في البحر وأربعمائة في البر فأول شيء يهلك من هذه الأمم الجراد فإذا هلكت تتابعت مثل النظام إذا قطع سلكه‏"‏‏.‏
رواه أبو يعلى في الكبير وفيه عبيد بن واقد القيسي وهو ضعيف‏.‏
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 06-16-2007   رقم المشاركة : ( 3 )
أبو عبدالرحمن
المشرف العام

الصورة الرمزية أبو عبدالرحمن

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2
تـاريخ التسجيـل : 29-07-2005
الـــــدولـــــــــــة : وادي جفن
المشاركـــــــات : 17,068
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 4291
قوة التـرشيــــح : أبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادة


أبو عبدالرحمن غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من الذكريات / الحلقة الأولى .

ذكريات لا شك أنها منقوشة ...
ولكن شبيه بهذا المنظر تراه في بعض الدول ـ عبر التلفاز ـ

مشكور ـ أبو عبدالله ـ على هذا الوصف ...ونقل ما كان يدور من القبيلة في مثل هذه الأحداث..
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 06-16-2007   رقم المشاركة : ( 4 )
ابو عادل
شاعر وعضو فعال


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 512
تـاريخ التسجيـل : 30-06-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,772
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : ابو عادل محترف الابداع


ابو عادل غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من الذكريات / الحلقة الأولى .

المستعين بالله
مشكور على نقل الصورة لماكان يجري وبدقة
وكما كنا نسمع من كبار السن بأن الدبى كان بمثابة كارثة اقتصادية لاتبقي ولاتذر
حتى قال قائلهم :

والاعساها بحنان الدبى
.......................يرعى ثمرها مع الورقانية

كونه يعلم بمدى فداحة ماتخلفه تلك الآفة.
بارك الله فيك وننتظر مزيدا من الصور لمواضيع شتى عاصرتها أو نقل اليك وصفها من الكبار.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 06-16-2007   رقم المشاركة : ( 5 )
ابن محمود
ذهبي نشيط

الصورة الرمزية ابن محمود

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 7
تـاريخ التسجيـل : 31-07-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,255
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 1387
قوة التـرشيــــح : ابن محمود تميز فوق العادةابن محمود تميز فوق العادةابن محمود تميز فوق العادةابن محمود تميز فوق العادةابن محمود تميز فوق العادةابن محمود تميز فوق العادةابن محمود تميز فوق العادةابن محمود تميز فوق العادةابن محمود تميز فوق العادةابن محمود تميز فوق العادة


ابن محمود غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من الذكريات / الحلقة الأولى .

المستعين بالله
اشكرك على هذا الموضوع المتميز جداً الذي فعلاً استمتعت عندما قرأت سطوره

واتمنى ان اجد المزيد من المواضيع المشابة التي تعطينا تصويراً لما كان يحدث في الازمان السابقة

ولكم منى الف شكر والف تقدير


آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 06-16-2007   رقم المشاركة : ( 6 )
المبرِّد
عابر سبيل


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : 07-08-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,939
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : المبرِّد مبدع


المبرِّد غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من الذكريات / الحلقة الأولى .

بارك الله فيك
الأجداد عانوا الشيء الكثير .فاللهم ارحمهم واغفر لهم
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 06-17-2007   رقم المشاركة : ( 7 )
المستعين بالله ابوعبدالله
كاتب مبدع


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 197
تـاريخ التسجيـل : 24-11-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 820
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المستعين بالله ابوعبدالله


المستعين بالله ابوعبدالله غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من الذكريات / الحلقة الأولى .

