الانتقال للخلف   منتديات بلاد ثمالة > الإسلام والشريعة > الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 02-09-2009
الصورة الرمزية alsewaidi
 
alsewaidi
أبو ماجد

  alsewaidi غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 585
تـاريخ التسجيـل : 05-08-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,046
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : alsewaidi مبدع
افتراضي رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا

رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا

ـ 5 ـ

الوسطية والاقتصاد في أعمال الخير:
وهذه الوسطية، لم تكن بمنأى عن اهتمام علمائنا - رحمهم الله ـ فقد أَوْلَوها جُلّ عنايتهم في مباحث كثيرة، وحسبنا هنا مقتطفاتٌ من كلام سلطان العلماء العزّ بنِ عبد السلام ـ رحمه الله ـ حيث عقد لها فصلاً في كتابه (( القواعد الكبرى )) بعنوان (( فصل في الاقتصاد في المصالح والخيور ))، قال فيه:
" الاقتصاد رتبة بين رتبتين، ومنزلة بين منزلتين. والمنازل ثلاثة: التقصير في جلب المصالح والإسراف في جلبها، والاقتصاد بينهما. قال تعالى (( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كلَّ البسط فتقعد ملوماً محسوراً ))[ الإسراء، 29 ]. وقال حُذَيْفَةُ بنُ اليمان رضي الله عنه : (( الحسنة بين السيئتين )) ومعناه : أن التقصير سيئة ، والإسراف سيئة ، والحسنة : ما توسط بين الإسراف والتقصير . وخير الأمور أوساطها، فلا يكلِّف الإنسان نفسه من الطاعات إلا ما يطيق المداومة عليه، ولا يؤدي إلى الملالة والسآمة، ومن تكلف من العبادة ما لا يطيقه فقد تسبب إلى تبغيض عبادة الله إليه، ومن قصَّر عما يطيقه فقد ضيع حظّه مما ندبه اللّه إليه وحثَّه عليه... وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التنطُّع في الدِّين، وقال: (( هلك المتنطعون )) [1]
ثم قال: " وللاقتصاد أمثلة:
منها: الاقتصاد في استعمال مياه الطهارات، فلا يستعمل من الماء إلا قدر الإسباغ ولا ينقض منه. ومنها الاقتصاد في المواعظ، فإذا كثرت المواعظ لم تؤثر في القلوب فتسقط بإكثارها فائدة الوعظ، ومنها الاقتصاد في قيام الليل، والاقتصاد في العقوبات والحدود والتعزيرات، فيعاقب كل واحد من الجناة على حسب قوته وضعفه وكذلك الاقتصاد في الضرب... ومنها الاقتصاد في الدعاء، لأن الغالب على أدعية رسول الله صلى الله عليه وسلم الاختصار فكان يدعو دعوات مختصرات جامعات، ومنها الجهر بالكلام: لا يخافت بحيث لا يسمعه حاضروه ولا يرفعه فوق حدّ أسماعهم لأنه فضول لا حاجة إليه، ومنها الأكل والشرب: لا يتجاوز فيها حدّ الشبع والرّي، ولا يقتصر فيها على ما يضعفه ويضنيه، ومنها زيارة الإخوان، لا يكثر منها بحيث يملُونه ويستثقلونه، ولا يقلل منها بحيث يشتاقونه ويعتبونه. ومنها دراسة العلوم، لا يكثر منها بحيث يؤدي إلى السآمة والكراهة، ولا يقللّها بحيث يعد مقصراً فيها، وكذلك المزاح والضحك واللعب، وكذلك المدح المباح...
وعلى الجملة: فالأولى بالمرء أن لا يأتي من أقواله وأعماله إلا بما فيه جلب مصلحة أو درء مفسدة، مع الاقتصاد المتوسط بين الغلو والتقصير.. "([2]

. أخرجه مسلم : 4 / 2.55 .


