رسائل موجهة من فضيلة الشيخ / سلمان العودة
الأولى- رسالة للأهل بأن يقدموا التربية قبل الخبز لبناتهم، الرقابة لابد منها، ولكنها لا تكفي، فالتي تريد الشر تحصل عليه، ومع هذا قد يتطلب الموقف فصل الاشتراك عن الإنترنت نهائياً، ويجب أن يكون الإنترنت في مكان مشترك، وعلى مرأى ومسمع من الجميع، وأن يتم توجيه الأولاد والبنات، إلى طرق الاستخدام الصحيحة، وتعريفهم بالمواقع الجادة، وتحذيرهم من المزالق والمنعطفات، وأن يوضع على الحاسب أجهزة الفلترة التي تمنع الصور الخليعة.
الثانية- رسالة للفتيات بمراقبة الله جل جلاله، والخوف من عقابه، وتذكري أن الله يراك, أنت تغلقين الباب عن أهلك، ولو رآك أحد منهم تتسللين إلى موقع إباحي، أوتندمجين في حديث وجداني زائف مع شاب لا تعرفينه لربما شعرت بالحرج؛ فلا يكن الله -جل جلاله- أهون الناظرين إليك، (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (المجادلة: من الآية7).
أختي الغالية، إن الحياة إذا خلت من هدف نبيل؛ فالموت خير منها، وإن الإنسان الحق هو من ينهى نفسه عن الهوى، أما الحيوان فكلما راقه شيء فعله، فاجلسي مع نفسك جلسة مصارحة، ولا تندفعي بغير بصيرة، كوني صريحة مع أمك وضعيها في الصورة، فإن لم يكن فمع إحدى المعلمات أو القريبات التي تثقين بدينها وأمانتها، ومحافظتها على السرية. ومازلت أذكر تلك الفتاة، بنت الستة عشر ربيعاً حين قالت لي: "بالصدفة وقعت عيني على أحد اللاعبين، فتعلقت به، فأول عمل قمت به أن ذهبت إلى والدتي، وأخبرتها بالأمر؛ لأنني لا أضمن نفسي إلى أين ينتهي بي المطاف".
إن مثل هذا الموقف الرائع النبيل يستحق الثناء والإكبار، وحين تحتاجين إلى الحديث مع رجل آخر أجنبي، فعليك مراعاة ما يلي:
أولاً- عدم استخدام الصورة في الإنترنت بأي حال من الأحوال، وقد يقول البعض: ليس هناك –أصلاً- مجال أو تفسير في الصورة. فأقول: جميل ألا يكون هناك مجال، ولا تفسير في الصورة، لكن الشيطان ذكي، وصاحب تجربة، فربما يطرح عليه فكرة الزواج والخطبة والرؤية الشرعية، ونحن كثيراً ما نخدع أنفسنا، ونلبس الخطأ الصريح لبوس الخير والقصد الحسن.
ثانياً- يكفي الخط والكتابة، فإذا احتجت إلى مكالمة، أو محادثة شفوية فالتزمي بالأمر الرباني: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب:32)، إذا كان هذا لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فكيف بغيرهن؟! (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) ، وإذا كان هذا في عهد النبوة؛ فكيف بعصر الإنترنت، والقنوات الفضائية؟! (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) .
ثالثاً- الجدية في التناول، وعدم الاسترسال، فيما لا طائل من ورائه. إن الكثير من الشباب يهمه أن يسمع صوت أنثى، وهكذا المرأة، فهي شقيقة الرجل، فلا تجعلي للشيطان مدخلاً إلى نفسك.
رابعاً- الحذر، واليقظة، وعدم الغفلة؛ فالذين تحادثينهم أشباح غير معروفين، قد يدخل الرجل باسم امرأة أو العكس حاجباً إجابات أسئلة كثيرة: ما المذهب؟ ما المشرب؟ ما البلد؟ ما الدين؟ ما الملة؟ ما النحلة؟ ما النية؟ ما المقصد؟... وبالتجربة فإنني أقول: المرأة شفافة، وسرعان ما تصدق ما يقوله الرجل، وكثيراً ما تقول الفتاة: لكن الرجل الذي أتعامل معه غير. ثم يتبين بعد ذلك أنه ليس غيراً ولا خيراً. الرجل الذي يتسلل إليك في الإنترنت أو الهاتف: مرة ناصح أمين، ومرة ضحية تئن وتطلب الإنقاذ، ومرة أعزب يبحث عن شريكة حياته، ومرة مريض يريد الشفاء... وفي كل مرة فهو رجل يُعجب بالأنثى، فكوني على حذر؛ فأنت الضحية!
خامساً- يجب أن تكوني على علاقة جيدة مع أخواتك العاملات في مجال الإنترنت، تعاوناً على البر والتقوى، وتواصياً بالحق والصبر، وحفاظاً على النفس، واجعلي دعوتك ومحادثتك مع البنات، وصُمّي أذنيك عن عواء الذئاب، وإن خُيّل إليك أنه هادئ، وجميل، وأخاذ، وما يقال في الإنترنت، يُقال في الهاتف والهاتف الجوال.
المحادثة عبر الهاتف كم تأخذ من وقت الفتاة، استقبال مكالمات غير معروفة المصدر، التسلية في البداية، ثم التعلق والإدمان، وكثرة الاتصال، وتعاطي رسائل عبر الجوال، ذات إيحاءات جنسية، فضلاً عن الكم الهائل من الرسائل العاطفية، لا تظني أن هذه الرسائل التي تأتيك هي من إنشائه. فضلاً عن أن تكون تعبيراً صادقاً عن شعوره نحوك، إنها رسالة وصلت إليه فقام بإعادة إرسالها، أو قام باقتباسها من مواقع في الإنترنت متخصصة في رسائل الجوال، فكوني أهلاً للثقة.
وللفتيات الراغبات، في التخلص من آثام المكالمات الهاتفية ما يلي:
تخلصي من الهاتف، ولو بشكل مؤقت، غيري رقم هاتفك الجوال الذي يعرفه، اجعليه عائلياً، لا تردي على أي رقم، أو مكالمات لا تعرفينها، برمجي جهازك على تصريف أي رقم آخر غير مخزن لديك. وأولاً وأخيراً تذكري رقابة الله جل جلاله، وعلمه المحيط بكل شيء (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59)، (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) (يّـس:12)، (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (الكهف:49).
المصدر : الإسلام اليوم