رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
الحج عرفة 9/12/1429
الحج عرفة 9/12/1429 الحج عرفة 9/12/1429 الحج عرفة 9/12/1429 الحج عرفة 9/12/1429 الحج عرفة 9/12/1429الحج عرفةالحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام التي شرعها الله لعباده في هذا الدين الخاتم، الذي أرسل به خاتم الأنبياء، محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام. وهذا الحج ينفرد بأنه لا يجب إلا على من استطاع إليه سبيلاً، ومن ذلك المال الذي يمكن المسلم من أداء هذه الفريضة، والوسيلة، والأمن اللازم لها. وإذا كانت الصلاة والزكاة والصوم يمكن أن تتم في أي مكان من الأرض فإن الحج لابد أن يكون في هذه الأرض المقدسة التي أكرمها الله بأن تكون مقصد كل مسلم قادر على أدائها. فقد قال الله سبحانه في محكم التنزيل: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير. ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق). فمن خصائص الحج أنه مرة في العمر فريضة على كل قادر على أدائها، كما أنه -على غير ما للفروض الأخري من شروط- لا يصح إلا لهذه الأرض التي فيها بيت الله. وهي الكعبة المشرفة، ووادي عرفة الذي يعد عصب أركان الحج. ولذلك فإن القدوم إليها من مغارب الأرض ومشارقها وجنوبها وشمالها يعد نعمة من الله على عباده المسلمين الذين يتوافدون إلى هذه الأرض التي أكرمها الله بجعلها متفردة بهذه العبادة العظيمة التي يتسابق إليها المسلمون أينما كانوا. أما ما أريد أن أركز عليه في هذه المقالة فهو عظمة هذه الشعيرة التي يتساوى فيها الغني والفقير والأسود والأبيض والصغير والكبير في حالة الإحرام الذي لا يتم اكتمال الوقوف بعرفة إلا في حالة الإحرام حسب متطلباته الشرعية، بعيداً عن المغالاة في الزينة أو المباهاة في المظهر. فأركان الحج كما وضحها الإسلام، الإحرام (النية، وعدم لبس المخيط للرجال)، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، وهذه الأركان لا يصح الحج إلا بالإتيان بها على وجهها الصحيح. ولهذا فالصيني والبرازيلي والإفريقي والأوروبي والآسيوي كلهم يجتمعون في هذا المكان المقدس الذي وصفه الله بقوله على لسان سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام: «رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) (سورة إبراهيم: 37). فالحج يتميز عن الشرائع الأخرى أنه لا يصح إلا بهذا المكان، ولذلك صار فرضه مرة في العمر على كل قادر أينما كان موقعه من الأرض بالإضافة إلى تحقق بعض المتطلبات الأخرى مثل وجود محرم يصاحب المرأة لأداء هذه الفريضة. وهناك خاصية أخرى يتميز بها الحج حسب النص الشرعي: (وليشهدوا منافع لهم)، إذ إن تجمع هذا الحشد من الناس من أقطار الدنيا يتيح فرصة التعرف على عادات إخواننا المسلمين في هذا البلد أو ذاك، وبالمقابل هم يتعرفون على هذه الأرض المقدسة وأهلها وما قد يكون لديهم من خبرات ومعارف يمكن نقلها بواسطة كل حاج إلى إخوانه وأهله في البلاد التي قدم منها، وتصحيح ما قد يكون لدى الحاج من ممارسات دينية تخالف صحيح الشريعة الإسلامية التي نزلت على محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام لتكون ملزمة لكل من هداه الله إلى الدخول في هذا الدين الخاتم على العكس من الديانات الأخرى نسخها الإسلام وعدل في متطلباتها التعبدية والاعتقادية مما حرفه بعض المنتمين إليها، كما أن من شهود المنافع تعلم بعض الممارسات الاجتماعية والاقتصادية مما لا ينافي أو يتعارض مع ما أراده الله لعباده المؤمنين في أمور دينهم ودنياهم. وإذا كانت مكة المكرمة لا يوجد فيها مغريات جغرافية ولا جو متميز يجلب المصيفين أو المشتين للقدوم للتمتع بالجو، فإن الله قد منحها (ومن هم من سكانها والقائمين على شؤونها) القدسية التي تجعلها فريدة في هذا الكون إلى قيام الساعة فهنيئاً لهم بذلك. فالحمد لله سبحانه على هذه النعمة التي أعطاها ربنا لهذه الأرض. والشكر له على تفضله بأن عهد إلينا أن نستضيف هذه الجموع القادمة من كل فج عميق، فذلك تكليف حري بنا أن نكون على مستوى المسؤولية أمام ربنا جل وعلا، وأمام ضيوف الرحمن من إخواننا المسلمين الذين يتوقعون منا أن نحسن المعاملة وأن نهيئ لهم الجو لكي يؤدوا هذا الركن الخامس من أركان الإسلام الذي أصبح مسؤوليتنا أمام ربنا وضيوفه، فلنكن عند حسن الظن، ولنحمد الله ونشكره على نعمه وأفضاله التي أعطانا إياها فهو القائل: (لئن شكرتم لأزيدنكم). |
12-07-2008 | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||
مشرف الأقسام التعليمية
|
رد: الحج عرفة 9/12/1429
خطبة عرفات اليوم: التحذير من التشدد في الفتاوى