[2]- القواعد الكبرى ، قواعد الأحكام في إصلاح الأنام، للعز بن عبد السلام: 2/340 وما بعدها.
توقيع » alsewaidi
قال بعض السلف:"قد أصبح بنا من نعم الله تعالى ما لا نحصيه مع كثرة ما نعصيه فلا ندري أيهما نشكر، أجميلُ ما ينشر أم قبيح ما يستر...؟"
رد مع اقتباس
قديم 02-09-2009   رقم المشاركة : ( 2 )
alsewaidi
أبو ماجد

الصورة الرمزية alsewaidi

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 585
تـاريخ التسجيـل : 05-08-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,046
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : alsewaidi مبدع


alsewaidi غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا

6-

الوسطية في تكاليف الشريعة
ثم كان للإمام أبي إسحاقٍ الشَّاطِبيِّ – رحمه الله – نظرٌ دقيق نافذ ٌ، أبان فيه أنَّ الشريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطريق الوسط الأعدل، الآخذ من الطرفين بقسط لا ميل فيه، الداخلِ تحت كسب العبد من غير مشقة عليه و لا انحلال، بل هو تكليف جار على موازنة تقتضي في جميع المكلفين غايةَ الاعتدال كتكاليف الصلاة، والصيام، و الحج، و الجهاد، والزكاة، وغير ذلك مما شُرِع ابتداءً على غير سببٍ ظاهر اقتضى ذلك، أو شُرِع لسببٍ يرجع إلى عدم العلم بطريق العمل؛ كقوله تعالى: ] و يسألونك ماذا ينفقون[، و أشباه ذلك.
فان كان التشريع لأجل انحراف المكلّف، أو وجود مظنّة انحراف عن الوسط إلى أحد الطرفين، كان التشريع رادّاً إلى الوسط الأعدل؛ لكن على وجه يميل فيه إلى الجانب الآخر ليحصل الاعتدال فيه، ِِفعل الطبيبِ الرفيقِ يحمل المريض على ما فيه صلاحه بحسب حاله و عادته، وقوة مرضه و ضعفه؛ حتى إذا استقلت صحته هيّأ طريقا في التدبير وسطاً لائقاً به في جميع أحواله...
فإذا نظرت في كلية شرعية فتأمّلها تجدها حاملة على التوسط. فإنن رأيت ميلاً إلى جهة طرف من الأطراف، فذلك في مقابلة واقع أو متوقع في الطرف الآخر.
فطرف التشديد - وعامة ما يكون في التخويف و الترهيب و الزجر – يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الانحلال في الدِّين.
و طرف التخفيف - و عامة ما يكون في التَّرْجِيَة و الترغيب و الترخيص- يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الحرج في التشديد – فإذا لم يكن هذا ولا ذاك رأيت التوسط لائحاً، ومسلك الاعتدال واضحاً. وهو الأصل الذي يُرجَع إليه، والمعقل الذي يُلْجَأ إليه.
وعلى هذا، إذا رأيت في النقل من المعتبرين في الدِّين من مال عن التوسط فاعلم أن ذلك مراعاة منه لطرف واقع أو متوقع في الجهة الأخرى؛ وعليه يجري النظر في الورع والزهد، وأشباهها، وما قابلها[1]

[1] ـ (( الموافقات في أصول الشريعة)) للشاطبي 2 / 163 ـ 168 ، باختصار .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 02-09-2009   رقم المشاركة : ( 3 )
alsewaidi
أبو ماجد

