قهوة الغربي..

[مراسل ثقيف]

قهوة الغربي.. قهوة الغربي.. قهوة الغربي.. قهوة الغربي.. قهوة الغربي..

بعد فراغة من أداء صلاة الصبح وتلاوته الأذكار التي إعتاد على ترديدها بصوت جهوري كل يوم، تنحنح ثم نهض ونزع ثوبه الذي يرتديه وتناول كمره ذا اللون البني المرصع بأزرار فضية من الحائط وأخذ يحكم وثاقة حول خصره ودس في أحد جيوبه حفنة من النقود وهو يصغي السمع لجملة من الضروريات التي أخذت الوالدة ترديدها على مسامعه وهي على يقين أن جلها أن لم يكن أكثر لن تراها، ولا زلت أتذكر كم كانت تلح عليه أن لا ينسى فتيلة الفانوس والقصب والحرير الأفلاطوني، هز رأسه وإرتدى ثوبه وإعتمر مصدعه وإلتقط زنبيل المقاضي ثم دلف خارجا مودعا بعد أن ألقى بعض الأوامر، فهمت أنه يريد أن يهبط إلى السوق. إلتمس طريقه في عتمة نحو ذلك الهاف الأحمر الذي كان ينتظره عند مفترق الطرق حدر الوادي.
في ذلك المقهى الشهير الذي لا يكاد مجلس يخلو من ترديد إسمه ويقع في أقدم أحياء الطائف، وعلى كراسيه الخشبية المتقابلة المغزولة بسعف النخيل ويتوسطها طاولة حديدية مجوف أحد أركانها لشربة الماء، كان محط رحالهم وسط ترحيب من القهوجي وعدد من الجماعة يسكنون الطائف وإعتادوا على ملاقاتهم في هذا المكان لتجاذب أطراف الحديث والدردشة ولا يخلو حديثهم عادة من أحوال الديرة وعلوم الخير والأمطار والحلال وتناول إفطارهم فيه، وبعد أن دبت الحياة في المكان إنصرف الجميع كل إلى مبتغاه على أمل أن يلتقوا ثانية عند الظهر في الموقع ذاته (قهوة الغربي) فهذا إتجه إلى سويقة لبيع شيء من بيض بلدي وسمن بري جادت به شياهه وشراء بعض الكماليات وذاك ذهب لزيارة أقرباء له في حي قريب وآخر إلى المنشية بينما راح صاحب السيارة يتفقد سيارته، تململ والدي في النهوض وعلى نبرات صوت السائق العالية، دلدل ساقيه من على كرسيه الخشبي مستندا على كلتا يديه يلتمس حذاءه أجلكم الله ونصب ظهره إلى الأعلى وهو يردد يا الله على بابك ما خاب طلابك وصاح (حاسب ياقهوجي) وناوله بضع ريالات أخرجها من كمره. دس كيس المقاضي تحت إبطه وسار قاصدا سويقة ويبدو أنه لا يزال يتذكر بعضا مما أملته عليه الوالدة عندما هم بمغادرة المنزل. وللحديث بقية

[أبو عبدالرحمن]

كم أنت مبدع أخي وكاتبنا ومراسلنا الرائع

وصف رائع لجزء من حياة يوم لجيل مضى..

متابع معك ..

[الحارث بن همام]

أبدعت أخي الكريم مراسل ثقيف
كم نحن بحاجة لمثل هذه الموضوعات الرائعة الجميلة التي تعيدنا الى ماض قريب وجميل .
إني أشعر بميلاد مقداد جديد ، هل هو مقداد أكبر ، أوأصغر ، أو أكبر من الأصغر ؟ سننتظر لنحكم .