يحذر مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ في خطبة عرفة اليوم من التشدد في الفتاوى، داعيا قنواتنا الفضائية إلى التحول إلى منابر هداية توضح أخلاق الإسلام وتنشر فضائله، وحاثا وسائل الإعلام الإسلامية على نشر الدين والدفاع عنه. ويبدأ المفتي خطبته في مسجد نمرة ـ 22 كيلو مترا من المسجد الحرام بالتركيز على ضرورة جمع الصف الإسلامي وترابط الأمة، وسيخصص مساحة لنصح الشباب والمرأة ويحث الجميع على عدم الانقياد وراء الشبهات والمضللين ممن يريدون هدم الإسلام من خلالهما. كما سيتناول المحور الاقتصادي لحياة الشعوب الإسلامية من خلال مطالبته تجار المسلمين بالرحمة والتيسير على المعسرين. وسيتناول المفتي الجهود الأمنية التي تسهر من أجل راحة وخدمة ملايين الحجاج، لتمكينهم من تأدية مناسكهم في سهولة ويسر. وسيحدد وصاياه لضيوف الرحمن بالحرص على إتمام النسك على الوجه الأكمل كما جاء في الهدي النبوي، وإكمال حجهم بإخلاص والبعد عن محارم الله حتى يعودوا من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم. ويحث مؤسسات الطوافة وحملات الحج على تقديم الخدمات المناسبة لضيوف الرحمن، وألا تكون أعمالهم مخالفة لأقوالهم في التعامل مع تلك الخدمات. |
||
12-07-2008 | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||
مشرف الأقسام التعليمية
|
رد: الحج عرفة 9/12/1429
دعا إلى وضع استراتيجية عاجلة للدعوة في الداخل والخارج
وزير الشؤون الإسلامية يحذر من المغالين في التيسير طالب بن محفوظ ـ المشاعر المقدسة رغم تأكيد وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ على قدرة الأمة الإسلامية على التحصن الإيجابي ضد تأثيرات العولمة بما يجمعها من وحدة إيمانية، إلا أنه شدد على ضرورة وضع استراتيجية حديثة للدعوة سواء في الداخل والخارج. وقال : إن هذه الدعوة (وضع استراتيجية جديدة للدعوة)، لا تعني أن السير على خطانا السابقة ليست خيراً، لكن لا بد أن نضيف على ذلك ما يستجد بحسب حاجة الخلق وتغيير الزمان والمكان، خاصة أن العمل الإسلامي يشهد اليوم تغيراً، فالسلبي منه بسبب تأثير الضغط العالمي أو الإقليمي، والمصلحي المتوهم عند البعض، والداعية أو طالب العلم يستطيع أن يحقق بعض المتطلبات ويحافظ على الأصل بوزن الأمور بميزانها. والعمل الإسلامي أيضاً مقبل بعامة على تغييرات كثيرة، لذلك لا بد من مزيد من الاتصال بالعالم وبالمؤثرين فيه، ومعرفة ما يجري، وهذا الاتصال يمكن أن يكون عبر اتصالات شخصية أو مواقع بحثية أو إلكترونية، وفي ظل تغير الأزمنة فإن على الداعية إلى الله أن يطور من نفسه ليكون أكثر تأثيراً على الناس. وبين في حديثه لـ “ عكاظ “ أن الوزارة تفتح المجال أمام الأكاديميين والمؤثرين من الدعاة وطلبة العلم ليدلوا بدلوهم في مسيرة الدعوة وفي التأثير على الناس، للتخفيف من التحدي الكبير الذي يواجه الدعوة، مطالبا بالمبادرة في استباق التأثيرات. وردا على سؤال عن عدم مراعاة بعض الدعاة التابعين للوزارة في الحج الاختلافات في مفاهيم الحجاج، وكيف يمكن التوصل إلى طريقة للتخفيف عن الحجاج، حذر الوزير من المغالاة في التيسير منبها بأنه لا ينبغي للمفتي أو المرشد أن يعلم الناس ويرشدهم إلى تيسير له علاقة برخص المذاهب بما يخالف السنة. وقال : إن الحاج إذا جاء إلى المشاعر المقدسة طلبا للمغفرة والعتق من النار فإن مسؤوليته في التحول إلى قدوة للآخرين تصبح واجبة بالتسامح والأخلاق الحسنة والتفقه في الدين. وأضاف : المشارك في توعية الحجاج عليه أن يعلم أن من يتحدث معهم ويجيب عن أسئلتهم أو يرشدهم قد جاءوا من أماكن مختلفة، ولهم مفاهيم مختلفة في مسائلهم، فعليه أن يدرب نفسه على أسلوب الحوار معهم، ويوطنها على الصبر وأن يجيبهم بما لديه بما يوافق كلام أهل العلم خاصة علماء هذه البلاد، لأنهم أدرى بما يكون عليه أمر الحاج وهم يعلمون مسائله. و لابد للداعية أن يكون متأنياً في حواره مع الحاج، حريصاً على دلالته للصواب ، وهذا يتطلب أن يكون ذا نفس تدرك معنى الخلاف بين أهل العلم في مسائل الحج. وجدد آل الشيخ تأكيده على أن الاستباق خير من الاستدراك، متمنيا من الدعاة وطلبة العلم خاصة في موسم الحج أن يكونوا منفتحين يشاركون بالدعوة إلى الله في وسائل الإعلام كل حسب قدرته. وقال : نريد أن تصل كلمة الحق إلى الناس بأن نستبق التأثيرات (علينا وعلى غيرنا) بفعل محمود نقدمه لهم، وأساليب التأثير محصورة ما بين الترغيب والترهيب، والتحذير مما يضاد الشرع، وبيان طريق وأحكام العلم وشرح ما يدل عليه، والقصص والأمثال، ومخاطبة تصور الناس. والأنبياء اختلفت طريقتهم في تبليغ الرسالة لكن الغرض واحد، سواء في إقامة الحجة أو الخطابة أو المناظرة أو نوع الأسلوب. ولوزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رؤية خاصة في كيفية معالجة الفتور الذي قد يصاب به الدعاة أحياناً، وهنا يقول: قد يصاب الداعية بـ “الركود” سواء في الجانب النفسي أو التحضيري أو في برامجه الدعوية والدروس أو في حجم استعداده للدعوة، وهذا بلا شك ينعكس على المتلقي، وهو المستفيد الأول من برامج الدعوة، مما يفرض على الدعاة أن يسهموا للخروج من الركود بالأفكار والمقترحات والرؤى المتجددة. والداعي إلى الله لابد له من العناية بعدة أمور منها توطين النفس على الصدق والإخلاص لله وحده في القول والعمل، ومتابعة السنة والتفقه في الدين. وعلى الداعية تبسيط عباراته حتى تكون مفهومة على نحو ما يتحدث به إلى الناس، وأن يحرص على اجتناب المشتبهات فيما يقوله أو يفعله، وأن يقول الكلمة التي فيها براءة للذمة |