الصورة الرمزية alsewaidi

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 585
تـاريخ التسجيـل : 05-08-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,046
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : alsewaidi مبدع


alsewaidi غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا



ـ 7 ـ

الوسطية تُعْرَف بالشرع:
ومعرفة الوسطية والتوسط لا تخضع للأهواء أو التقديرات الذاتية وإنما تعرف بالشرع، وقد تعرف بالعوائد وما يشهد به معظم العقلاء، وإذا كنا قد ألمحنا إلى معاني الوسطية ووجوه استعمالها، فإن ذلك يشير أن الوسطية هي:كون الإنسان في دائرة المشروع:الخير والعدل، فإذا وقف المرء دون هذه الدائرة ولم يعمل فيها كان مقصراً مفرّطاً، وإذا تجاوزها كان مُفْرِطاً مغالياً متطرفاً إلى الجهة الأخرى المذمومة، فليس معنى الوسطية ـ إذن ـ أن يكون الإنسان دائماً في نقطة الوسط المادي بين جهتين أو صفتين، فقد يتعدى هذه النقطة ليصل إلى ما أعلى منها دون أن يخرجه ذلك عن دائرة الوسطية، وليس هناك ما يمنع شرعاً من تجاوز العدل إلى الفضل، بل هناك ما يحمل أصحاب النفوس العالية والهمم القوية على الارتقاء دائماً والسمو والتطلع نحو الآفاق العالية الكبيرة التي لا يستطيعها المهازيل أو ضعاف النفوس، ويحملهم أيضاً على الاستكثار من الأعمال الصالحة والتمسك بأحكام الكتاب والسنة.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 02-09-2009   رقم المشاركة : ( 4 )
alsewaidi
أبو ماجد

الصورة الرمزية alsewaidi

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 585
تـاريخ التسجيـل : 05-08-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,046
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : alsewaidi مبدع


alsewaidi غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا

-8-

أصناف ثلاثة:
وقد جعل الله تعالى هذه الأمة التي ورثت الكتاب والوحي ثلاثة أصناف:
( الأول ): ظالم لنفسه، وهو الذي يطيع الله تعالى، ولكنه يقصّر في العمل بالكتاب وفي فعل بعض الواجبات، ويسرف على نفسه بارتكاب بعض المحرمّات وإن كان قائماً بما أوجب الله عليه، وتربي سيئاته في العمل على حسناته. و وجه كونه ظالماً لنفسه في هذه الحال: أنه فوَّت عليها الثواب، ونقَصَها منه بما فعل من الصغائر؛ فإنه لو عمل مكان تلك الصغائر طاعاتٍِ؛ لكان لنفسه فيها من الثواب حظاً عظيماً.
ويصدق هذا الظلم للنفس على من يظلم غير، أيضاً، وذلك لأنه يعرض نفسه للعقاب الذي يترتب على ظلم الآخرين.
( الثاني ): مقتصد في فعل الخيرات، وهو الذي يطيع الله تعالى ولا يعصيه، فيؤدي الواجبات ويترك المحرمات، ولكنه لا يتقرب إلى الله تعالى بالنوافل من الطاعات، ويترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات، فهو يتردد بين العمل ومخالفته، فيعمل تارة ويخالف أخرى، دون أن يصيب كبيرة من الكبائر، وهو بهذا وسط بين السابق والمقصر، تتعادل سيئاته وحسناته.
( الثالث ): سابق بالخيرات بإذن الله، وهو الذي كثر عمله بكتاب الله، وزادت حسناته على سيئاته، ويقوم بالواجبات ويتقرب إلى الله بالنوافل والمستحبات ويجتنب المحرمات والمكروهات وبعض المباحات، فيتقدم إلى ثواب الله وجنته بالأعمال الصالحة ويسبق بها الصنفين السابقين، في الدرجات بسبب الخيرات وإحراز الفضل بسببها.
وهذه الرتبة التي يصل إليها هذا القسم من الأمة المسلمة، عزيزة المنال صعبة المأخذ، لا ينالها إلا من كان ذا همة عالية تتوق إلى ما عند الله تعالى من الجنة والرضوان.... ومن كان له رسالة سامية في هذه الحياة فهو يسعى للقيام بها [1]
وهذه الأصناف الثلاثة هي التي جاءت في الآية الكريمة من سورة فاطر، في سياق الحديث عن الكتاب المنزَّل وما فيه من الحق، وتوريث الكتاب لهذه الأمة المسلمة، ودرجات الوارثين، قال الله تعالى: ] ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا؛ فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير. سورة فاطر ( الآية 32 ) .