ألأخوة ألأكارم : أبو عبدالرحمن , أبو عادل , ابن محمود , المبرد : أشكركم على الردود والتفاعل .
أبو عبد الرحمن : نعم لا زال الجراد موجودا خصوصا في البلدان المحاذية للصحراء الكبرى بأفريقيا , ولكنه الى أنحسار أمام حملة عالمية تستهدف أستئصاله كليا , ويسير وراءه كائنات أخرى قد أصبحت على حافة الأنقراض .
ابو عادل : سوف أستمر بعون الله في طرق مثل هذه المواضيع .
ابن محمود : أشكرك على مشاعرك الطيبه التي أعتز بها وتدفعني للمزيد .
المبرد : وبارك فيك والجميع أن شاء الله .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 06-17-2007   رقم المشاركة : ( 8 )
المستعين بالله ابوعبدالله
كاتب مبدع


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 197
تـاريخ التسجيـل : 24-11-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 820
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المستعين بالله ابوعبدالله


المستعين بالله ابوعبدالله غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من الذكريات / الحلقة الأولى .

نبذة عن الجراد
جاء في المعجم الوسيط (باب جَرَدَ): جرده ـ جرداً : قشره وأزال ما عليه.
ويقال: جرده من ثوبه: عرّاه. وجرد الجلد: نزع عنه الشعر، وجرد الجراد الأرض: أكل ما عليها من النبات فلم يبقِ منه شيئاً. وجرد القحط الأرض : أذهب نباتها. وجرد السيف من غمده: سلّه. وجرد القطن: حلجهُ. جرد المكان : خلا من النبات، فهو أجرد، وجرد، وجرد. وأرض جردة وجرداء. جرد الرجل: شرى جلده من أكله الجراد، فهو جرد. جرد الرجال: اشتكى بطنه من أكل الجراد. جُرد الزرع : أصابه الجراد، فهو مجرود، ويقال أرضٌ مجرودة : كثيرة الجراد.
الجراد(Locusts) يشترك مع النطاطات (Grasshoppers) في الانتساب إلى فصيلة الجراديات (Acridiidae) وهي التابعة لرتبة الحشرات مستقيمة الأجنحة (Orthoptere) في عالم الحشرات.
وتضم فصيلة أكريديدي أي الجراديات الكثير من أنواع الجراد والنطاطات التي تلحق الضرر بالمزروعات وتدمر الحاصلات الزراعية، سواء كان ذلك في قارة أفريقيا أم في قارة آسيا أم في مناطق أخرى من العالم، وعلى وجه الخصوص الجراد الصحراوي، وتنشر من الجراد أنواع مختلفة في مناطق متفرقة من العالم، منها على سبيل المثال:
الجراد الصحراوي (الرّحال) Schistocerca gregaria
الجراد الآسيوي المهاجرLocusta migratoria migratoria
الجراد الإفريقي المهاجرLocusta migratoria migratorioides
الجراد المصريAnacidium aegyptim
الجراد الأحمر Nomadacris septemfasciata
ويتكون جسم الجرادة من رأس وصدر وبطن، أما الرأس فيغلفها جلُيد سميك متصلب يسمى علبة الرأس (Head capsule)، وتوجد بها العيون المركبة والعيون البسيطة وقرناً الاستشعار (الزباني) وأجزاء الفم القاضمة. وتتكون علبة الرأس من مساحات تفصلها عن بعضها البعض حزوز أو دروز (Sutures)، وهي الجبة والدرقة والجداريّات والوجنة.
وأما الصدر فيتصل بالرأس عن طريق العنق، ويتكون من ثلاث عقل أو شدف، تحمل كل منها زوجاً من الأرجل المجهرية للمشي والوثب العالى.
أما الشدفة الصدرية الثانية والشدفة الصدرية الثالثة فيحمل كل منها زوجاً من الأجنحة الغشائية الواسعة المساحة.
وهي التي تتصل بالصدر عن طريق دواعم.
ويتحرك الجناحان بعضلات قوية ترفوف بقوة تمكن الجراد من الطيران لمسافات طويلة تقطع خلالها مسافات شاسعة.
أما دودة حياة الجراد فإنه يتكاثر في أجيال متعاقبة، وفي العادة يبدأ الجيل بوضع البيض وينتهي بقيام الإناث البوالغ بوضع البيض لإنتاج جيل جديد لاحق. ومن المعروف في الجراد أن البيض الموضوع يفقس لتخرج منه حوريات (NymphS)، وهي التي سماها الجاحظ والدميري وغيرها " دبا " أو " دبى " وهذه تضطر للقيام بعمليات انسلاخ (Moulting) حتى تتمكن من النمو والازدياد في الحجم، والوصول إلى الشكل اليافع في حياتها، وهذه العملية العامة التي تسمى " التحول "(****morphosis).
للجراد الصحراوي مظاهر ثلاثة في حياته، المظهر التجميعي (Migratory Phase) وهو الذي يتجمع ويطير في أسراب ويهاجر ويسبب الخسائر الأقتصادية للناس، المظهر الانعزالي أو الأنفرادي(Solitary Phase)، وهذا لا يهاجر لأنه لا يتجمع ولا يكون أسراباً، ومن ثم فأضراره الاقتصادية أقل بكثير من أضرار المظهر السابق.
لكنه يمثل الخامة الأولية التي منها يتشكل أو يتكون أو ينتج المظهر التجميعي، وهذه مرحلة أو مظهر انتقالي يسمى المظهر التحولي (Transition Phase).
ولأطوار الجراد في دورة حياته أسماء عديدة ـ نرجع إلى علماء التراث العلمي لنتعرف عليها ـ وأشهرها : الدّبي : (بتشديد الدال وتخفيفها، وإبدال الياء ألفا أحياناً)، وهو أول ما يفقس من البيض، ومفرده (دباة)، وأرض مدببة أي كثير الدّبي . الجنادب: ومفردها (جندب) وهو حوريات منسلخة من الدبى.
الكتفان : ومفردها : كُتفانة. ويقول الدميري في كتابه (حياة الحيوان الكبرى) : هو الجراد أول ما يطير، وقد يكون هو الجراد بعد الغوغاء. وقيل أن أول الجراد السرء (أي البيض) ثم الدبى ثم الغوغاء ثم الكتفان. خَيفان: ومفردها خيفانة. وغوغاء : ومفردها غوغاءة وغوغاة.
فإذا هزلت الجرادة سميت حرشوف، وقد شبهت خولة بنت ثعلبة زوجها أوس بن الصامت بالحرشاف (أو الحرشوف)، وهي الجرادة الهزيلة الكثيرة الأكل. وقد وجدنا عند الجاحظ في كتابه الموسوعي (الحيوان) أن صوت الجراد هو الصوصأة.
انتشار الجراد وأسرابه وغاراته :
تكمن خطورة الجراد الصحراوي في قدرته على الترحل والقيام برحلات الهجرة والطيران التي تقطع فيها مسافات شاسعة، وكذلك اقتداره التكاثري (Reproductive potential) في أجواء مختلفة حيث ينتشر في مناطق تضم أربعاً وستين دولة هي معظم دول إفريقيا حول خط الاستواء، وفي آسيا تشمل الدول شبه الجزيرة العربية وفلسطين ولبنان وسوريا وتركيا والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان والهند وحدود ما كان يسمى " الأتحاد السوفيتي" المتاخمة لأفغانستان وإيران وتركيا.

