الانتقال للخلف   منتديات بلاد ثمالة > الاجتماعي > الأسرة و الـتربـيـة

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 08-22-2005
 
ابو عهد 099
مشارك

  ابو عهد 099 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 55
تـاريخ التسجيـل : 21-08-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 390
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : ابو عهد 099 يستحق التميز
افتراضي النكــــــــــــــاح

النكــــــــــــــاح النكــــــــــــــاح النكــــــــــــــاح النكــــــــــــــاح النكــــــــــــــاح

النكـــاح


بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: {وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديرا}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإنه له وجاء ".
أخي المسلم- أختي المسلمة:
الزوجية نظام مطرد في سائر الأشياء من إنسان وحيوان ونبات وشيء، فطرة الله التي فطر خلقه عليها، كما قال تعالى: {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} فلا تبديل لخلق الله، ولا عجب إذا قلنا إن النكاح هو السبيل المشروع لقضاء الشهوة الفطرية التي خلقها الله عزوجل في الجنسين وعمارة الأرض بالذرية.
والنكاح وإن كان من الأمور التي تعتريها الأحكام الخمسة، إلا أنه بعمومه سنة من سنن المرسلين وشعبة من شعب الإيمان، فلم يخل رسول من الزواج حتى سيدنا يحيى عليه الصلاة والسلام الحصور الذي لا يشتهي النساء ولا يقربهن تزوج لإقامة السنة، وعيسى عليه السلام سينكح ويولد له بعد نزوله من السماء إلى الأرض. والله سبحانه وتعالى أمر عباده ذكوراً وإناثاً به، فقال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} والأيامى جمع أئم وهو الرجل الذي لا زوج له والمرأة التي لا زوج لها.
وبين جل وعلا العلة التي لأجلها شرع الزواج وهو سكن النفس واستقرارها به، وترابط الزوجين واتحادهما بملاط المودة والرحمة. وإلى هذا رمى الإسلام وهدف من خلال شرعة النكاح.