ـ 9 ـ

نقد نظرية الفضيلة في الفلسفة الأخلاقية:

يقول الأستاذ علاّل الفاسي: واعتبار الخلق أو الفضيلة وسطاً بين طرفي الإفراط والتفريط، ليس قاعدة إسلامية مسلّمة، وإنما هي نوع من التحليل اليوناني لفلسفة الأخلاق، اقتبسه بعض الأخلاقيين الإسلاميين، لأنه أقرب إلى ما يوضح فكرة الآداب العامة عند المسلمين، وليس في الإسلام ما يجعل التجاوز والسمَّو في الخُلُق مذموماً؛ فالمؤمنون درجات، كلٌّ يعمل على أن يرتقي في معارج السالكين إلى أن يصل إلى أعلى درجات اليقين والمحبة، وهم يقولون: إن الولاية لله لا تُحَدُّ مراتبها؛ وكلٌّ يعمل للوصول إلى أسمى منازلها دون أن ينال ذلك.. والكمال لا نهاية له، وهل يعقل أن يقال لمن أنفق جميع ماله في سبيل الله: إنه مبذَّر، أو إنه ارتكب مذموماً ؟ أرأيت أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وقد جاء بكل ماله ووضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقةً في سبيل الله، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم وقال: بارك الله لك في أهلك ومالك ؟ فهل كان بذلك مسرفاً متجاوزاً للحدّ في الإنفاق ؟ وإنما يقال ذلك في مجال الإنفاق الشخصي ، أما في مجال الخير والتسابق فإنه لا إسراف فيه ولا تبذير ، بينما لو أنفق درهماً واحداً في وجه غير مشروع لكان ذلك تبذيراً مذموماً منهياً عنه ...
وكذلك خُلُق الشجاعة.. أليست هي بذل النفس في سبيل الخير، أو الإقدام والجرأة ؟ يقال: إن الشجاعة جزء من الجبن أو التهور حتى تكون وسطاً أو طرفاً ؟ وقد علمنا أن الوسط هو بعض ما يضاف إليه؛ فإن وسط الدار جزء منها ـ كما تقدم ـ فلو كانت الشجاعة وسطاً بين الجبن والتهور لكانت جزءاً من الجبن والتهور( [2]
وفي هذا المعنى يقول الأستاذ عباس محمود العقاد ـ رحمه الله ـ: (( ومذهب الفلسفة اليونانية ينتهي بنا إلى مقياس للأخلاق شبيه بمقاييس الهندسة والحساب؛ بعيد عن تقدير العوامل النفسية والقيم الروحية؛ في الأخلاق العليا على التخصيص؛ وقد تصدق هذه الفلسفة إذا كان المطلوب من الإنسان أن يختار بين رذيلتين محققتين؛ فإنه في هذه الحالة يحسن الاختيار بين طرفين متقابلين كلاهما مذموم ومتروك؛ إلا أننا لا نقول مع ذلك أن الكرم نقص في رذيلة البخل أو نقص في رذيلة السرف؛ ولا نقول مع ذلك أن الكرم إذا زاد أصبح سرفاً؛ وأن السرف إذا نقص أصبح كرماً، بل تكون الزيادة في الكرم كرما كبيراً والنقص في السرف سرفاً قليلاً ولا يكون الكرم أبدا درجة من درجات السرف؛ ولا البخل درجة من درجات الكرم؛ بل هي أخلاق متباينة في القيمة، يتقارب الطرفان فيها أحدهما من الآخر؛ ولا يتقارب الطرف من الوسط كما يظهر من قياس الهندسة أو قياس الحساب.
رأينا في مباحث العلل النفسية التي كشفها العلم الحديث أن الشذوذ يقرب بين المسرفين والبخلاء في أعراض متشابهة.. الخ . إلى أن يقول:
ولن يشذ الإنسان عن الاعتدال في الطبع إذا هو آثر أن يذهب في كل فضيلة إلى نهايتها القصوى، فماذا يعاب في جمال الوجوه مثلاً، إذا انتهنقول:مثل تلك الغاية في معهود البصائر ؟ أن كلمة من كلمات اللغة العربية العامرة بمدلولاتها النفسية والفكرية لتهدينا إلى قسطاس الحمد في كل حسنة مأثورة بكلمة ( ناهيك ) حين نقول: ناهيك من رجل أو ناهيك من عمل أو ناهيك من خلق ،هو قسطاس الثناء فيما تنشده النفوس الإنسانية من كل فضل منشود )).(
[3]