||
12-07-2008 | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||
مشرف الأقسام التعليمية
|
رد: الحج عرفة 9/12/1429
حج الحجيج
اليوم يقف الحجاج في عرفة. هذا الوقوف المستمر عبر الأزمان، منذ أن خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة، وهذا اليوم يتجدد في المكان نفسه..إنه مكان الالتقاء، مكان يسلك الحجيج طرقا ودروبا مختلفة ليصلوا إلى هذه البقعة بحثا عن السمو والتخلص من أردان الدنيا ومغرياتها، في هذا اليوم يخلع الحاج عن نفسه كل الشهوات ويقف عند لحظة التطهر الكاملة فلا رفث ولا فسوق، ولا احتياجات دنيوية بل اشتياق لتخلص من الماديات والسمو لمرحلة الإقبال من جهة والإدبار للدنيا من جهة أخرى. وفي هذا اليوم الذي ينظر الله إلى عبيده مفاخرا بهم أمام الملائكة. هو يوم بلاشك استثنائي في الأرض وفي السماء، فيه تسكب التذرعات والأدعية بما يملأ سماء المشاعر المقدسة، كل الحناجر تدعو الكريم لأن يكرمها، وقبل أن ينتهي غروب هذا اليوم يكون هناك من اغتسل بشلالات الرحمة من الله عز وجل فهو يوم معلن تفوز فيه جماعة من بقاع الأرض باختلاف ألوانها وأعراقها، تفوز بنظر الله إليهم، ومخاطبة الملائكة حين يقول تعالى عنهم: «أشهدكم أني قد غفرت لهم». هذا اليوم يحدث في عرفة بينما بقية المسلمين في جميع بقاع الأرض معلقة قلوبهم بهذا المشهد داعين الله الكريم أن يشملهم بعفوه وكرمه كما شمل حجاج بيته..وكرم الله أوسع. اللهم يا الله ربي ورب كل شيء امنح عبيدك (بعيدهم وقريبهم ) مغفرتك وعفوك، وامنح كل من لبى وجاء عفوك وكرمك ووسع دائراة كرمك على من لم يصل، فقد ربطت عبادتك بالنوايا، فهب كل من نوى الحج ولم يحج أجر وجائزة من وصل إليك ملبيا مستغفرا يا أرحم الراحمين. |
||
12-07-2008 | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||
مشرف الأقسام التعليمية
|
رد: الحج عرفة 9/12/1429
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء وسيد المرسلين.
وبعد: الحج عرفة، ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ وأفضل الدعاء يوم عرفة، وأفضل ما قال والنبيون قبله: { لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير }. يوم عرفة، يوم الحج الأكبر، هو أعظم مجامع الدنيا، فهناك تُسكب العبرات، وتُقال العثرات، وتُرتجى الطلبات، وتُكفّر السيئات. تالله إنه لمشهد عظيم يجل عن الصفة، وموقف كريم طوبى لمن وقفه، فيه توضع الأثقال، وترفع الأعمال. فينبغي للمسلم استغلال هذه اللحظات، بالاجتهاد في العبادات، والحرص على الطاعات، والإكثار من الدعاء والذكر والتلبية والاستغفار والتضرع وقراءة القرآن والصلاة على النبي فهذه وظيفة هذا اليوم، وهو معظم الحج ومطلوبه، فالحج عرفة. وليحذر الحاج كل الحذر من التقصير في هذا اليوم العظيم، فما هو إلا أوقات قصيرة، وساعات يسيرة، إن وفق للعمل الصالح فيها أفلح كل الفلاح، وفاز كل الفوز، فكم لله في هذا اليوم من عتقاء. ومن أعتق من النار فأي خير لم يحصل له بذلك، وأي شر لم يندفع عنه؟ فيا حسرة الغافلين عن ربهم ماذا حرموا من خيره وفضله، إن فاتهم هذا اليوم فلم يمكنهم تداركه. وليكثر المسلم من ذكر الله تعالى لينال السبق، سبق المفردون الذاكرون الله كثيراً والذاكرات . ويكثر من قول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن خير مما طلعت عليه الشمس، وإنهن ينفضن الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها، وهن غراس الجنة، يغرس لك بكل كلمة منهن شجرة في الجنة، وهن منجيات ومقدمات، وهن الباقيات الصالحات. وليحذر من الحرام في طعامه وشرابه ولباسه ومركوبه وغير ذلك، وليحذر من المخاصمة والمشاتمة والمنافرة والكلام القبيح، { أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه }. ويحذر من احتقار من يراه مقصراً في شيء، أو رث الهيئة، فرب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره، وليحترز من انتهار السائل ونحوه. ويجتهد في الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل، ويكثر من الذكر قائماً وقاعداً، ويكرره بخشوع وحضور قلب، ويهتم به، ويستفرغ الوسع فيه، ويواظب عليه، فلا يزال لسانه رطباً من ذكر الله تعالى، فما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله، فذكر الله تعالى خير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخيرلكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن يلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم. وليكثر من كلمة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. فإنها الكلمة الطيبة، والقول الثابت والكلمة الباقية، والعروة الوثقى، وكلمة التقوى، وأفضل الأعمال، وأفضل ما قاله النبيون، وأفضل الذكر. وليحرص الحاج على التضرع لله تعالى، والتذلل والخشوع، والضعف والخضوع، والافتقار والانكسار، وتفريغ الباطن