أحكام النكاح
تعتري النكاح أحكام خمسة: الفرضية أو الوجوب والسنة والإباحة والكراهة والحرمة.
قد يكون الزواج فرضاً لمن كان عنده توقان شديد إليه ويخشى على نفسه الوقوع في الزنى لو تركه وعنده القدرة على دفع المهر والنفقة.
وقد يكون الزواج سنة لمن كان عنده توقان إليه ويأمن على نفسه الوقوع في الزنى لو تركه وعنده القدرة على دفع المهر والنفقة.
وقد يكون الزواج مباحاً لمن لم يكن عنده توقان إليه ويأمن على نفسه الوقوع في الزنى وعنده القدرة على دفع المهر والنفقة. وقد يكون الزواج مكروهاً لمن لم يكن عنده توقان أو شهوة
كالعنين أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض. لأنه بزواجه يمنع زوجته من التحصين بغيره، ويضربها بحبسها على نفسه.
وقد يكون الزواج حراماً إذا لم يخش على نفسه الزنى وما عنده الاستطاعة على دفع المهر ونفقة الزوجية، أوكان عنده القدرة لكنه يريد ظلمها وحرمانها من حقوقها لينتقم منها أو من ذويها بها.
والذي كان عليه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وخلفها وعقلاء البشر ومن ليس عنده مانع إقامتهم على الزواج للتعفف والتحصين والإبقاء على النوع الإنساني روى البخاري عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت: لا، قال: فتزوج، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء.
وروى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا، كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم، قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: وأنا أصوم الدهر، ولا أفطر أبدا، وقال آخر: وأنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: " أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ".
فقد رأيت أخي المسلم- أختي المسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل، ورد ما سمع على قائليه، وأخبر أن النكاح سنة ماضية إلى يوم القيامة، نعم إذا كان عنده توقان شديد إلى النكاح ولا يجد مؤنة النكاح (المهر والنفقة) فله ترك النكاح لكن عليه أن يذهب شهوة الجماع ويضعفها بالصوم المستمر، وليس عليه أن يرهق نفسه بدين، وهو عاجز عن سداده. كما قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري عن ابن مسعود: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء ".
ربما يعجز الشباب عن مؤنة النكاح، فلا يجدها، ويعجز عن الصوم فلايستطيعه، فما الحل؟
إن الله سبحانه وتعالى أمر الجماعة المسلمة ممثلة بأسرها بإنكاح الذين لا أزواج لهم ولا زوجات فقال تبارك وتعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم و إمائكم }.
فالولي مطالب بإعانة ابنه على الزواج ومساعدته في تحمل أعباء الزواج وتكاليفه، والولي مطالب بإعانة ابنته على التعفف والتحصن بالتساهل في أمر المهر، من غير إفراط ولا تفريط. فعلى الولي أن يشعر ابنه بمساعدته وإعانته ويطالبه بتحمل قسط من المسؤولية حتى يعرف للزواج قدره وقيمته، وعلى الولي أن يشعر ابنته بتكريمها وعظم قدرها عنده، ويطالب زوجها بالحفاظ عليها، مع تساهله في أمر المهر، ونفقات الزواج.
لقد جعل الله سبحانه وتعالى هذه الأمة وسطاً، قال تعالى: {وكذلك جعلنكم أمة وسطاً} والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: "خير الأمور أوساطها" والحكمة تقول: " لا تكن يابساً فتكسر، ولا تكن ليناً فتعصر" ولذا فالأولياء مطالبون بمساعدة أبنائهم وبناتهم في إقامة سنة النكاح فإن عجزوا عن ذلك تعين على كل أسرة أن تتعاون في سد أعباء الزواج وتزويج شبانها كيما تحفظ الأعراض، وتصان الأنساب، وإن تساهلت كل أسرة في أمر الله تعالى فإنها ستسأل بين يديه وسيحاسب كل راع عما استرعاه حفظه أم ضيعه.
أخي المسلم- أختي المسمة:
المطالع في التاريخ الإسلامي يقف على نماذج فريدة من التضحيات النادرة التي قام بها السلف الصالح في مضمار النكاح والإنكاح منها هذا النموذج الرائع هو التابعي الكبير سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي القرشي المدني أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع، أتته رسل عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي لخطبة ابنته للوليد بن عبد الملك لما ولاه عهده طمعاً في ضمان بيعة سعيد للوليد، وأغروه بالمال والعطايا الجزيلة وعرضوا عليه أن يدفعوا مهرها زنتها ذهباً وجوهراً. فأبى عليهم ورفض عروضهم فهو يريد تزويج ابنته من الكفء الذي يعرف قدرها وأبناء الملوك لا قيمة للنساء عندهم، يتزوجون متى شاءوا بمن شاءوا ويطلقون متى شاءوا فلا تتذوق الزوجة طعم السعادة إلا إذا كان زوجها يبيت عندها كل ليلة ولا تنالها بالمال بل بالعشرة الطيبة، والأخلاق الفاضلة، وأن يرعى الزوج أهل زوجته ويحترمهم ويعرف لهم حقوقهم المترتبة عليه، وقل أن تجد زوجاً غنياً يوقر ويحترم والد زوجته الفقير، ويجفه، إذا كان قد زوجه ابنته لغناه.
فسعيد بن المسيب أدرك في الوليد بن عبد الملك أموراً كثيرة منعته من تزويج ابنته منه وآثر أن يختار لها الكفء. يقول أبو وداعة: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً فلما جئته قال: أين كنت؟ قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال هلا أخبرتنا، فشهدناها؟ قال: ثم أردت أن أقوم. فقال: هل أحدثت امرأة غيرها؟ فقلت يرحمك الله ومن يزوجني؟ وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ فقال: إن أنا فعلت تفعل؟ قلت: نعم. ثم حمد الله تعالى، وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم وزوجه على درهمين، أو قال على ثلاثة. قال: فقمت، وما أدري ما أصنع من الفرح فصرت إلى منزلي، وجعلت أفكر فيما آخذ، وأستدين، وصليت المغرب، وكنت صائما فقدمت عشائي لأفطر، وكان خبزاً أو زيتاً، وإذا بالباب يقرع. فقلت: من هذا؟ قال سعيد، ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب فلم ير منذ أربعين سنة إلا ما بين بيته والمسجد، فقمت وخرجت، وإذا بسعيد بن المسيب، فظننت أنه قد بداله. فقلت: يا أبا محمد هلا أرسلت إلي فآتيك؟ قال: لا أنت أحق أن تؤتى. قلت: فما تأمرني؟ قال: رأيتك رجلاً عزباً قد تزوجت، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك، فإذا هي قائمة خلفه في طوله، ثم دفعها في الباب، فسقطت المرأة من الحياء، فاستوثقت من الباب، ثم صعدت إلى السطح، فناديت الجيران، فجاءوني وقالوا: ما شأنك؟ فقلت: زوجني سعيد بن المسيب اليوم ابنته، وقد جاء بها على غفلة، وها هي في الدار، فنزلوا إليها وقد بلغ أمي فجاءت، وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها ثلاثة أيام. فأقمت ثلاثاً، ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل النساء وأحفظهن لكتاب الله تعالى وأعلمهن بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرفهن بحق الزوج. قال: فمكثت شهراص لا يأتيني ولا آتيه، ثم أتيته بعد شهر، وهو في حلقته، فسلمت عليه، فرد علي، ولم يكلمني حتى أنفق من في المسجد، فلم يبق غيري. قال: ما حال ذلك الإنسان؟ قلت خيراً يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو. قال: إن رابك شيء فالعصا. فانصرفت إلى منزلي.
أخي المسلم- أختي المسلمة:
إن من الواجب على الأسر المسلمة التعاون لإقامة سنة الزواج صونا لها من الفساد وانتشار الأوبئة والأمراض ومن الواجب عليها التآزر لتحطيم قيود الزواج التي فرضتها العادات الظالمة فيها ولن يكون ذلك إلا بالوعي الإسلامي واقتفاء أثر السلف الصالح، وكما ذكرت آنفاً ليكن المهر وسطاً بين الإفراط والتفريط، فهذا سيدنا علي كرم الله وجهه يتزوج بسيدتنا فاطمة رضي الله عنها الزهراء البتول أفضل نساء الدنيا على مهر هو درعه فباع الدرع من عثمان بن عفان رضي الله عنه بأربعمئة وثمانين درهما ثم إن عثمان رضي الله عنه رد الدرع إلى علي فجاء بالدرع والدراهم إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فدعا لعثمان بدعوات. فكان مهر السيدة فاطمة بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً بين النقيضين وقال عليه الصلاة والسلام: " أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة "، فلا يحل أن تقف مؤنة النكاح حائلاً دون إقامة هذه السنة العظيمة بعد أن تكون الكفاءة قد توفرت لدى الخاطب والخطيبة. وأي تباطؤ بعد ذلك سينعكس أثره على المجتمع المسلم سلباً لا إيجاباص.
روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: " إذا أتاكم من ترضون دينه، وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".
وتوفر الكفاءة يكون بالقدرة على الإنفاق، فمتى كان مريد الزواج قادراً على الإنفاق على نفسه وأهله بالحد الوسط من غير إسراف ولا تقتير فتجب مساعدته على تحصين نفسه وتعفيف خطيبته.
وأما إذا كان عاجزاً عن النفقة فلا حرج على أهل الخطيبة من رده. لما روى مسلم عن فاطمة بنت قيس أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد" فكرهته ثم قال: " انكحي أسامة " فنكحته، فجعل الله فيه خيراً، واغتبطت.
وتوفر الكفاءة يكون بالدين. فلا يحل إنكاح يهودي أو نصراني أو من لا دين له، وعلى أهل الخطيبة أن يتحروا دين الخاطب ويتعرفوا عليه وعلى محافظته على تعاليم الإسلام واستقامته وصلاته وصيامه كما لا يحل نكاح امرأة لا دين لها ولا تعتقد بكتاب سماوي ولا تدين بدين الإسلام ولا تعتقد فرضية الصلاة وغيرها من سائر ما أوجب الله تعالى. لقول الله عز وجل: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا، ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم }.
أما المرأة التي تدين بكتاب سماوي فيجوز للمسلم نكاحها وإن كان يكره لأن فيه ترويج الزواج من نساء أهل الكتاب، ولا يحل لليهودي والنصراني نكاح المسلمة لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.
وتوفر الكفاءة يكون بالتقوى. فيكره إنكاح الفاسق وهو من خرج عن طاعة الله تعالى وإن كان يؤمن بالله مثل تارك الصلاة تكاسلاً وتهاوناً، ومفطر رمضان وهو معتقد فرضية صيامه، ومانع الزكاة، وغيرها من فروض الإسلام، فالفاسق ليس بكفء لمسلمة. قال تعالى: {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون }.
وتوفر الكفاءة يكون بالكسب الشريف الحلال. فلو كان قادرا على الإنفاق على نفسه وأهله إلا أن يكون مورده حرام كفه لا يكون كفئاً للمؤمنة. وليس لوليها أن يوافق على مثل ذلك الزواج.
وتوفر الكفاءة تكون بسلامة الجهاز التناسلي من الجب والخصاء والعنة.
ولو لم تعلم الزوجة بذلك، أو أكرهت على غير الكفء فلها فسخ النكاح إن شاءت. لما روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فتاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر لها، فقالت: قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن تعلم النساء، أن ليس للآباء من الأمر شيء".
فالإسلام لم يغفل حق الزوجة أبداً، بل جعل حقها معتبراً ورأيها مأخوذاً به لأنها الأساس في هذا الزواج والذين يكرهون بناتهم على الزواج من غير الأكفاء معدودون من جملة الظالمين الذين حكم الله عليهم بطردهم من رحمته.
الذين يكرهون بناتهم على الزواج من غير حق لأهواء في نفوسهم وشهوات مادية موقوتة ممقوتون عند الله والناس أجمعين. فالخطيبة صاحبة الحق في القبول والرفض إن كان المتقدم غير كفء.
روى الإمام أحمد عن أنس قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها فقال: حتى استأمر أمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فنعم إذاً " فانطلق الرجل إلى امرأته فذكر ذلك لها، فقالت: لاها الله إذاً ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جليبيباً، وقد منعناها من فلان وفلان، قال: والجارية في سترها تستمع، قال: فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقالت الجارية: أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟ إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه، فكأنها جفت عن أبويها، وقالا: صدقت فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنت قد رضيته فقد رضينا، قال: "فإني قد رضيته " فزوجها. ثم فزع أهل المدينة، فركب جليبيب فوجدوه قد قتل وحوله ناس من المشركين قد قتلهم. قال أنس: فلقد رأيتها، وإنها لمن أنفق بيت في المدينة، وكان جليبيب دميم الخلقة.
والخطيبة إن كانت بكراً واستأمرت فيمن يريد نكاحها فسكتت وضحكت كان ذلك علامة على القبول أو بكت بغير صوت فهو إذن لاحتمال أن يكون تأسفاً على أبيها المتوفى حيث لم يتول زواجها، وإن بكت بصوت كان ذلك علامة على الرفض.
وأما إذا كانت ثيباً أي متزوجة سابقاً فإن سكوتها غير كاف ولا بد من الإفصاح بالكلام أو بالإشارة إن كانت عاجزة عن النطق. روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها".
* أخي المسلم:
- اختر زوجتك ذات دين وخلق لأنها ستكون مربية أولادك فينشئون على ما نشأت عليه من الدين والكمال والأخلاق الفاضلة، فليس الجمال جمال الحس وإنما الجمال جمال المعنى، فإن اتفق لك أن تكون خطيبتك ذات دين وذات جمال كان أتم وأكمل وإن لم يتفق لك ذلك بأن عثرت على ذات دين فقط وأخرى ذات جمال فقط فإني ناصح لك ومشدد عليك في النصح بأن تختار ذات الدين لقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو هريرة: " تنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك واختر زوجتك من بيت يعرف بكثرة الولادة لما روى البيهقي عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالباءة وينهانا عن التبتل نهياً شديداً ويقول: " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة " (متفق عليه).
- واختر زوجتك أن تكون جميلة لأنها أسكن لنفسك وأغض لبصرك وأكمل للمودة. روى النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله أي النساء خير؟ قال: (التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها، ولا في ماله بما يكدره ". ويمكنك أن تعرف جمالها من خلال نظرك إلى أبيها وأخيها.
- واختر زوجتك أن تكون ذات حصافة، وعقل، واتزان، واجتنب الحمقاء الرعناء فإن ولدها ضائع وحمقها بلاء.
- واختر زوجتك أن تكون غريبة عنك فإن ولدها أنجب وأذكى ونكاح الغرائب مطلوب لئلا تضعف الأولاد وقد قيل اغتربوا لا تضووا.
* أختي المسلمة:
- للخاطب المتقدم إليك أن ينظر منك إلى وجهك وكفيك فحسب من غير مصافحة ولا خلوة ويكون ذلك بحضرة محارمك الرجال أو محارمه الإناث، ولك أن تنظري منه إلى وجهه وأن تسمعي منه ويسمع منك بحضرتهم أيضاً.
وإياك والخلوة به فإنها معصية، وإياك وأن تظهري أمامه حاسرة الرأس مبدية شعرك وزينتك أمامه، وإن رغب الأهل في ذلك فلا يحل لك أن تسخطي الله تعالي. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه، وأرضى عنه الناس ".
- أختي المسلمة: من البدع المحدثة التي يمقتها الله تعالى تعرف الخاطب عن أخلاق خطيبته ودراسة الخطيبة أخلاق الخطيب. وكثيراً ما تؤدي تلك اللقاءات إلى خلوات وإلى تكشف عورات وربما وقوع في المحظورات، وفي غالب الأحيان إلى فراق قبل إجراء عقد النكاح وهذا ما يعرض الأسر إلى الفضائح. ولذا لا يحل مجاوزة حدود الله تعالى وشرعه.
والمحرم من يحرم على المرأة الزواج منه حرمة مؤبدة.
ومحارم المرأة بالنسب أبوها وأخوها وابنها وعمها وخالها وابن أخيها وابن أختها للآية الكريمة.
ومحارم المرأة بالرضاع مثلهم لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة ".
ومحارم المرأة بالمصاهرة: 1- أبوزوجها. 2- زوج ابنتها. 3- زوج أمها. 4- ابن زوجها.
ومحارم الرجل بالنسب: الأم والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت للآية الكريمة.
ومحارم الرجل بالرضاع مثلهن لماروى مسلم عن عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم. إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة".
ومحارم الرجل بالمصاهرة:
1- زوجة الأب لقوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء}.
2- زوجة الإبن لقوله تعالى: {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم }.
3- أم الزوجة لقوله تعالى: {وأمهات نسائكم }.
4- بنت الزوجة لقوله تعالى:{وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن}.
أختي المسلمة: أكرر لك النصيحة بعدم البروز أمام الخاطب حاسرة الرأس مكشوفة الذراعين متزينة كاشفة عن ساقيك فإنها سمة من لا يؤمن بالله واليوم الآخر.
وإذا ظهرت أمامه فلير منك دائرة وجهك وكفيك وهذا جائز وبحضرة محارمك أو محارمه حتى لا تكون خلوة. روى النسائي وابن ماجه عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " انظر فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ".