[1]ـ انظر :(( تفسير ابن كثير)) 6 / 532 ، (( روح المعاني )) للآلوسي 22 / 95 ، (( أضواء البيان ))للشنقيطي: 6 / 164،(( في ظلال القرآن )) : 6 / 2944 .

[2]- انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، للأستاذ علال الفاسي، ص

[3] - ((حقائق الإسلام وأباطيل خصومة ))، عباس محمود العقاد ؛ ص 285 و 286 .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 02-09-2009   رقم المشاركة : ( 5 )
alsewaidi
أبو ماجد

الصورة الرمزية alsewaidi

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 585
تـاريخ التسجيـل : 05-08-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,046
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : alsewaidi مبدع


alsewaidi غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا

ـ 10 ـ

معنى الوسط في آية سورة البقرة:
وتلك المعاني التي أسلفت، إنما هي قبَس من الآية الكريمة التي وصفت هذه الأمة "الوسط " بهذا الوصف، حيث قال الله تعالى في سياق آيات تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام، وبها تحولت قيادة البشرية إلى هذه الأمة:
]وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم) [ البقرة: 142 ـ 143 ].

يعنى بقوله (( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً )) أي: كما هديناكم أيها المؤمنون بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبما جاءكم به من عند الله، فخصصناكم بالتوفيق لقبلة إبراهيم وملته وفضلناكم على من سواكم من أهل الملل، كذلك خصصناكم وفضّلناكم على غيركم من أهل الأديان، بأن جعلناكم أمة وسطاً.
وقد اختلفت عبارات العلماء في معنى " الوسط " في الآية الكريمة فذكروا أقوالاً أربعة:
( الأول ) ـ الوسط هو العدل، ويدل على هذا قوله تعالى: (( قال أوسطهم )) أي أعدلهم. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (( أمة وسطاً )) قال: عدولاً. وهو منقول عن أئمة اللغة، وقال زهير بن أبي سُلْمىُ:
هموَسَطٌ تَرْضى الأنامُ بِحُكْمِهمْ إذا نزلتْ إحدى الليّالي بِمُعَظَمِ
ويؤيد هذا من حيث المعنى: أن الوسط حقيقة هو البعد عن الطرفين، ولا شك أن طَرَفي الإفراط والتفريط رديئان، فالمتوسط في الأخلاق يكون يعيداً عن الطرفين، فكان معتدلاً فاضلاً.
ورابعاً:نما سمي العدل وسطاً لأنه لا يميل إلى أحد الخصمين، وثالثاً: لا شك أن المراد بالآية المدح للأمة، فلما مدحهم بهذا الوصف دل على أنه يتعلق بالمدح في الدِّين، ولا يمدح الله تعالى الشهود حال حكمه عليهم بكونهم شهوداً إلا بكونهم عدولاً. ورابعاً : أن أعدل الأمور الوسط البعيد عن الأطراف التي يتسارع إليها الخلل والفساد ، والوسط محميَّة أطرافه .
( القول الثاني ): الوسط من كل شيء خياره. وهذا أولى من القول السابق ـ كما قال بعضهم ـ لأنه مطابق لقوله تعالى: ] كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أُخْرِجَتْ ِللنَّاسِ [[ آل عمران، 11 ]
( القول الثالث ): الوسط: الأكثر فضلاً، فإذا قيل: فلان أوسطنا نسباً، فالمعنى أنه أكثر فضلاً. وهذا وسط فيهم كواسطة القلادة.
( القول الرابع ): يجوز أن يكون وسطاً على معنى أنهم متوسطون في الدِّين بين المُفْرط والمفرّط والغالي والمقصر في الأشياء، فهم وسط بين اليهود والنصارى ـ كما تقدم.
وبالنظر في هذا الأقوال نجدها متقاربة غير متنافية، فهي تؤدي معنى واحداً، أو تتلاقى في المعنى والنتيجة وإن اختلفت في العبارة، وهذا ما يسميه العلماء اختلاف التنوع. والله أعلم
[1]