صورة لأحد أسراب الجراد وهو في حالة انتشار
مناطق التكاثر الموسمية للجراد الصحراوي:
تشمل هذه المناطق ما يلي :
1. منطقة التكاثر الصيفي :وتضم الهند والباكستان واليمن وعدن وإثيوبيا والسودان وتشاد والنيجر ونيجيريا وموريتانيا ومالي والسنغال.
2. منطقة التكاثر الشتوي :وتضم شبه جزيرة الصومال وشواطئ البحر الأحمر لليمن والسعودية وأريتريا والسودان ومصر وعمان وساحل إيران على الخليج العربي.
3. منطقة التكاثر الربيعي :وتشمل بلاد شمال إفريقيا والشرق الأوسط وإيران وأفغانستان وغرب الباكستان والحدود الجنوبية لما كان يمسى " الاتحاد السوفيتي " وشبه جزيرة الصومال.
تخرج أسراب الجراد من مناطق التكاثر المذكورة، وتعود إليها، بقصد المحافظة على النوع، مع اختلافات الظروف البيئة، وأهم ما يؤثر على مصر هو الأسراب الناتجة من مناطق التكاثر الصيفي بشرق إفريقيا وخاصة إثيوبيا والصومال واريتريا والسودان ـ وكذلك الأسراب الناتجة من المناطق الشرقية من الهند والباكستان وإيران والمملكة العربية السعودية حيث تهاجر الأسراب من هذه المناطق إلى منطقة الشرق الأوسط.
حينما يلاحظ المرء تحرُّك أسراب الجراد الصحراوي في منطقة من مناطق انتشاره، يعرف أن هناك غزوة أو غارة جراد تنذر بالكارثة، أما إذا لم ير المرء أسراب في تلك المناطق فإنه يطلق على هذه الحالة " تراجع " أو " انحسار" أو " سكون " الغزوات .
ويلاحظ أنه لا توجد فترات سكون أو دورات منتظمة للغارات، وبذلك لا يتمكن المراقبون من الاستعانة بتاريخ الغارة السابقة في التنبؤ بالتطورات المتوقعة للغارات المستقبلة.
وقد يستمر التكاثر المحدود للجراد الصحراوي عدداً من السنوات في إحدى مناطق التكاثر الموسمي دون أن يخرج منها أسراب، بينما في منطقة أخرى قد تتزايد أعداد الجراد فيها بشكل سريع. وتتكاثف الحشرات وتتكون الأسراب، وتعرف هذه المناطق بالمنابت الأصلية للجراد، وهذه المنابت الأصلية لا تتصف بأنها دائمة بل هي مؤقتة، تتغير من وقت لآخر في مناطق انتشاره.
كيف نتفادى أسراب الجراد ؟
تكمن كوارث الجراد ـ كما أشرنا آنفاً ـ في قدراته التجمعية وتكوينه للأسراب المهاجرة، ومن هنا فإننا إذا استطعنا منع أو إيقاف هذا التجمع أو أعقنا عملية تكوين الأسراب، خصوصاً عملية تحول الجراد من المظهر الانعزالي إلى المظهر التجمعي، فإننا نقي البلاد من الغارات والكوارث منذ لحظة منشئها بدلا من انتظار مجيء الأسراب إلينا ثم نقوم بمكافحتها.
وللوصول إلى هذا الهدف لابد من الإلمام الكامل بمواطن التكاثر والانتشار التي يوجد فيها المظهر الانعزالي للجراد، ومنها سواحل البحر الأحمر ومصر والسودان والمملكة العربية السعودية، وهي مناطق تعد بحق مخازن طبيعية للجراد الانعزالي، وقد قلنا من قبل إنها الخامة الأولية لنشأة أسراب الجراد المهاجر، ومن هنا تبرز خطورته، أي الجراد الانعزالي.
وعلى الرغم من صعوبة تحديد المنابت الأصلية للجراد الصحراوي، إلا أنه يمكن تحديد الأماكن التي تعتبر مناسبة لتكاثره، وهي التي يجب وضعها تحت الملاحظات المستمرة .
قدرات الجراد على الطيران:
يستطيع الجراد أن يطير لمسافات بعيدة، فتقطع الجرادة الواحدة مائة كيلومتر في اليوم الواحد (وثلاثمائة وخمسين كيلومتراً في الشهر) وذلك بما لديها من قدرة عضلية تمكنها من الرفرفة بالجناحين لمدة تتراوح ما بين ست وست عشرة ساعة، وهي قدرة تساعدها على اجتياز الموانع المائية والطبوغرافية .
وبدراسة قدرة عضلات الطيران في الجراد، وجد أنها تعمل بكفاءة تفوق كفاءة عضلات الحركة في الإنسان بنحو ثماني مرات(إذا أخذنا في الاعتبار الفرق في الحجم) فإذا علمنا هذه القدرة الهائلة على الطيران لساعات طويلة أثناء النهار، فمن أين لهذه العضلات أن تأتي بالطاقة المطلوبة لهذا النشاط؟ تأتيها هذه الطاقة من عمليات أيض (****bolism)المواد النشوية داخل خلايا الجسم، فإذا نفد ما لديها من مخزون النشا تبدأ في استنزاف احتياجاتها من مخزون الدهن الموجود بها، فهو الذي يمدها بالطاقة اللازمة لقطع مسافات طويلة في الطيران.
تكوين وتوزيع وتنظيم الأسراب المهاجرة:
من المعروف أن أسراب الجراد الطائرة في الهواء تحط ليلا على النباتات وتجثم على الأشجار لتلتهم كميات من الغذاء الأخضر تعينها على استئناف الرحلة في صبيحة اليوم التالي.
حينما تشرق الشمس صباحاً تشعر أفراد السرب الجاثمة على النباتات بالدفء فتبدأ في هز أجنحتها، ثم تطير أفراد منه متنقلة في مسافات محدودة داخل منطقة الانتشار، وحينما تزداد حرارة الجو تبدأ تيارات الحمل فيه تتجه إلى أعلى حاملة معها مجموعات من سرب الجراد، وهكذا يرى السرب معلقاً في جو منطقة الانتشار، بينما تظل المجموعات الأخرى من السرب في حالة جثوم، وهي المجموعات التي تمثل مؤخرة السرب فلا تطير إلا بعد أن يأخذ السرب وجهته، وهذا السلوك يتيح لمؤخرة السرب أن تتناول كميات أخرى من الغذاء، ثم لا تلبث أن تحلق في الهواء لتلحق بمقدم السرب، وهو الذي تهبط أفراده فوق ما تراه من كساء أخضر على سطح الأرض، بقصد التهام كميات منه، بينما لا تزال المؤخرة في الهواء ولم تهبط بعد، وهكذا تهبط المقدمة قبل المؤخرة، ثم تصعد المؤخرة بعد المقدمة، فيبدو السرب في حلقات متصلة دون استقرار كامل في الجو.
وعند توفر درجة الحرارة الجوية الملائمة (23 ـ 40م) فإن السرب يظهر كاملاً وبشكل واضح التنظيم في الجو.
صورة لسرب جراد أفريقي وهو ينتشر
ويوجد من الأسراب الطائرة نوعان:
1. Stratiform swarmالسرب الطبقي():ويرى عادة في ظروف جوية غائمة أو متأخرا بعد الظهر حين يبرد سطح الأرض وتنتهي تيارات الحمل المتنقلة. وهذا النوع من الأسراب يظهر في شكل مساحة مسطحة مكونة من أفراد الجراد المتراصة. ويطير هذا النوع على ارتفاعات قليلة لا تزيد على (200) متر من سطح الأرض.
2. السرب الركامي (Cumuliform swarm) :يرى في أكثر ساعات النهار في ظروف تسودها الشمس الساطعة، وتتراكم أفراده فوق بعضها في الجو فتشكل ما يشبه البرج. وغالباً ما يطير هذا النوع من الأسراب على ارتفاعات شاهقة تصل أحياناً إلى (1000) متر من سطح الأرض وتساعدها في ذلك تيارات الحمل المتنقلة، وتظهر في السرب تغيرات مستمرة بالنسبة لكثافة أجزائه المختلفة أثناء الطيران.