عقد النكاح
النكاح عقد شرعي لحل التمتع بأنثى ليست بمحرم،ولا يكون إلا بولي وإيجاب وقبول وحضور شاهدين وقيل عدلين ومهر.
والولي عند الحنفية الأب ثم الجد (وقال أبو يوسف رحمه الله الابن وإن سفل ويفوض النكاح إلى جده أبي أمه احتراما له)، ثم الإخوة الأشقاء والإخوة لأب ثم العمومة.
والولي عند الشافعية: الأب ثم الجد أبو الأب ثم الأخ الشقيق ثم الأخ للأب ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ لأب ثم العم.
والولي عند المالكية: الأب ثم ابن المرأة ثم ابنه ثم أب المرأة ثم أخوها ثم ابن أخيها ثم جدها ثم عمها ثم ابن عمها.
والولي عند الإمام أحمد: الأب ثم أبوه وإن علا ثم ابنها وابنه وإن سفل ثم أخوها لأبيها وأمها الشقيق ثم لأبيها فقط ثم أولادهم وإن سفلوا ثم العمومة ثم أولادهم.
والإيجاب والقبول ينعقد بلفظين ماضيين كقوله زوجتك، وقول الآخر: تزوجت، أو قبلت، وينعقد بلفظين أحدهما ماض، والآخر مستقبل، كقوله: زوجني فيقول: زوجتك. ويلزم النكاح بمجرد الإيجاب والقبول ولو هازلاً، فإن عقد النكاح من العقود اللازمة بلا خيار. روى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث هزلهن جد، وجدهن جد، الطلاق، والنكاح، والرجعة ".