والظاهر من كل مذموم، ورؤية عيوب نفسه وجهلها وظلمها وعداونها، ومشاهدة فضل ربه وإحسانه، ورحمته وجوده، وبره وغناه وحمده. وليكن في هذا الموقف حاضر الخشية، غزير الدمعة، فرقا من ربه جل وعلا، مخبتاً إليه سبحانه، متواضعاً له، خاضعاً لجنابه، منكسراً بين يديه، يرجو رحمته ومغفرته، ويخاف عذابه ومقته ويحاسب نفسه، ويجدد توبة نصوحاً، وليخلص التوبة من جميع المخالفات مع البكاء على سالف الزلات، خائفاً من ربه جل وعلا، مشفقاً وجلا باكياً نادماً مستحياً منه تعالى، ناكس الرأس بين يديه، منكسر القلب له. يدخل على ربه جل جلاله من باب الافتقار الصرف، والإفلاس المحض، دخول من قد كسر الفقر والمسكنة قلبه حتى وصلت تلك الكسرة إلى سويدائه فانصدع، وشملته الكسرة من كل جهاته، وشهد ضرورته إلى ربه عز وجل، وكمال فاقته وفقره إليه، وأن في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة، وضرورة كاملة إلى به تبارك وتعالى. وأنه إن تخلى عنه طرفة عين هلك، وخسر خسارة لا تجبر، إلا أن يعود الله تعالى عليه ويتداركه برحمته. فإنه إذا فرغ القلب وطهر، وطهرت الجوارح، واجتمعت الهمم وتساعدت القلوب، وقوي الرجاء، وعظم الجمع، كان جديراً بالقبول، فإن تلك أسباب نصبها الله مقتضية لحصول الخير، ونزول الرحمة، وليجتهد أن يقطر من عينه قطرات فإنها دليل الإجابة، وعلامة السعادة، كما أن خلافه علامة الشقاوة، فإن لم يقدر على البكاء فليتباك بالتضرع والدعاء قال تعالى: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [الحج:32]. قال أبي بن كعب رضي الله عنه: ( عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما من عبد على السبيل والسنة ذكر الله فاقشعر جلده من مخافة الله إلا تحاتت عنه خطاياه، كما يتحات الورق اليابس عن الشجرة ). وما من عبد على السبيل والسنة ذكرالله خالياً ففاضت عيناه من خشية الله إلا لم تمسه النار أبداً. وإن اقتصاداً في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة. ويلح في الدعاء، لأنه يوم ترجى فيه الإجابة، ويدعو ربه تضرعاً وخفية، فالدعاء الخفي أعظم في الأدب والتعظيم للرب الكريم، وأبلغ في الإخلاص، وفي التضرع والخشوع، ويجتهد في الذكر والدعاء هذه العشية، فإنه ما رؤي إبليس في يوم هو فيه أصغر ولا أحقر و لا أغيظ ولا أدحر من عشية عرفة، لما يرى من تنزيل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي في يوم بدر. فينبغي للمسلم أن يرى الله من نفسه خيراً، وأن يهين عدوه الشيطان ويحزنه بكثرة الذكر والدعاء، وملازمة التوبة والاستغفار من جميع الذنوب والخطايا. ثم ليحسن الظن بالله تعالى، وليقوى رجاء القبول والمغفرة، فإن الله عز وجل أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، وأغنى العالمين، عفو يحب العفو، غفور رحيم. وينبغي للإنسان إذا لحقه ملل أو سآمة، أن ينوع في العبادة، وينتقل من حالة إلى حالة، فتارة يقرأ القرآن، وتارة يهلل، وتارة يكبر، وتارة يسبح، وتارة يحمد، وتارة يستغفر، وتارة يدعو، أو يشتغل مع إخوانه بمدارسة القرآن، أو بمذاكرة علم، أو في أحاديث تتعلق بالرحمة، والرجاء، والعبث والنشور والآخرة، حتى يلين ويرق قلبه. وله أن يستريح بنوم أو نحوه، وربما يكون ذلك مطلوباً إذا كان وسيلة للنشاط، والإنسان طبيب نفسه في هذا المكان، لكن ينبغي أن يغتنم آخر النهار بالدعاء، ويتفرغ له تفرغاً كاملاً. قال عطاء بن أبي مسلم الخرساني: ( إن استطعت أن تخلو بنفسك عشية عرفة فأفعل ). اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين |
||
12-07-2008 | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||
مشرف الأقسام التعليمية
|
رد: الحج عرفة 9/12/1429
وقفات ومسائل حول يوم عرفة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.. يوم عرفة من الأيام الفاضلة، تجاب فيه الدعوات، وتقال العثرات، ويباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يوم عظَّم الله أمره، ورفع على الأيام قدره. وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران. ويوم كهذا حري بك أن تتعرف على فضائله، وما ميزه الله به على غيره من الأيام، وتعرف كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه؟ نسأل الله أن يعتق رقابنا من النار في هذا اليوم العظيم. من فضائل يوم عرفة : (1) إنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال أي آية؟ قال : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}المائدة3 قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة. (2) قال صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب ) "رواه أهل السّنن" وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: (نزلت –أي آية (اليوم أكملت)- في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد). (3) إنه يوم أقسم الله به : والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى : {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ }البروج3. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليوم الموعود : يوم القيامة، واليوم المشهود : يوم عرفة ، والشاهد : يوم الجمعة) رواه الترمذي وحسنه الألباني. وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ }الفجر3. قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة، وهو قول عكرمة والضحاك. (4) أن صيامه يكفر سنتين: فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) رواه مسلم. وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة. قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر: "انه مستحب استحبابا شديدا " . وقال عليه الصلاة والسلام: ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا) متفق عليه . (5) أنه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم. فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } {أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ } (الأعراف: 172 ، 173) رواه أحمد وصححه الألباني. فما أعظمه من يوم! وما أعظمه من ميثاق ! (6) أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف: ففي صحيح مسلم عن عائشة _رضي الله عنها_ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدأ من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟). قال ابنُ عبدُ البر : وهذا يدلُ على أنهم مغفورٌ لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران والله أعلم أهـ . وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً) رواه أحمد وصححه الألباني. وسُئل فضيلة الشيخ بن عثيمين ( رحمه الله ) : لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له ؟ والله عز وجل يقول: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ؟ فاجاب فضيلته عن اسباب إجابة الدعاء وموانع الدعاء ، فقال : " هذا الرجل كان مسافراً والسفر غالباً من أسباب الإجابة لأن الإنسان في السفر يشعر بالحاجة إلى الله عز وجل والضرورة إليه أكثر مما إذا كان مقيماً في أهله، وأشعث أغبر كأنه غير معني بنفسه كأن أهم شيء عنده أن يلتجىء إلى الله ويدعوه على أي حال كان هو سواء كان أشعث أغبر أم مترفاً، والشعث والغبر له أثر في الإجابة كما في الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا عشية عرفة يباهي الملائكة بالواقفين فيها يقول: " أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كل فج عميق" هـ . وذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : فقال : ( الشُّعْث: هو اغبرار الرأس, والغَبَرُ: هو التراب، والغُبْرة: لونه) فإنه من المعلوم أن الحجيج عشية عرفة ينزل على قلوبهم من الإيمان والرحمة والنور والبركة ما لا يمكن التعبير عنه، لكن ليس هذا الذى في قلوبهم هو الذى يدنو إلى السماء الدنيا، ويباهي الملائكة بالحجيج )هـ فعلى المسلم أن يحرصَ على العمل الصالح لا سيما في هذا اليوم العظيم من ذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ وصلاةٍ وصدقةٍ لعله أن يحظى من الله تعالى بالمغفرة والعتق من النار . فقد ذكر ابنُ رجب - رحمه الله – في اللطائف : أن العتقَ من النار عام لجميع المسلمين . وذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه: (زاد المعاد في هدي خير العباد ) ج1 فقال : "أنه في يوم عرفة يدنو الرّبُّ تبارك وتعالى عشيةَ مِن أهل الموقف، ثم يُباهي بهم الملائكة فيقول: (مَا أَرَادَ هؤُلاءِ، أُشْهِدُكُم أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم) وتحصلُ مع دنوه منهم تبارك وتعالى ساعةُ الإِجابة التي لاَ يَرُدُّ فيها سائل يسأل خيراً فيقربُون منه بدعائه والتضرع إليه في تلك الساعة، ويقرُب منهم تعالى نوعين من القُرب، أحدهما: قربُ الإِجابة المحققة في تلك الساعة، والثاني: قربه الخاص من أهل عرفة، ومباهاتُه بهم ملائكته، فتستشعِرُ قلوبُ أهل الإِيمان بهذه الأمور، فتزداد قوة إلى قوتها، وفرحاً وسروراً وابتهاجاً ورجاء لفضل ربها وكرمه، فبهذه الوجوه وغيرها فُضِّلَتْ وقفةُ يومِ الجمعة على غيرها " هــ . وذكر السعدي رحمه الله في تفسيره للآية الكريمة : " وليال عشر " من سورة الفجر فقال : "في أيام عشر ذي الحجة، الوقوف بعرفة، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان، فما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة، لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله لعباده، ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة، وهذه أشياء معظمة، مستحقة ، لأن يقسم الله بها "هـ . قال اللّه تعالى: ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ )الحج28. الآية. قال ابن عباس والشافعي والجمهور: هي أيامُ العشر. وقال النووي رحمه الله في كتابه (الاذكار ) : ( واعلم أنه يُستحبُّ الإِكثار من الأذكار في هذا العشر زيادةً على غيره،ويُستحب من ذلك في يوم عرفة اكثر من باقي العشر ) هـ أما من لم يتيسر له الحج فهو كما قال أحد السلف: " من فاته في هذا العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عَرَفَه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة، فليُبيِّت عزمه على طاعة الله وقد قرَّبه وأزلفه ، ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى ، من لم يصلْ إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد رب البيت فإنه أقرب إلى من دعاه من حبل الوريد". وينبغي أن نحافظ على الأسباب التي نرجى بها العتق والمغفرة ومنها: * حفظ جوارحه عن المحرمات في ذلك اليوم: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل بن عباس رديف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه من خلفه، وجعل الفتى يلاحظ إليهن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ) : ابن أخي، إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له ( رواه أحمد. * الإكثار من التهليل والتسبيح والتكبير في هذا اليوم: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة، فمنّا المكبر ومنا المهلل ...) رواه مسلم. * الإكثار من الدعاء بالمغفرة والعتق في هذا اليوم، فإنه يرجى إجابة الدعاء فيه: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير ) رواه الترمذي وحسنه الألباني. قال ابنُ عبد البر : وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره ، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره ، ... وفي الحديث أيضاً دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب في الأغلب ، وفيه أيضاً أن ( أفضل الذكر لا إله إلا الله .. ) أهـ. قال الخطابي: (معناه : أكثر ما أفتتح به دعائي وأقدمه أمامه من ثنائي على الله (عز وجل)، وذلك أن الداعي يفتتح دعاءه بالثناء على الله (سبحانه وتعالى)، ويقدمه أمام مسألته، فسمي الثناء دعاء...) فعلى المسلم أن يتفرغ للذكر والدعاء والاستغفار في هذا اليوم العظيم، وليدع لنفسه ولِوالديْه ولأهله وللمسلمين، ولا يتعدى في عدائه، ولا يستبطئ الإجابة، ويلح في الدعاء، فطوبى لعبد فقه الدعاء في يوم الدعاء، وإذا صام هذا اليوم ودعا عند الإفطار فما أقرب الإجابة ، وما أحرى القبول ! فإن دعاء الصائم مستجاب . وذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله .. ( في مناسك الحج والعمرة ) فقال : " وليتجنب أكل الحرام فإنه من أكبر موانع الإجابة، ففي (صحيح مسلم) من حديث أبي هريرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ قال : ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا... الحديث) . وفيه (ثم ذكر الرجل يطيل السفرَ أشعثَ أغبر يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمهُ حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذي بالحرام فأنى يُستجاب لذلك) . فقد استبعد النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ إجابة من يتغذى بالحرام ويلبس الحرام مع توفر أسباب القَبول في حَقه وذلك لأنه يتغذى بالحرام " هــ * ولنحذر من الذنوب التي تمنع المغفرة في هذا اليوم، كالإصرار على الكبائر والاختيال والكذب والنميمة والغيبة وغيرها، إذ كيف تطمع في العتق من النار وأنت مصر على الكبائر والذنوب؟! وكيف ترجو المغفرة وأنت تبارز الله بالمعاصي في هذا اليوم العظيم؟! * ومن آداب الدعاء في هذا اليوم أن يقف المسلم مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، متضرعاً إلى ربه معترفاً بتقصيره في حقه، عازماً على التوبة الصادقة. من أحوال السلف بعرفة أما عن أحوال السلف الصالح بعرفة فقد كانت تتنوع : فمنهم من كان يغلب عليه الخوف أو الحياء: وقف مطرف بن عبدالله وبكر المزني بعرفة، فقال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي. وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لإله لولا أني فيهم!. ومنهم من كان يغلب عليه الرجاء: قال عبدالله بن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تذرفان فالتفت إلي، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له. العبد بين حالين : إذا ظهر لك حال السلف الصالح في هذا اليوم، فاعلم أنه يجب أن يكون حالك بين خوف صادق ورجاء محمود كما كان حالهم. والخوف الصادق: هو الذي يحول بين صاحبه وبين حرمات الله تعالى، فإذا زاد عن ذلك خيف منه اليأس والقنوط. والرجاء المحمود : هو رجاء عبد عمل بطاعة الله على نور وبصيرة من الله، فهو راج لثواب الله، أو عبد أذنب ذنباً ثم تاب منه ورجع إلى الله، فهو راج لمغفرته وعفوه. قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }البقرة218 فينبغي عليك أخي أن تجمع في هذا الموقف العظيم وفي هذا اليوم المبارك بين الأمرين: الخوف والرجاء؛ فتخاف من عقاب الله وعذابه، وترجو مغفرته وثوابه. هنيئاً لمن وقف بعرفة فهنيئاً لك اخي المسلم ، يا من رزقك الله الوقوف بعرفة بجوار قوم يجارون الله بقلوب محترقة ودموع مستبقة، فكم فيهم من خائف أزعجه الخوف وأقلقه، ومحب ألهبه الشوق وأحرقه، وراج أحسن الظن بوعد الله وصدقه، وتائب أخلص الله من التوبة وصدقه، وهارب لجأ إلى باب الله وطرقه، فكم هنالك من مستوجب للنار أنقذه الله وأعتقه، ومن أعسر الأوزار فكه وأطلقه وحينئذ يطلع عليهم أرحم الرحماء، ويباهي بجمعهم أهل السماء، ويدنو ثم يقول: ما أراد هؤلاء؟ لقد قطعنا عند وصولهم الحرمان، وأعطاهم نهاية سؤالهم الرحمن. |
