وعن أحمد , رواية أخرى , أن الصوم شرط في الاعتكاف . قال : إذا اعتكف يجب عليه الصوم . وروي ذلك عن ابن عمر , وابن عباس , وعائشة . وبه قال الزهري , ومالك , وأبو حنيفة , والليث , والثوري , والحسن بن يحيى ; لما روي عن عائشة , عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه قال : لا اعتكاف إلا بصوم } . رواه الدارقطني .
قال سعيد : حدثنا عبد العزيز بن محمد , عن أبي سهل , قال : كان على امرأة من أهلي اعتكاف , فسألت عمر بن عبد العزيز . فقال : ليس عليها صيام , إلا أن تجعله على نفسها . فقال الزهري : لا اعتكاف إلا بصوم . فقال له عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا . قال : فعن أبي بكر ؟ قال : لا . قال : فعن عمر ؟ قال : لا . قال : وأظنه قال : فعن عثمان ؟ قال : لا . فخرجت من عنده , فلقيت عطاء وطاوسا , فسألتهما , فقال طاوس : كان فلان لا يرى عليها صياما , إلا أن تجعله على نفسها , وأحاديثهم لا تصح . أما حديثهم عن عمر , فتفرد به ابن بديل , وهو ضعيف , قال أبو بكر النيسابوري : هذا حديث منكر . والصحيح ما رويناه , أخرجه البخاري , والنسائي , وغيرهما . وحديث عائشة موقوف عليها , ومن رفعه فقد وهم , ولو صح فالمراد به الاستحباب ; فإن الصوم فيه أفضل , وقياسهم ينقلب عليهم ; فإنه لبث في مكان مخصوص , فلم يشترط له الصوم كالوقوف , ثم نقول بموجبه , فإنه لا يكون قربة بمجرده , بل بالنية . إذا ثبت هذا فإنه يستحب أن يصوم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف وهو صائم , ولأن المعتكف يستحب له التشاغل بالعبادات والقرب , والصوم من أفضلها , ويتفرغ به مما يشغله عن العبادات , ويخرج به من الخلاف . ( 2150 )
فصل : إذا قلنا : إن الصوم شرط . لم يصح اعتكاف ليلة مفردة , ولا بعض يوم ; ولا ليلة وبعض يوم ; لأن الصوم المشترط لا يصح في أقل من يوم . ويحتمل أن يصح في بعض اليوم , إذا صام اليوم كله ; لأن الصوم المشروط وجد في زمن الاعتكاف , ولا يعتبر وجود المشروط في زمن الشرط كله . http://www.islamweb.net/ver2/library..._no=15&ID=1739