خطبة النكاح
وندب قبل الإيجاب والقبول خطبة النكاح وهي خطبة ابن مسعود رضي الله عنه يتلوها مجري العقد فيقول: " إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيباً} {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما}، ثم يذكر القصد الذي منه كان اللقاء فإن كان خاطباً قال: أما بعد: فإنا قصدنا الانتساب إليكم ومصاهرتكم والدخول في حومتكم وإنه كان ولياً للزوجة قال: أما بعد فقد قبلناك ورضينا أن تكون منا وفينا وإن لم يكن واحداً منهما قال هذا، وقد كان اجتماعنا ههنا لأمر يقبله الله ويرضاه ونسأل الله تعالى أن يجعل التوفيق في مبتدئه ووسطه ومنتهاه وكل يستغفر الله، ثم يجري الإيجاب والقبول والبادئ بالإيجاب الولي فيقول أنكحتك ابنتي أو موكلتي فلانة على مهر ويسميه. فيقول الزوج قد قبلت نكاحها لنفسي أو موكلي بالمهر المذكور.
ويجري الإيجاب والقبول بحضور شاهدين عدلين خروجاً من الخلاف ويقدم شيئاً من المهر، ويؤجل الباقي إن شاء وبنيته تأديته، وإن عجل المهر كله فهو أفضل.

من عقد ولم يؤد مهراً
ومن تزوج ولم يؤد المهر وبنيته عدم أدائه فقد تشبه بالزناة لما روى أحمد عن صهيب بن سنان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما رجل أصدق امرأة صداقاً، والله يعلم أنه لا يريد أداءها إليه، فغرها بالله، واستحل فرجها بالباطل، لقي الله يوم يلقاه وهو زان ".