[1] - انظر:(( تفسير الطبري)) : 3 / 141،(( تفسير الفخر الرازي )): 4 /.7 ،(( تفسير ابن كثير)): 1/ 275.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 02-09-2009   رقم المشاركة : ( 6 )
alsewaidi
أبو ماجد

الصورة الرمزية alsewaidi

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 585
تـاريخ التسجيـل : 05-08-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,046
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : alsewaidi مبدع


alsewaidi غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا

ـ 11 ـ

الأمة الوسط في (( ظلال القرآن )):
وفي ظلال هذه الآية الكريمة يقول صاحب الظلال يرحمه الله: (( إنها الأمة الوسط بكل معاني الوسط سواء من الوساطة بمعنى الحسن والفضل، أو من الوسط بمعنى الاعتدال والقصد، أو من الوسط بمعناه المادي الحسي..
(( أمة وسطاً ))..في التصور والاعتقاد..لا تغلو في التجرد الروحي ولا في الارتكاس المادي. إنما تتبع الفطرة الممثلة في روح متلبس بجسد، أو جسد تتلبس به روح, وتعطي لهذا الكيان المزدوجِ الطاقات حقَّه المتكامل من كل زاد، وتعمل لترقية الحياة ورفعها في الوقت الذي تعمل فيه على حفظ الحياة وامتدادها، وتطلق كل نشاط في عالم الأشواق وعالم النوازع، بلا تفريط ولا إفراط، في قصد وتناسق واعتدال.
((أمة وسطاً )).. في التفكير والشعور.. لا تجمد على ما عملت وتغلق منافذ التجربة والمعرفة... ولا تتبع كذلك كل ناعق، وتقلد تقليد القردة المضحك.. إنما تستمسك بما لديها من تصورات ومناهج وأصول، ثم تنظر في كل نتاج للفكر والتجريب؛ وشعارها الدائم: الحقيقة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها، في تثبت ويقين.
(( أمة وسطاً )).. في التنظيم والتنسيق.. لا تدع الحياة كلها للمشاعر، والضمائر، ولا تدعها كذلك للتشريع والتأديب. إنما ترفع ضمائر البشر بالتوجيه والتهذيب، وتكفل نظام المجتمع بالتشريع والتأديب؛ وتزاوج بين هذه وتلك، فلا تكل الناس إلى سوط السلطان، ولا تكلهم كذلك إلى وحي الوجدان.. ولكن مزاج من هذا وذاك..
((أمة وسطاً )).. في الارتباطات والعلاقات.. لا تلغي شخصية الفرد ومقوماته، ولا تلاشي شخصيته في شخصية الجماعة أو الدولة؛ ولا تطلقه كذلك فرداً أثراً جشعاً لا همَّ له إلا ذاته.. إنما تطلق من الدوافع ثم تضع من الكوابح ما يقف دون الغلو، ومن المنشطات ما يثير رغبة الفرد في خدمة الجماعة؛ وتقرر من التكاليف والواجبات ما يجعل الفرد خادماً للجماعة، والجماعة كافلة للفرد في تناسق واتساق.
((أمة وسطاً )).. في المكان .. في سرة الأرض، وفي أوسط بقاعها. وما تزال هذه الأمة التي غمر أرضها الإسلام إلى هذه اللحظة هي الأمة التي تتوسط أقطار الأرض بين شرق وغرب، وجنوب وشمال، وما تزال بموقعها هذا تشهد الناس جميعاً، وتشهد على الناس جميعاً؛ وتعطي ما عندها لأهل الأرض قاطبة؛ وعن طريقها تعبر ثمار الطبيعة وثمار الروح والفكر من هنا إلى هناك؛ وتتحكم في هذه الحركة ماديّها ومعنويّها على السواء.
((أمة وسطاً )).. في ا لزمان .. تنهي عهد طفولة البشرية من قبلها؛ وتحرس عهد الرشد العقلي من بعدها. وتقف في الوسط تنفض عن البشرية ما علق بها من أوهام وخرافات من عهد طفولتها؛ وتصدها عن الفتنة بالعقل والهوى؛ وتزاوج بين تراثها الروحي من عهود الرسالات، ورصيدها العقلي في النماء؛ وتسير بها على الصراط السوي بين هذا وذاك )).[1]


