تخفيض ساعات العمل يزيد في الإنتاج تخفيض ساعات العمل يزيد في الإنتاج تخفيض ساعات العمل يزيد في الإنتاج تخفيض ساعات العمل يزيد في الإنتاج تخفيض ساعات العمل يزيد في الإنتاج
ظهرت في بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى حاجة ملحة جدا لمعرفة القوانين التي تحكم الكفاية الإنسانية في العمل ، وشكلت لتحقيق هذا الغرض (اللجنة الصحية لعمال صناعة العتاد ) ثم استبدل هذا الاسم ب( مجلس أبحاث التعب الصناعي ) ، وتوالت الأبحاث العلمية الهادفة إلى زيادة إنتاجية العمل من جراء الحاجات التي فرضتها الحرب العالمية الثانية . ولقد أدى تخفيض ساعات العمل في حالات معينة إلى نتيجة مهمة ألا وهي زيادة في حصيلة الإنتاج . ففي مصنع واحد خفضت سبع ساعات ونصف تقريبا من مجموع ثمان وخمسين ساعة عمل ، وأدى هذا التخفيض إلى زيادة في الإنتاج قدرها 21 بالمائة أسبوعيا ، وأدى تخفيض مماثل إلى تناقص في ساعات غياب العمال عن العمل وعدم انتظام حضورهم بلغ حد النصف . لقد درست قيمة الاستراحة التي تمنح للعمال وفقا للنظام معين دراسة علمية ، وأسفرت الدراسة عن نتائج باهرة ، ففي مصنع واحد مثلا أدى منح العمال فترة استراحة أمدها خمس دقائق عقب كل ساعة من ساعات العمل إلى زيادة في الإنتاج قدرها 10 بالمائة . * وقدرات الإنسان – كما نعلم – محدودة ، ويحتاج إلى فترة من الزمن يرتاح فيها .. لكي يواصل العمل بجد ونشاط .. ويقبل على العمل بروح وثابة .. خالية من الإرهاق الذي يذهب بقيمة العمل ويجعله عبئا ثقيلا ينتظر الإنسان متى يرميه عن كاهله .. إذا كان هذا حال العامل أو الموظف العادي الذي يتعامل مع أوراق وأدوات جامدة .. إذا فما رأيكم أيها الأخوة في مدرس هذه حاله ؛ لديه أربع وعشرون حصة في الأسبوع ، في كل يوم خمس حصص تقريبا .. ليس له في اليوم إلا حصة يستريح فيها .. وهو في الحقيقة لا يستريح وإنما يصحح الواجبات ، والاختبارات ، ويرصدها في الدفتر المعد لذلك ، وقد يطلب منه بعض الأعمال الأخرى في هذا الوقت ، فأنى له أن يريح حباله الصوتية ويدع الفرصة لأعصابه أن تأخذ مكانها .. وأن يلتفت إلى جسده المنهك فيعطيه ما يطلب ؟ ، والمدرس – أيضا – لا ينفك عن مزاولة مهنته حتى في البيت ؛ بخلاف أغلب الوظائف الأخرى التي آخر عهد الموظف بها مقر العمل ؛ فتجد المدرس يحضر دروس الغد تحضيرا ذهنيا و يكتب ذلك في كراسة التحضير ، ويكتب أسئلة الاختبارات الشهرية والفصلية بانتظام . قد تكون بعض الأعمال الأخرى المهنية ( أو الحرفية ) أقل جهدا من عمل المدرس ؛ لأن فيها عملا يدويا في غالب الأحيان ، لكن مهنة التدريس تزيد عليها بالكلام ، والشرح الذي يتطلب جهدا مضاعفا لكي يحافظ على قوته إلى آخر الدوام .. فأحدنا إذا كان لديه في ذلك اليوم حصص كثيرة فإنه لابد أن يستعد بمرطبات الحلق .. وملينات الحنجرة لئلا يصاب رأس المال ( الحنجرة ) بسوء في نهاية الحصص ، ولكم أن ترثوا لحالة أبنائكم الذين يأتيهم هذا المدرس لا يستطيع أن يبلع ريقه من التعب والإرهاق .. قد جف كل ما في حلقه .. فماذا سيقدم لهم هذا المدرس ؟ .. هل سيستفيدون منه ؟ إن العامل بوجه عام إذا أردته أن ينتج ؛ فلا تتعبه ، لأن هؤلاء الطلاب ليسوا بضاعة تنقل فينتهى منها أو أوراقا تعبأ .. بل إن لهم عقولا مدركة فلابد أن يكون من يدرسهم في حالة من الهدوء المعقول ، والراحة النسبية .. لكي ترى ثمرة التعليم وتقطف ليستفاد منها .. ولننظر إلى أساتذة الجامعات ما هو نصابهم من الدروس .. إن أعلاهم نصابا من يقوم بتدريس اثنتي عشرة ساعة فقط ، فلماذا يكون المدرس ضعف هذا العدد ؟ ألأنه لم يتشرف بحمل ( الدال ) الأكاديمية ؟ أم ماذا؟؟ ، ويشارك أستاذ الجامعة المدرسين في بعض الدول العربية التي لا يتعدى نصاب المدرس فيها ثماني عشرة حصة .. وهذا نصاب معقول يمكن للمدرس أن يبذل ما في وسعه في إعطاء المادة حقها من البحث في المراجع المختلفة ، وتحضير الوسائل الإيضاحية المعينة على فهم الدروس ، وعمل التجارب العملية – في المواد العلمية – قبل الدرس بوقت كاف