||
12-07-2008 | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||
مشرف الأقسام التعليمية
|
رد: الحج عرفة 9/12/1429
الخوف من الله
يقول ابن تيمية : حد الخوف -أي: تعريف الخوف أو المطلوب في الإسلام من الخوف- ما حجزك عن المعاصي فما زاد فلا يحتاج إليه. وقال أهل العلم غير ابن تيمية : الخوف من الله عز وجل: أن إذا جلست وحدك تصورت كأن الله بارز للناس على عرشه. وقال أحد الصالحين: الخوف كأنك تتلظى في نار جهنم، وكأنك أفلست حتى من لا إله إلا الله. ..،،.. والحوف الذي لا يترك صاحبه المعصية ليس بخوف، إنما هو كلام باللسان. ومن كثرة رقابة عباد الله عز وجل الصالحين لربهم أثمر الخوف فيهم الاستقامة وترك المعاصي . فالإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر بالقلب وصدقه العمل، ولذلك يظهر الإيمان وآثار الخوف في الأعمال الصالحة . .،،. قال على ر ضي الله عنه وأرضاع وهو يبكي في ظلام الليل: [يا دنيا يا دنية غري غيري، طلقتك ثلاثاً لا رجعة بعدها, زادك حقير، وعمرك قصير, وسفرك طويل، آه من قلة الزاد, وبعد السفر، ولقاء الموت ] .. ألف الزاهد الكبير عبدالله بن وهب المصري كتاب أسماه: "أهوال يوم القيامة" ، فقال له أصحابه: اقرأ علينا الكتاب. قال :أما أنا فوالله ما أستطيع أن أقرأ الكتاب، لكن مروا أحدكم يقرأ الكتاب. قالوا: أبنك يقرأ الكتاب علينا. فاندفع ابنه يقرأ الكتاب الذي ما سمع الناس بمثله في بابه. فغشي على عبدالله بن وهب . قال الذهبي: بقي ثلاثة أيام مغمى عليه ومات في اليوم الرابع. .. وأثر عنه أنه كان يغتسل يوم الجمعة، فسمع ابنه الصغير يقرأ: ( وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ ) فأغمى عليه وسقط وهو يغتسل. .. والخوف دائماً أعظم المنازل عند أهل العلم. يقول أحد تلاميذ ابن المبارك: سافرت مع عبدالله بن المبارك فرأيته في السفر فقلت: سبحان الله يصلي كصلاتنا، ويقرأ كقراءتنا، ويصوم كصيامنا، ورفع الله له الذكر الحسن في الناس، ورفع الله له مكانته في العالمين، فبماذا؟ قال: فدخلنا حجرة ونحن مسافرون فانطفأ السراج علينا، فذهبنا نلتمس سراجاً نستضيء به، فأتينا ابن المبارك بعد ساعة بالسراج فإذا هو في الظلام يبكي ودموعه تتحدر من رأس لحيته. قلنا: مالك يا أبا عبدالرحمن؟ قال: والله لقد ذكرت القبر بهذه الغرفة المظلمة الضيقة فكيف بالقبر؟ فعلم هذا التلميذ مصدر السر وراء هذه المنزلة العالية لابن المبارك.. إنها الخشية والخوف من الله. .. كان أبن عمر فيما أثر عنه إذا قرأ(وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍِ) يبكيي ويقول: اللهم لا تحل بيني وبين ما أشتهي. قالوا: تشتهي ماذا يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أشتهي ان أقول: لا إله إلا الله في قبري فيحال بيني وبين لا إله إلا الله. هل سمعتم بمقبور يقول لا إله إلا الله ؟!!؟ .،،. تقوى الله يوزعها على البشر سبحانه وتعالى لا تختص بغني ولا فقير، ولا كبير ولا صغير، ولا أحمر ولا أسود، إنما يوزعها سبحانه وتعالى لأنه يعلم القلوب التي تستأهل الهداية . يقول أبو ذر رضي الله عنه وأرضاه: بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي فقام يصلي من الليل، فسمعته يقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ثم بكى، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم ثم بكى، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم ثم بكى، ثم قال: ويلٌ لمن لم تدركه رحمة الله، ويلٌ لمن لم تدركه رحمة الله، ويلٌ لمن لم تدركه رحمة الله. .. أورد بعضهم أن رجلاً من بني أسرائيل عبد الله في جزيرة من الجزر، فكان طول يومه في العبادة والعزلة، فلما توفاه الله بعد خمسمائة عام من تلك العبادة قال له: أتدخل الجنة بعملك أو برحمتي؟؟ قال : بل بعملي لأنه تكاثر الخمسمائة عام. فقال الله عز وجل: يا ملائكتي أحصوا عمله ونعمتي عنده، فأحصوها فوجود أن صلاته وعبادته وشكره في خمسمائة عام لا تعادل إلا نعمة البصر. قال: خذوه إلى النار. فصاح وقال: يا رب أدخلني الجنة برحمتك! فرحمه الله فأدخله الجنة ليعلمه أن نعم الله لا تحصى لو عدها العاد. .. ولذلك يقول صلى الله وعليه وسلم في الصحيحين: " "لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله إلا برحمة الله"." قالوا: حتى انت يا رسول الله؟ قال: " "حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته"." .. دخل المهدي الخليفة العباسي المسجد النبوي، على صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فقام الناس جميعهم له إلا ابن أبي ذئب المحدث العالم الكبير. فقال له المهدي: لماذا لم تقم لي؟ قال: هممت أن أقوم لك فتذكرت قوله تعالى: ((يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) فتركت القيام لذاك اليوم. قال المهدي : اجلس فوالله ما بقيت شعرة في رأسي إلا قامت. .. وعمر رضي الله عنه وأرضاه من مخافته من الله ، أنه يوم خطب أول خطبة أعلن فيها المبادئ والأسس التي ينبغي أو يجب أن يسير عليها قطعها بالبكاء، فقالوا: ما لك يا أمير المؤمنين؟ قال: والله لوددت أن أمي لم تلدني، يا ليتني شجرة فأعضد، إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم . .. خرج عمر ذات ليلة من الليالي يطوف بسكك المدينة، فسمع امرأة تبكي من وراء الباب، فأنصت لها قليلاً فقال له مولاه أسلم: مالك يا أمير المؤمنين؟ وعمر يبكي. قال: أذهب بنا يا أسلم. قال: فعدت معه إلى بيت مال المسلمين فحمل جراباً من شحم، وجراباً من زيت، وجراباً من دقيق، فقال: احمله على ظهري. قلت: يا أمير المؤمنين انا أحمله عنك. قال: أأنت تحمل أوزاري يوم القيامة؟ قال: فحمله، فوالله لقد رأيته يهرول أمامي ثم دخل البيت واستأذن وجلس في طرف البيت يصنع عشاء الأسرة، فتقول المرأة: من أنت رحمك الله؟ والله لأنت خير من عمر بن الخطاب. أنت بتواضعك وخدمتك وقيامك على شؤوننا خير من الخليفة عمر، ولا تدري أنه عمر. قال أسلم: فلما انتهينا انطلقت معه وقد أذن لصلاة الفجر، فقام يصلي بنا، فلما بلغ قوله تبارك وتعالى في سورة الصافات: {وقفوهم إنهم مسؤولون} بكى حتى سمعنا بكاءه من آخر الصفوف، ثمر مرض بعدها شهراً كاملاً من خوف الله عز وجل. .،،. أسباب الخوف: والأمور التي تحدث الخوف عند المؤمن أربعة امور، أن تذكرها وتدبرها أحدثت له رقة وذكرته موعود الله عزو جل ولقاء الله. -1- زيارة المقابر، فإن فيها الأولاد والأحفاد والأجداد، وفيها الأحباب والأصحاب والأصدقاء. لذلك يقول صلى الله عليه وسلم : " زوروا المقابر فإنها تذكر بالموت". يقول محمد بن واسع: مررت بمقبرة فقلت : لا إله إلا الله محمد رسول الله، فسمعت هاتفاً من المقابر يقول: يا محمد بن واسع تزود منها، فوالله لو تعلم أجرها لأخرجتها مع انفاسك، قد حيل بيننا وبين لا إله إلا الله فما نستطيع نقولها. -2- تذكر الموت دائماً وأبداً وكلما أصبح العبد وكلما امسى وكلما اوى إلى فراشه. تقول فاطمة بنت عبدالملك زوجة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وأرضاه: كان عمر إذا أوى إلى فراشه تقلب كالطائر الخائف من البرد، فقلت: يا امير المؤمنين لم لا تنام؟ قال: كيف أنام وقد ذكرني هذا الفرش بالقبر؟ .،،. قال ابن عمر : [وددت -والله- أن الله تقبل مني مثقال ذرة, قالوا: لماذا؟ قال: يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27] قالوا: أتخشى وأنت تعمل الصالحات؟ قال: والله ما أخاف من الصالحات ولكن أخاف أن أعمل صالحاً، فيقول الله: وعزتي وجلالي لا أقبلها منك ] خوفاً من أن يكون دخلها الرياء والنفاق والسمعة . .،،. -3- تذكر أنه تعالى شديد العقاب ، وأنه إذا اخذ لم يفلت، وأنه إذا انتقم انتقم انتقاماً شديداَ سبحانه وتعالى. -4- ملاحظة نظر الرب سبحانه وتعالى. يقول ابن تيمة: القلب بيت الرب، ولا يمكن أن يصلح هذا البيت ولا يبقى ولا أن يصدق معه سبحانه وتعالى إلا أذا لا حظت أن الله ينظر إليك. كان الإمام احمد رحمة الله إذا دخل بيته تربع وهو وحده وجلس خائفاً متخشعاً، فقالوا: ما لك تجلس مع الناس ولا تخشع ، وإذا جلست وحدك خشعت؟ قال: يقول الله: " أنا جليس من ذكرني"، فكيف لا أتادب معه تبارك وتعالى. ..،،.. أسباب عدم الخوف من الله : -1- الغفلة الناس كلهم لهم قلوب لكن بعضهم لهم قلب حي، وبعضهم لهم قلب ميت، قال تعالى: (ام على قلوبٍ أقفالها)، فالغفلة إذا رانت على القلب أنسته موعود الله وذكر الله. -2- المعاصي، فإنها أعظم ما يحجب العبد عن مولاه سبحانه وتعالى. -3- قلة مخافة الله عز وجل وعدم خشيته -4- ضياع الوقت ، وكثير من المسلمين ما يحسبون للوقت حساباً بل يحسبون الدرهم والدينار، فتذهب الليالي والأيام فلا يتفكرون فيها أبداً. وأعظم ما يستغل الوقت فيه هو أداء الفرائض. .،،. اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة, ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى . سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. .،،. ودمتم على الطاعات .،،. إحفظ الله يحفظك لـ عائض القرني |
||
مواقع النشر |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | الردود | آخر مشاركة |
اخبار الحج في يوم عرفة | صقر قريش | أخبار العالم وأحداثه الجارية | 5 | 12-08-2008 02:59 AM |
نوازل الحج /النازلة الأولى : العجز عن الحصول على تصريح الحج | ابو ضمضم | الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي | 9 | 11-23-2008 07:34 AM |
وضع اليد على الخد عادة نسائية تضر بالبشرة | ورد الجوري | الـصـحـة و التغذية | 3 | 02-02-2008 02:39 PM |
ع + ر + ف +ة = يوم عرفة .,,,السؤال هل فكرنا يوماُ مامعنى حروفه عرفة | بَنتْ الأصَآيلْ | منتدى مواسم الخير | 7 | 05-17-2007 04:24 AM |
غرفة النوم | دفء الحنين | الأسرة و الـتربـيـة | 6 | 09-04-2005 01:23 PM |