مع التحية إلى وزير التربية والتعليم مع التحية إلى وزير التربية والتعليم مع التحية إلى وزير التربية والتعليم مع التحية إلى وزير التربية والتعليم مع التحية إلى وزير التربية والتعليم
مع التحية إلى وزير التربية والتعليم
د. عائض القرني
سّرنا ما قام به خادم الحرمين الشريفين من تجديد وإصلاح وتصحيح، وعلى قائمة ما حصل وزارة التربية والتعليم، وإذ نبارك لسمو الأمير الوزير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود، فإننا نأمل منه كل خير لوزارة التربية والتعليم، حيث ننتقل بتعليمنا من التقليد إلى التجديد، ونجمع فيه بين الأصالة والمعاصرة، والمحافظة على الوحي المقدس والجديد النافع، ونريح الطالب من مواد دراسية لا صلة لها بالدين والحياة، ولا بالآخرة ولا بالدنيا، كمعلومات نظرية قد يتلقاها الطالب من وسائل الإعلام والمجالس العامة، وكذلك إعفاء الطلاب من تكديس المواد الدراسية، وحشر ذهنه بعدة فنون في وقت واحد. وقد درسنا في المرحلة المتوسطة سبع عشرة مادة، حيث أضيف إلى مواد الدين واللغة العربية والرياضيات، العلوم من فيزياء وكيمياء وأحياء وجبر وهندسة، وأدب وجغرافيا وتاريخ وثقافة، فذقنا الأمرّين، وضعف التحصيل في المواد الأصلية؛ ولم نعد بفائدة تذكر في المواد الإضافية؛ وتشتت الذهن وضاع الجهد وكلت العزيمة، ووهنت البصيرة. وأذكر أننا كنا ندرس بالتفصيل والشرح الطويل الصادرات والواردات في دول أفريقيا، كساحل العاج والسنغال وأوغندا وتشاد وزائير ومالي؛ فتختلط علينا صادرات كل دولة بالأخرى، فلا ندري من يصدّر الأناناس أو الكاكاو أو المطاط. ودرسنا النحو على شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك، المؤلف من سبعمائة سنة، كأنه طلاسم وألغاز وأحاجي، وقِسْ على ذلك مواد كثيرة، كنقائض جرير والفرزدق؛ لينشأ الطالب متعلماً السب والشتم من صغره، والآن جاء دوركم يا سمو الأمير الوزير في مشروع التصحيح والتجديد، ولننتقل بالتعليم من التعسير إلى التيسير، ومن النظري إلى العملي، ومن الكم إلى الكيف، ومن الشمول إلى التخصص، ومن التكرار إلى الإبداع، ومن المحلية إلى العالمية. ولعل الله يشفينا في العالم العربي من المرض الذي أصاب التعليم؛ فشلّ حركته وأضعف إنتاجيته؛ فتخرج مئات الألوف من الطلاب والطالبات؛ فلم يضيفوا إلى عالم الإنتاج والصناعة والإبداع والمعرفة شيئاً جديداً، وإنما بقي الحال كما هو من قرون، وغيرُنا لما تخصَّص أبدَع وأنتَج وصنَع. وقد آن الأوان لننطلق في هذه المرحلة من رسالتنا الإسلامية الربانية التي تدعو إلى البحث والازدياد من العلم « وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً»، وارتياد حقول المعرفة «قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ»، والعمل الميداني المثمر المفيد «وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ». لقد قضينا عمراً طويلاً مع المعلقات السبع، وشرح غريبها، وقصص داحس والغبراء والزير سالم، وعبس وذبيان، بينما العالم يسافر بمراكبه في الفضاء، ويمخر بسفنه البحار، ويعبر بطائراته القارات، والعالم العربي يصارع الفقر والجهل والأمية والبطالة. ونحن ـ بحمد الله ـ واثقون من أنفسنا، فعندنا الميراث المحمدي، والتاريخ المشرق، والتجربة الطويلة لحضارة الإسلام، والهمة العالية، وإنما نريد خطة منهجية ونهضة تعليمية تقوم على الجد، والصراحة، والتركيز، والتخصص، ورعاية الموهبة، وتثقيف العقل، وتزكية النفس، وتقويم الخلق، وتهذيب السلوك، وعمارة الدنيا، والاستعداد للآخرة، ونشر الفضيلة، والدعوة إلى السلام، والتبشير بالإيمان، والرحمة والتآلف والتآخي، ومد جسور التواصل، وبناء صروح الحوار، وإحياء روح التعارف، والدعوة إلى الوسطية، وإشاعة العدل للموافق والمخالف، والاعتصام بالدليل، والاهتمام بالحجة، ونبذ التقليد العقيم، والتعصب المقيت، والتحزب المشين. وإننا متفائلون بهذه المرحلة التعليمية التي أوكلت إلى الأمير الوزير. نسأل الله له التوفيق والسداد والإعانة