الصداق
والصداق (المهر) شرط في صحة العقد، وأقله غير مقدر عند الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى وحجتهما ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي، قال: فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر فيها، وصوبه، ثم طأطأ صلى الله عليه وسلم رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه، فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: وهل عندك من شيء؟ " قال: لا والله يا رسول الله، فقال: " اذهب إلى أهلك، فانظر، هل تجد شيئاً" فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله ما وجدت شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " انظر ولو خاتماً من حديد " فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري؟ قال سهل: ماله رداء فلها نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما تصنع بإزارك؟ " " إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك شيء " فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولياً، فأمر به فدعي، فلما جاء، قال: " ماذا معك من القرآن؟ " قال: معي سورة كذا، وسورة كذا، عددها، فقال: " تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ " قال: نعم. قال: " اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن ".
وقال الإمامان أبو حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى: أقل الصداق ما يقطع به السارق فأما أبو حنيفة رحمه الله فقال: أقل ما يقطع به السارق عشرة دراهم، وأما مالك رحمه الله فقال خمسة دراهم.
وأقل ما يقطع به السارق هو المسمى مالاً وهو الذي تستحل به الفروج، وأما القرآن فليس بمال، ولذلك لا يجوز جعله صداقاً. قال تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلك أن تبتغوا بأموالكم محصنين} وقال تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات..} والطول: المال، والله تعالى علق الحل بشرط الابتغاء بالمال فلا يحل دونه، وتعليم القرآن لا يجوز أن يكون صداقاً لأنه لا يجوز أن يقع إلا قربة لفاعله كالصلاة والصيام فلم يصح أن يقع صداقاً.
وأجابا عن الحديث: لعل قوله صلى الله عليه وسلم: ملكتكها بما معك من القرآن، أي لكونك من أهل القرآن على جهة التعظيم، ويحتمل أن يكون الحكم خاصاً بذلك الرجل.

إختلاف الأئمة في الفروع
أخي المسلم- أختي المسلمة:
إن اختلاف الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى جميعاً في حكم أقل المهر لم يكن مبنياً على التشهي أو الهوى وإنما اختلافهم في الأخذ بالدليل، فالشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى أخذا بالحديث المتفق عليه، وأبو حنيفة ومالك أخذا بعموم الآيتين ورأيا أن حديث سهل خاص بذلك الرجل، فكلهم تحروا الحق في استنباط الحكم، فبعضهم أصابه وبعضهم أخطأه والمصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد. وأنت أيها المسلم إن كنت من طلاب العلم وظهر لك الدليل القوي وترجح عندك فخذ به، وإن لم تكن أهلاً لذلك وعجزت عن الوصول إلى الدليل فقلد أي عالم شئت. ولا يغالطك أحد فيقول لك أتتبع الشافعي مثلاً أوتتبع رسول الله؟ وتجيبه بل أتبع رسول الله ولا أتبع الشافعي. فإن من يحاور مثل هذه المحاورات مغالط. فقد رأيت في حكم أقل المهر كيف أن الشافعي حكم بأنه يجوز دفع المهر ولو سورة من القرآن. فالشافعي في هذا لم يخرج عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقل مثل هذا في سائر الأئمة فالأئمة الأربعة رضوان الله عليهم تخرجوا من مدارس الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.
فأبو حنيفة تخرج من مدرسة علي كرم الله وجهه ومدرسة ابن مسعود في الكوفة.
ومالك تخرج من مدرسة زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر في المدينة.
والشافعي تخرج من مدرسة عبد الله بن عباس في مكة.
وأحمد تخرج من مدرسة الشافعي وغيره في بغداد.
فكلهم أئمة أعلام مرضي عنهم تلقت أقوالهم الأمة على توالي العصور والدهور. ولا يقول أحد من المسلمين بعصمة هؤلاء، بل هم أئمة سادة يخطئون ويصيبون، إلا أن خطأهم قليل بسبب تقواهم وورعهم ووفرة علمهم وكثرة عملهم وأكلهم الحلال. ظهر الأئمة الأربعة في خلال القرن الأول والثاني والثالث الهجري، وقد مضى عليهم اثنا عشر قرناً وعلماء الإسلام الذين ظهروا خلال هذه المدة أثنوا عليهم وعلى جهودهم ومذاهبهم ولو لم يكن الإخلاص رائدهم ما دام علمهم إلى يومنا هذا.
وأكثر الصداق لا تحديد فيه باتفاق أهل العلم لقوله تعالى:{وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً} وعدم المغالاة في المهور أحب إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم.

إظهار النكاح وإعلانه
إظهار الفرح بالنكاح وإعلانه والإشهار فيه سنة نبوية. روى أحمد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أعلنوا النكاح " وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد والترمذي: " إن فصل ما بين الحلال والحرام الصوت يعني الضرب بالدف ".
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر بإعلانه فعلينا أن نعلنه ونشهره في حدود الآداب النبوية، فلا نتجاوزها إلى ما وراءها من العادات الغربية والبدع السيئة التي يتبارى فيها المسرفون والمسرفات والمبذرون والمبذرات.