[منقاش]

tbark allaho ma shaa allah
abdat akhy mrasl thgeef
wassel wa nhno maak be athanen sagih wa globen waaiah

[ابوسيفين]

بارك الله فيك أخي الكريم لقد عُدت بنا الى زمن تلمّسنا جزءاً منه 0
إستمتعت كثيرا وأحسست أنّني قد رافقت أحد أفراد ذلك الوفد لكنني أُنكر عليك أنّك لم تذكر مرورنا بذلك الدّكان الشّهير وأخذ مُستلزمات الشّاهي والإفطار منه 000 لك تحيّاتي 0

[المقداد]

بارك الله فيك مراسلنا الأغر, وأحسنت ثم أحسنت ولا أخفيك أنني أتوق للكتابة عن هذا المركاز ومواضع له مشابهه, ولكنك قطعت ووفرت علينا جهد ذلك ,إسلوب شيق يجبر المتابع على التتبع والإنصات فشكراً لك ..

الحارث بن همام, تحية جيدة , ويبدو أن آل مقداد بدأوا يتوافدون في الموقع فالحذر الحذر ! وأنا شخصياً أتطلع لقيادة هذا الحزب الحديدي,
ضارباً بحلف الشيخ عرض الحائط .

ولحديثي في أم الموضوع بقية .


المقداد

[ابوسيفين]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المقداد

بارك الله فيك مراسلنا الأغر, وأحسنت ثم أحسنت ولا أخفيك أنني أتوق للكتابة عن هذا المركاز ومواضع له مشابهه, ولكنك قطعت ووفرت علينا جهد ذلك ,إسلوب شيق يجبر المتابع على التتبع والإنصات فشكراً لك ..

الحارث بن همام, تحية جيدة , ويبدو أن آل مقداد بدأوا يتوافدون في الموقع فالحذر الحذر ! وأنا شخصياً أتطلع لقيادة هذا الحزب الحديدي,
ضارباً بحلف الشيخ عرض الحائط .

ولحديثي في أم الموضوع بقية .


المقداد

وجدت أثراً لك هنا أيها العمده فاشتقت أن اُلقي السلام 0 وقد حمّلني الشيخ في إتصال له السلام وقال لي أخبر المقداد بأنني لم أنسى وصايته ، وكل مقام له حمام فلايغُرّه الكلام 0000000000

[العربي]

رائع ما سطره قلمك مراسلنا الكريم وسردك الجميل لتلك الذكريات العبقة التي كم أسعدتنا وكم حزنّا لتذكرها ولكن في النهاية تبقى هي أجمل ما يحمله الإنسان من شعور مرهف فيّـاض حاملاً معه العواطف الجياشة ..
فقهوة الغربي ذلك الاسم الرنان وذلك المكان المتربع في طرف حي السليمانية والذي يُعد من أشهر أحياء الطائف آنذاك ولن ينساه ممن عاشوا تلك الحقبة الزمنية بل كانت تلك القهوة هي بمثابة الصالون الأدبي والثقافي لسكان الطائف وضواحيها..

[الحاج سلام]

شكرا مراسلنا العزيز على هذا الموضوع فقد حركت الذاكرة ونبشت في الماضي فاثرت الذكريات الجمييلة ببساطتها وعفويتها .
بقي لي القول بانني آمل منكم السماح لي بالتوقف قليلا عند زوايا الموضوع والقاء الضوء على بعض المكونات الذي جاء ذكرها فيه
.
- قهوة الغربي تقع في شرق حي السليمانية القديم الذي ازيل واظن ان مكانها الان فرع للبلدية .
يوازيها وينافسها مقاهي يرتادها ابناء القرى مثل قهوة نعمان في الزاوية الجنوبية الغربية لحي السليمانية .

وقهوة اقدم من هاتين القهوتين نسيت اسمها داخل حي السليمانية بالقرب من مجمع مطاعم بلدية شهيرة في هذا الحي .

- الكمر الحزام المتطور الذي حل مكان الدسمال في شد الوسط شيئ من الماضي الجميل والكثير من ابناء الجيل الجديد لا يعرفه ، وهو بالاضافة الى كونه مكان حمل النقود فهو ايضا حزام لا يستغنى عنه لان الرجل المحترم من ابناء القبائل في ذلكم الوقت لا يمكن ان يغادر منزله بدون حزام وخنجر وعصا ويجوز احيانا للضرورة عدم حمل الخنجر .