[1]- (( الظلال )) : 1 / 131.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 02-09-2009   رقم المشاركة : ( 7 )
alsewaidi
أبو ماجد

الصورة الرمزية alsewaidi

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 585
تـاريخ التسجيـل : 05-08-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,046
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : alsewaidi مبدع


alsewaidi غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا

ـ 12 ـ
مسؤولية الأمة المسلمة ودورها:
وهذه الوسطية للأمة المسلمة هي التي حددت وظيفتها الضخمة في هذه الأرض، ودورها الأساسي في حياة الناس، فهي تشهد على الناس جميعاً، فتقيم بينهم العدل والقسط، وتضع لهم الموازين والقيم، وتبدي فيهم رأيها فيكون هو الرأي المعتمد، وتزن قيمهم وتصوراتهم وتقاليدهم وشعاراتهم فتفصل في أمرها، وتقول: هذا حق وهذا باطل.. وهي لا تقوم بهذه الوظيفة إلا إذا كانت حاضرة شاهدة؛ فإن الشهادة تدل على حضور وعلم وإعلام أو إخبار، وبهذه الشهادة تقام الحقوق وتصان العدالة، وتحفظ الكرامة للإنسان، وتبنى الحضارة الإنسانية التي تتطلع إليها الأجيال المعاصرة، بعد أن أنهكها الصراع، وتقاذفتها الأنظمة والأهواء البشرية، ومزقت كيانها النفسي في رحلة الضياع التي تقلبت فيها بين طغيان الكنيسة الأوربية ورجالها إلى عقلية أوربية مثالية، إلى حسية وضعية ومنفعة مادية.. وعندئذ شقيت البشرية بما عرفت من استعمار وأطماع، وبما وصلت إليه من سقوط أخلاقي تجده ظاهراً في تفاهات الجنس والعري والمخدرات وانتشار كل أنواع الجرائم والموبقات...
ولئن آل حال هذه الأمة المسلمة إلى ما نعرفه اليوم من تخلف وحرمان ، حيث سبقتنا الأمم الأخرى أشواطاً كبيرة في مجال العلم والصناعة والمادة ... وأصبحنا نقتات على فتات موائدهم، لئن كان ذلك فإن مقومات الشهادة والريادة ـ مرة أخرى ـ متوفرة كامنة في هذه الأمة، فهي وإن لم تستطع ـ الآن على الأقل ـ أن تقدم للعالم علماً مادياً وتقنية ومدنية.. فإنها تستطيع أن تقدم للبشرية الحائرة نظاماً إلهياً يستنقذها مما تعاني منه، ويرتفع بها إلى مستوى إنسانيتها.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
كيف تعرف العضو الدب من النحيف وكذلك المشرفين ولد الديرة منتدى الاستراحـة 8 07-10-2007 12:18 AM


الساعة الآن 04:10 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by