ليلة الزفاف
أختي المسلمة:
ليلة العرس، ليلة الذكرى، لا تنسى على كرور الليالي، وتعاقب الأيام، يشارك فيها أهل العروسين والقريبات، والجارات، والصديقات، وهي ليلة يحبذها الإسلام، ويدعو إلى إقامتها وإعلانها وإشهار الزواج فيها، وأنت معي أن النساء ابتعدن فيها كثيراً عن التعاليم التي أرشد إليها نبينا صلى الله عليه وسلم. فالنساء فيها يتبارين باللباس والزينة وهو أمر جبلي فطري إلا أنه لا ينبغي أن يجاوز المعتاد إلى الإسراف والتبذير فمثلاً ثوب العرس الذي تلبسه العروس ليلة زفافها ينفق عليه الآلاف المؤلفة لو استعانت بها العروس في حياتها الجديدة لكان خيراً لها وأفضل وأرضى لربها ولو أنفق عليه مالاً باعتدال بين الإسراف والتقتير لكان أحسن.
والنساء في ليلة الزفاف يتبارين أيضاً بتقديم الأطعمة إلى حد يصل إلى ذم الشرع الشريف له.
وأنت أيتها الأخت المسلمة بحذقك وفطنتك وحصافتك يمكنك أن تساهمي مساهمة فعالة في الحد من هذه التجاوزات وإزالة البدع المنكرة التي تثقل كواهل الرجال والنساء جميعا. يمكنك أيتها الأخت المسلمة أن تقضي على فوضى الأفراح التي تحدث ليلة العرس في قصورالأفراح وغيرها. فالوقت ليلة العرس إما أن تضيعه مغنية تستقدم من هنا وهناك ومعها فرقتها تحمي ليلة العرس على أنغام الأوتار مما حذر الشارع منها ويصرف على تلك المغنية الآلاف التي سيحاسب ويسأل عنها منفقها {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} وكما قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الطبراني " لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به " وإما أن تضيعه الفتيات الشابات برقصات أجنبيات تعلمنها من أشرطة التسجيل المسموعة والمرئية على أنغام مضطربة تبصر من خلالها الراقصات كأنهن مجنونات أو مخبولات فقدن صوابهن فشخصت أبصارهن وتوترت أيديهن وأرجلهن تضطرب ألياتهن كما ورد ذلك في الحديث:" لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة ".
فصار النساء كما قال تعالى: {إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا}.
يمكنك أيها الأخت المسلمة أن تستبدلي بذلك كله ضرب الدف وترتيل أناشيد دينية توقظ في النساء دور الفتاة المسلمة صانعة الأجيال والأبطال كأسماء بنت أبي بكر وتماضر الخنساء ورفيدة الأسلمية. وأنت وحدك التي تستطيعين أن تجري هذا التغيير بعد الاستعانة بالله تعالى وحده والتوكل عليه والاستعانة بمن كان على مشربك الصافي ومنهلك العذب، فنحن بحاجة إليك أيتها الأخت المسلمة. وإلى أمثالك في جعل أفراحنا إسلامية ربانية.
أخي المسلم:
إن الإسلام دعا إلى إعلان النكاح وإشهاره والضرب عليه بالدف كما عرفت، وأوجب تلبية دعوته لما له من شأن رفيع في حياة المسلم والمسلمة؛ فليلة العرس بدء انطلاق موكب الحياة الزوجية، واللبنة الأولى التي يؤسسها الزوج في صرحها. والناس فيها متفاوتون.
فمنهم من يعتقد أنها ليلة العمر، فيجب أن تقضى في اللهو والطرب والغناء، فيجمع لها الأحباب والأقارب والأصدقاء، والمغنين، والمطربين، واللاهين، وينفق الأموال على ما يفسد الأبدان، ويسخط الديان، تغنى فيها الأغنيات، وتسمع النغمات، وتدق الأرض بالرقصات، وتلتقط فيها الصور، وتسجل الحفلات على الأشرطة المرئية والمسموعة، وتؤكل الحلويات والمرطبات، وتسقى فيها المشروبات، ثم يزف العروس (الرجل) إلى عروسه في صخب، ولجب، وطنين، ورنين، وفي معيته أبوه، وأخوه وأصحاب الشأن من مصورين وغيرهم، ويختلط الذكور بالإناث المتزينات المتبرجات.
ومنهم من يقيم ليلة الزفاف في الفنادق الفخمة على أنغام الموسيقى حيث ملتقى العائلات ذكوراً وإناثاً بأبهى الزينة وأجمل الحلل وعلى موائد المسكرات. يرقص الرجال مع النساء في أجواء غربية أو شرقية. يتبع فيها من كفر بالله حذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل، ويقوم العروسان فيها بما لا يليق بمسلم ولا مسلمة. وهكذا يفقد الزواج معنى العبادة وتتحول ليلة الزفاف إلى مجلس منكرات يعصى الله فيها وتنتهك حرماته.
وأنى لمثل هذه المسيرة أن تشمل بعناية الله وتوفيقه ما دامت ابتدأت الخطوات الأولى فيها بما يسخط الله تعالى ويغضبه، وأنى لمثل هذه المسيرة أن ترزق صفة الدوام والبقاء.
ومنهم من يعتقد أنها ليلة فرح وطرب ولهو وسرور في طاعة الله تعالى فيجمع لها أهل العلم وأهل الفضل، والأرحام، والأصدقاء، والجيران، فتضرب فيها الدفوف وتنشد الأناشيد ويتخللها عظات ونصائح وإرشادات تهم الزوج بالأصالة والمشاركين بالتبعية، وتوزع فيها الحلويات من غير إسراف، ولا تبذير، ولا مخيلة، ثم يدعى للزوجين بالتوفيق والسعادة ثم يزف العروس إلى عروسه في فرح وسرور وابتهاج وانشراح.
فإذا دخل بمفرده يحيط به محارمه من النساء ويجلس معهن ومع عروسه، فلا اختلاط مع النساء الأجنبيات، ولا تصوير، ولا تسجيل، ولا معصية لله رب العالمين. فقد حفظت في تلك الليلة الحرم، فلم تنتهك، ولم تؤبن. ومثل هذه المسيرة سيكتب لها التوفيق والنجاح ما دامت ابتدأت خطواتها الأولى بطاعة الله عز وجل.
وقد رأيت أخي المسلم أن كلا الفريقين فرح بليلة العرس، بيد أن الفريق الأول شاب فرحه بالمعاصي، بينما كان فرح الفريق الثاني مقيداً بطاعة الله ومرضاته. فخسارة الأول مرجحة ونجاح الثاني محقق بإذن الله.
فيا أخي المسلم: إنك بحصافتك ومهارتك وأخلاقك الإسلامية مطالب بجعل أفراحك إسلامية، وذلك بإعدادك لها الإعداد الجيد وتقديمها بأسلوب جيد يجعلها مقبولة مستلطفة مستظرفة وتحتاج قبل كل شيء وبعده إلى الاستعانة بالله عز وجل لإنقاذ مجتمعك من عادات جاهلية قد استحكمت فيه.