أما عن توزيع الأفراد داخل السرب، فيتميز النوع الأول المذكور سابقاً بأن الكثافة العددية لأفراد كبيرة [2] أما النوع الثاني فكثافة توزيع أفراده قليلة جداً [3] حتى يمكنها أن تملأ حدود السرب المنتشر إلى أعلى .
وإنه لمن المدهش أن تعرف أن طلائع السرب إذا شعرت بين الحين والآخر أن مؤخرة السرب قد بعدت عن مقدمته وكاد السرب يتمزق شمله وتشتت أجزاؤه، فإن المقدمة ـ أو الطلائع ـ تبطئ من حركتها حتى يتمكن المتأخرون عنها من اللحاق بها والالتحام بالسرب، وبهذا يحتفظ السرب دائماً بشكله وانتظامه، ولا يمكن لأية جرادة أن تنفر من السرب وتخرج بعيداً عن إطاره العام، فإذا حدث ذلك أسرعت بالدخول ثانية في الجماعة.
أما سرعة التقدم إلى الأمام، فإنها لا تزيد عن نصف سرعة الريح المواتية والمصاحبة له، وذلك لعدم استمرار طيران السرب حيث أنه يتوقف مرات عديدة في طريق الهجرة خصوصاً مع دخول الليل كل يوم من أيام الرحلة، ولكن إذا فرض أن السرب يواصل طيرانه بلا توقف فإن سرعته حينئذ تكون مساوية لسرعة الريح المواتية، وهذا ما لم يحدث.
كيف يحصل الجراد على حاجته من الماء أثناء رحلة الهجرة؟
يمكن للجراد المهاجر أن يقطع مسافة تبلغ آلاف الكيومترات خلال ثلاث أسابيع وفي عام 1956م لوحظ أن الجراد الحاج هو الأكثر قدرة على التحليق من أي نوع آخر، ولمسافات بعيدة، فلقد تمكن من عبور البحر المسافة 500كيلو متر للوصول إلى جزيرة Cap vertوطالما تم التساؤل حول الكيفية التي يستطيع بها الجراد قطع مسافة شاسعة من الصحراء دون ماء، والحقيقة أنه من خلال الدراسات تم التواصل إلى أن الجراد يقوم بهضم السليولوز (Cellulose) الذي يعثر عليه في الأدغال اليابسة ويحلله إلى مادة دهنية تحتوي الهيدروجين، وعندما تدخل تلك الدهنيات في الدم، وتحصل عملية الاحتراق بواسطة الأوكسجين خلال الطيران، يتحرر ماء بمعدل (7) ملليجرامات من كل (10) مليجرامات دهون. وهذا يسمى فسيولوجيا " الماء الأيضي" وهذه عملية تدل على المرونة الفزيولوجية لهذا النوع من الجراد، فقد واجه اختفاء الماء في الصحراء بإنتاج ما يحتاج إليه بطريقة كيميائية.
وبعد فهذه كانت محاولة متواضعة لإجلاء وجه من وجوه الإعجاز العلمي لآية قرآنية، شبه الله فيها انتشار الناس يوم البعث وتحركهم نحو ربهم للعرض عليه، بالجراد في انتشاره وتحرك أسرابه وتقدمها في أجواء الفضاء وهي صورة تشبيهية لتقريب المقصود، كما أننا قدمنا للقارئ جرعة علمية تناسب الهدف من الموضوع، والله سبحانه أعلى وأعلم...
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 06-17-2007   رقم المشاركة : ( 9 )
أبو عبدالرحمن
المشرف العام