- اصول تصليح الشاهي في المقاهي في ذلكم الوقت تختلف عنها الآن حيث تبدأ باحضار الشاي والسكر في تلك اللفافات المخروطية التي لم ارها من زمن بعيد ، ومعروف حجم البراد المطلوب من حجم الشاهي والسكر المجلوب اصغرها ابو اربعة واكبرها ابو اثنعش على ما اذكر .
هذه مجرد اضافات لا تنتقص من جمال الموضوع كما رواه الكاتب .

واكرر ما ذكره اخي الحارث بن همام من اننا نلا حظ ان هناك من بدأ يزاحم المقداد في عقر داره ،،،،

[المقداد]

(( ومن حوى التاريخ في صدره ** أضاف أعماراً الى عمره ))

كنت مضطجعاً ليلة أمس بين نوم ويقظة أسأل نفسي عن قهوة الغربي وعن أولئك الناس الذين كانوا يرتادونها فوقفت على أطلالهم من خلال مقتنياتهم ومركباتهم وأثوابهم , أدركت وأنا شاخص البصر في الصفحة أن مثل هذه المواضيع تنساب في نفسي بلفظ رقراق مع معنى عميق , فعلى تلك الكراسي العتيقة كان يحلو السمر , وعلى أباريق الشاي يزيد الجمع توهجاً ,المتأمل سيشعر بروعة المشهد ويتصور أنه قد عايش ذلك وهلة بوهلة ,عاصرتهم الحياة وإعتصرتهم , جاسوا خلال الديار لنقطف نحن بعدهم ثمار حضارتهم وثقافتهم , لعمري إنها تجارب جميلة, ونحن بالمعرفة أولى من سوانا, فلا أطيق العيش تحت رحمة المصادفة, فأسعفنا بباقيك أيها المراسل الكريم, ففي النفس أخبار وروايات تستحق أن تكتب لكن حديثك الأجمل يجعلنا متوقفين مشرئبين منصتين ..

تقول في متن كلامك (( دلل ساقيه ))!! ثم صاح بعفوية (( حاسب ياقهوجي )) !!
وأقول أنا بعفوية مماثلة وقد دللت ساقي من على كرسي أمام جهاز الكمبيوتر(( جود بحلقة آخرى أيها الجميل بحق ))..

الأخ العربي أعجبني تشبيهك لهذه القهوة بـــ" الصالون الأدبي "


أبو سيفين تحية من محبك المقداد, والشيخ على ما يبدو أختص الحمام لنفسه وأصطفى شيئاً منه للمدير ! وهذا أمر مزعج بالنسبة لى ويجعلني في حالة فوضى وصراع نفسي بمجرد التفكير به , فنحن وكما تعلم تقدم بنا السن وأردنا من الشيخ أن يختصر كثيراً من الوقت في الترحال وما يترتب على ذلك من تكاليف وأعباء, ليحكي لنا عن خبراته في ذلك القطر من الأرض ويجلب لنا حماماً نربيه ونسكنه الأبراج العالية الرفيعة ونؤصل فيه كل الأشياء الجميلة ..
لكن شيخنا إذا ركب الجو أضحى ضريراً عن حلفه , لذا وجب عليك إبلاغ الشيخ " أن ما يمكن علاجه نستطيع تحمله "
ولكن إذا كان شيخنا لا يرجى برؤه فكيف بالله عليك سنتحمل هذا الضغط منه والدكتاتورية المقيته التي يمارسها علينا ..

الحاج سلام , أتمنى إستذكار أسم القهوة الأقدم التى ذكرتها , فالمقداد الأعظم لديه إضافات جمة حول هذا الموضوع إن سمح لنا المراسل الكريم ..

المقداد