تهنئة العروسين
أخي المسلم- أختي المسلمة:
تهنئة العروسين أمر مستحب، ومندوب إليه، وفي التبريك لهما إدخال السرور عليهما.
وما يقال في التهنئة " بالرفاء والبنين " عادة جاهلية لأن فيها الفرح بالذكور والحزن بالإناث:
والإقلاع عن عادات الجاهلية أمر شرعي، وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تهنئة نهنئ بها من تزوج منا فنقول: " بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير".
أيها العروس (الرجل): إذا دخلت على أهلك فصل ركعتين، ثم ضع يدك على رأسها ثم قل: " اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لأهلي في، وارزقهم مني، وارزقني منهم.. " ثم شأنك وأهلك....

حكم النظر إلى الزوجة
أيها العروس (الرجل): يحل لك أن تنظر إلى سائر بدن أهلك حتى فرجها.
أيتها العروس: يحل لك أن تنظري من زوجك إلى سائر بدنه حتى فرجه.
ولكن لا يكثر الزوج من النظر إلى عورة زوجه لئلا يورث قلة الحياء في الولد كما قاله بعض أهل العلم.
أيها العروس (الرجل): يسن لك إذا أتيت أهلك أن تسمي الله تعالى قبل كشف عورتك وتقول ما ندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن أحدهم إذا أتى أهله فقال: " بسم الله، اللهم تجنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا "، فإن قدر بينهما في ذلك ولد، لم يضر ذلك الولد شيطان أبداً.

يحرم إتيان المرأة في دبرها
أخي المسلم- أيها العروس:
إتيان المرأة يكون في القبل فحسب، لقول الله تعالى: {فأتوهن من حيث أمركم الله}، ومن في الآية بمعنى في، وقال الله تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم }. شبه النساء بالحرث، أي بموضع الحرث وهو الأرض، ففرج المرأة كالأرض والنطفة كالبذر والولد كالنبات. فالجماع لايكون إلا في القبل على أي صورة تشاء من خلف ومن قدام وباركة ومستلقية ومضطجعة. والدبر ليس بموضع حرث فليس بموضع وطء الدبر محل نجاسة دائمة لازمة والله تعالى حرم الوطء في الفرج حالة الحيض لوجود النجاسة الطارئة، فلأن يحرم الوطء في موضع النجاسة الدائمة بالأولى. وقد ورد النهي عن إتيان المرأة في دبرها في أحاديث صحيحة حسان رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر صحابياً، منها ما روي عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال: "إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن "، وورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ملعون من أتى امرأته في دبرها"، وورد أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم: "من أتى امرأته في دبرها لم ينظر الله إليه يوم القيامة". وروي عن طاووس أنه قال: "كان بدء عمل قوم لوط إتيان النساء في أدبارهن ".
ومن وقع في هذا المحظور فليتب إلى الله تعالى منه وليندم على ما فعل ويعزم بقلبه على عدم العود إليه.

الوليمة- وتلبية الدعوة
أخي المسلم- أختي المسلمة:
طعام العرس يسمى وليمة وهو سنة نبوية سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتزوجين، روى البخاري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة قال: "ما هذا؟ "، قال: إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب، قال: بارك الله لك، أولم ولو بشاة.
وأي طعام قدم أجزأ، وكل ينفق على قدر وسعه، ويحرم التكلف لطعام الوليمة، فالله سبحانه وتعالى يقول: {لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها} ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسن لأمته ترك التكلف في الولائم، روى أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: سمعته يحدث قال: شهدت وليمتين من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فما أطعمنا فيهما خبزاً ولا لحما. قلت: فمه؟ قال: الحيس. يعني التمر والأقط بالسمن.
وتلبية دعوة الوليمة واجبة ولا يسع المدعو التخلف عنها، وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامها بشر الطعام، لأن أهلها يخصون بدعوتهم الأغنياء ويحرمون الفقراء. ومع ذلك فإن المتخلف عن الوليمة عاص لله ورسوله. لما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها. ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ".
أخي المسلم- أختي المسلمة:
لاينبغي للعروس (الرجل) أن يقيم سنة الوليمة ثم يتعدى فيها بارتكاب ما نهى الله تعالى عنه من الإسراف في الطعام مفاخرة ومباهاة ورياء. ويعجز عن حفظ النعمة فتراها مهانة مزدراة والله سبحانه وتعالى يقول: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين }.