الصورة الرمزية أبو عبدالرحمن

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2
تـاريخ التسجيـل : 29-07-2005
الـــــدولـــــــــــة : وادي جفن
المشاركـــــــات : 17,068
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 4291
قوة التـرشيــــح : أبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادة


أبو عبدالرحمن غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من الذكريات / الحلقة الأولى .

إضافة جميلة ومفيدة
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 06-17-2007   رقم المشاركة : ( 10 )
ABO TURKI
مراقب

الصورة الرمزية ABO TURKI

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 19
تـاريخ التسجيـل : 09-08-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 9,412
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 1889
قوة التـرشيــــح : ABO TURKI تميز فوق العادةABO TURKI تميز فوق العادةABO TURKI تميز فوق العادةABO TURKI تميز فوق العادةABO TURKI تميز فوق العادةABO TURKI تميز فوق العادةABO TURKI تميز فوق العادةABO TURKI تميز فوق العادةABO TURKI تميز فوق العادةABO TURKI تميز فوق العادةABO TURKI تميز فوق العادة


ABO TURKI غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من الذكريات / الحلقة الأولى .

ابو عبدالله دائما مبدع ومتميز
يعطيك ألف عافية
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
الدعوة الفردية وأهميتها في تربية الأجيال ( الحلقة الأولى ) الحمدان الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي 3 04-06-2007 06:25 PM
موضوع للنقاش / الحلقة الأولى ABO TURKI منتدى الحوار والنقاش 11 11-13-2006 12:06 AM
الذكريات القديمة ابو رعد الديوان الأدبي 0 04-23-2006 08:35 PM


الساعة الآن 09:21 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by