نعم.. حِيزت لنا الدُّنيا بحذافيرها

[صقر قريش]

نعم.. حِيزت لنا الدُّنيا بحذافيرها نعم.. حِيزت لنا الدُّنيا بحذافيرها نعم.. حِيزت لنا الدُّنيا بحذافيرها نعم.. حِيزت لنا الدُّنيا بحذافيرها نعم.. حِيزت لنا الدُّنيا بحذافيرها

نعم.. حِيزت لنا الدُّنيا بحذافيرها



الاثنين, 12 يناير 2009


د. سعود صالح المصيبيح




(مَن بات آمنًا في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنّما حِيزت له الدُّنيا بحذافيرها).
هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم، يلخّص بكل اختصار معاني وجماليات الحياة، والوصول للسعادة التي يرتجيها الإنسان له ولذريته.. وأول الأمر هو أن يبيت آمنًا في سربه.. بمعنى أن يبيت ويستغرق في النوم، وهو سعيد في مقر سكنه، وبين زوجته وأولاده -إذا كان متزوجًا- فإن هذا الأمان نعمة كبرى من الله سبحانه وتعالى، لا يدرك قيمته إلاَّ من افتقده. والملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- موحّد هذا الكيان، له فضل كبير على هذه الأرض المباركة في أن ينعم المواطن والمقيم في تطبيق هذا المفهوم العظيم، وهو الأمن في السرب، وذلك بعدة أمور أهمها تطبيق الشريعة الإسلامية، والتي كان لها أبلغ الأثر في استتباب الأمن (الذين إن مكّناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)، فكان أن عمل على تأسيس الأنظمة الإدارية للشرط، وحرص على دعمها، وأقام العدل، وحارب الجريمة، وضبط النظام، فانعكس ذلك على الوطن، وصار مضرب المثل في الأمن والطمأنينة والسكون. وتابع أبناؤه من بعده المسيرة، حتّى وصلت إلى ما وصلت إليه من تطوّر ونمو في مجال الخدمات الأمنية باختلاف أقسامها وفروعها. وحرص الملك عبدالعزيز -رحمه الله- على ملاحقة الجريمة، وتنفيذ الأحكام وإعلانها.. ويروي د.إبراهيم العتيبي في كتابه المميّز (الأمن في عهد الملك عبدالعزيز) في مقابلة مع سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية بقوله: (في عهده لم تكن هناك جريمة غامضة. فالمجرم يرى أنه ليس في مقدوره إخفاء جريمته. فإذا هرب يُقبض عليه حتمًا، وكان جلالته يبت في القضايا بسرعة، وكان يهتم بملاحقة المجرمين..). وقد أوردت جريدة أم القرى العدد 1/10/1344هـ قصة ملخصها قيام رجلين من أهل تثليث قرب نجران بقتل شخص وسلب نقوده البالغة (342) ريالاً، ثم هربا إلى قبيلة يام، ولما علم الملك بالأمر أرسل أحد رجاله الخاصين من مكة المكرمة ومعه كتاب إلى أمير قبيلة يام، يأمره بإحضار المطلوبين والنقود حالاً. وقد تم إحضارهما فعلاً بعد أن حاولا الهرب إلى اليمن، وسلمهما إلى مندوب الملك الذي قدّمهما للملك، ونفذ فيهما حكم الله.
إن هذا الأمن في السرب الذي يطمح إليه الإنسان هو الذي وصفه رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه بأنه مع معافاة البدن، ووجود قوت اليوم كأنما حِيزت له الدنيا بحذافيرها.. وهذه هي القناعة للإنسان العادي الذي يبحث عن رضا الله، والعيش القنوع الهادئ.. والكتب الموثقة تروي لنا قصصًا مأساوية عن الأمن قبل عهد الملك عبدالعزيز، وكيف كان قطّاع الطرق واللصوص والمجرمون ومقتحمو البيوت لا يجعلون الناس يأمنون على أنفسهم، فجاء الملك عبدالعزيز -بعون من الله، ثم بحزمه وعدالته- فطمأن الأنفس، وأوجد الأمن، وحارب الجريمة حتّى شهد الحجاج والمعتمرون في عهده بالبون الشاسع في تطور الأمن الذي حققه لقاصدي بيت الله. وتروي مجلة المنار في عددها 30/2/1343هـ بأن الحالة كانت سيئة في الحجاز، وأن الحجاج كانوا يقتلون وينهبون في الحكم الذي سبق حكم الملك عبدالعزيز، ثم في عددها 29/2/1346هـ تذكر بأنه لا داعي لخروج المحمل المسلح لحراسة الحجاج؛ لأن الأمن في الحجاز الآن (خلال حكم الملك عبدالعزيز) أتم وأكمل منه في مصر. إنها صورة نقيّة صافية، ينبغي أن نحمد الله عليها، وأن ننقلها للأجيال؛ ليدركوا فضل الله على هذه البلاد، أن قيّض لها البطل الموحّد؛ لننعم في خير وفضل جهوده، حتّى نبات في سربنا آمنين مطمئنين، وهي نعمة لا يدرك قيمتها إلاَّ مَن فقدها.

[بَنتْ الأصَآيلْ]