دليل التميز :
1- دلّ الكتاب والسنة على وجوب التميز ابتداء قال تعالى : { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب } يقول الشيخ السعدي عن تفسير هذه الآية( أي ما كان في حكمه أن يترك المؤمنين على ما أنتم عليه من الاختلاط وعدم التميز حتى يميز الخبيث من الطيب ، والمؤمن من المنافق والصادق من الكاذب ) 0
وقد أخرج الله الأمة المسلمة لتؤدي دوراً كونياًَ كبيرا ً، ولتحمل منهجاً إلهياً عظيماً ، ولتنشئ في الأرض واقعاً فريداً ، ونظاماً جديداً .. وهذا الدور الكبير يقتضي التجرد والصفاء ، والتميز والتماسك ، ويقتضي ألا يكون في الصف خلل ، ولا في بنائه دخل ، وباختصار أن تكون طبيعة هذه الأمة من العظمة بحيث تسامي عظمة الدور الذي قدره الله لها في هذه الأرض وتسامي المكانة التي أعدها الله لها في الآخرة .
2- وقال تعالى : { ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض .. } يقول الشيخ السعدي : ( أي والله تعالى يريد أن يميز الخبيث من الطيب ويجعل كل واحد على حدة ، وفي دار تخصه ، فيجعل الخبيث بعضه على بعض من الأعمال والأموال والأشخاص )
3- عن أبي سعيد الخدري t قال : قال رسول الله r : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم حَذْوَ القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ، قالوا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ )) ([1]) .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – معلقاً على الحديث : ( فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى وهم أهل الكتاب ، ومضاهاة لفارس والروم وهم الأعاجم ، وقد كان النبي r ينهى عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء ، وليس هذا إخباراً عن جميع الأمة بل تواتر عنهrأنه قال : (( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة )) فعُلم بخبرة الصادق أن لا بد أن يكون في أمته قوم متمسكون بهديه الذي هو دين الإسلام محضاً ، وقوم منحرفون إلى شعبة من شعب دين اليهود أو إلى شعبة من شعب دين النصارى وإن كان الرجل قد لا يكفر بهذا الانحراف بل وقد لا يفسق أيضاً لأن الانحراف قد يكون كفراً ، وقد يكون فسقاً ، وقد يكون سيئة وقد يكون خطأ ) ([2]) .
([1]) رواه البخاري ومسلم .
([2]) اقتضاء الصراط المستقيم ص ( 6 ) .
ملتقى أهل الحديث