حقوق الزوجة
أخي المسلم:
إليك الواجبات المترتبة عليك تجاه زوجك التي أناطها الشرع بك وحملك مسؤوليتها:
أولها: أن تعلمها أمور دينها التي لا بد لها منها كالطهارة من الحيض والنفاس والاستحاضة وتعلمها كيف تبادر إلى الاغتسال فور انقطاع دمها حتى لا تفوتها الصلاة المفروضة. وتلقنها عقيدة أهل السنة وتزيل عن قلبها كل بدعة وهوى وتخوفها بالله تعالى.
فإن لم تكن عندك القدرة على ذلك فأذن لها في الخروج للتعلم من أهل العلم والتقوى، وبذلك تكون قد خرجت من عهدة السؤال، وإن لم تفعل كنت آثما.
ثانيها: أن تنفق عليها من مال حلال بالمعروف من غير إسراف ولا تقتير، وأن لا يكون الإنفاق أدنى من المستوى الذي كانت عليه في بيت أبيها. فالنفقة من المال الحلال تقي النار، فقد قالوا: من أكل الحلال انصرفت أعضاؤه إلى الطاعة شاء أم أبى، ومن أكل الحرام انصرفت أعضاؤه إلى المعصية شاء أم أبى، وقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام قوله:
"كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ".
وأما الإسراف في المطعم فمذموم في الشرع، قال تعالى:{ وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}. وقال تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا}
ومن المروءة أن تؤثرهـا على نفسك بلذيذ مطعم ومشرب، فإنه يوثق آصرة المحبة بينكما.
ثالثها: أن تعدل بين الزوجات إن كن في النفقة، والبيتوتة، والكسوة، والمودة، لا الوطء والمحبة، والعدل في الأربعة الأولى ممكن وميسر لكل من أراد التعدد، فمن خاف عدم العدل، اقتصر على واحدة.
والعدل في الوطء والمحبة غير ممكن لأنه ينبني على النشاط، وهو مندرج تحت قوله تعالى: رولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} وقد قال عليه الصلاة والسلام في المحبة: " اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " يعني القلب. رواه أبو داود والترمذي. فاحرص أخي المسلم إذا كنت معدداً أن تعدل بين الزوجات فيما ذكرت، فإنه من ظلم أتى يوم القيامة بصفة متميزة يعرفه كل راء. أخرج أصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كان له امرأتان، فمال إلى أحدهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل ".
وكان من عادته صلى الله عليه وسلم في أكثر الأيام أنه يطوف على زوجاته كلهن، فيدنو من كل واحدة فيقبل، ويعمل ما يقتضي الود، والمحبة من غير مسيس حتى يصل إلى صاحبة الليلة فيبيت عندها.
رابعها: أن تحترم أهل زوجتك وتحسن استقبالهم وإكرامهم إذا أتوك، ولا تذكرهم في غيبتهم إلا بخير فإنه يزيد في المحبة ويوطد دعائم العشرة الزوجية وإنه من حسن العهد وحسن العهد من الإيمان، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرم صدائق خديجة براً بها ووفاء معها بعد وفاتها. عن عائشة رضي الله عنها قالت: " جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنت؟ قالت: أنا جثامة المزنية. فقال: بل أنت حسانة المزنية. كيف أنت؟ وكيف حالكم؟ وكيف كنتم بعدنا؟ قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فلما خرجت، قلت: يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال. قال؟ إنها كانت تأتينا زمن خديجة وإن حسن العهد من الإيمان. فإذا كانت هذه المعاملة مع صديقة الزوجة فأهلها بالأولى.
خامسها: أن تعاشرها بالمعروف وذلك بمؤانستها وملاطفتها وإشعارها بمحبتك لها وإدخال مزيد من السرور عليها حال انبساطها وانشراح صدرها.
وتعاشرها بالمعروف حال انقباضها وغضبها بتحملها وتقبل تصرفاتها برحابة صدر وطول أناة، ومن الأمور المستحسنة أن تتوارى عنها حتى تهدأ ثورتها ثم تعود إليها فتراجعها في سبب انفعالها بصدر رحب ثم تحتكمان لدى الشرع وما حكم به الشرع نفذ إن لك أو عليك. وبذلك تكون قد عاشرتها بالمعروف عملا بقوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف }. وإليك حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسياسته مع عائشة الصديقة رضي الله عنها حال غضبها وتصرفه الحسن معها، وعدم مراجعته لها، وسكوته عنها، ثم تذكيره إياها بتصرفها بعد هدوء ثورتها وحسن ردها عليه. روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً لعائشة: " إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى؛ فقلت: ومن أين تعرف ذلك؟ قال: " أما إذا كنت علي راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم ". قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك.
سادسها: أن تلهوا معاً بعض الوقت فتقضيانه بالمداعبة والملاعبة والممازحة، والمرأة تحب أن ترى ذلك من زوجها والإسلام يبغض الفظ الغليظ الجافي، ويحب المرح اللطيف خفيف الظل، وإليك مثلاً على ذلك. روى أبو داود وأحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم، ولم أبدن، فقال للناس: " تقدموا " فتقدموا ثم قال لعائشة رضي الله عنها: " تعالي حتى أسابقك " فسابقته صلى الله عليه وسلم فسبقته، فسكت عني، حتى حملت اللحم، وبدنت، وسمنت، فخرجت معه صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فقال صلى الله عليه وسلم: " تقدموا " فتقدموا، ثم قال: " تعالي أسابقك "، قالت عائشة رضي الله عنها: فسبقني، فجعل يضحك صلى الله عليه وسلم ويقول:" هذه بتلك ". ولا مانع من إخراجها إلى النزهات، والأسفار بشرط ملازمتها ومحافظتها على الآداب الإسلامية، فالمؤمن آلف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف. والمؤمن يحب الخير والسرور لأهله كما يحب ذلك لنفسه، وقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في الحديثين اللذين رواهما الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله ". ويقول: " خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ".
سابعها: أن تحفظها وترعاها فلا تدفعها ملاطفتك ومؤانستك إلى الخروج علي تعاليم الشريعة وآدابها فلا يحل أن يكون إغراؤها وفتنتها سبباً في فسادها وانحلالها. وذلك موكول إليك فأنت راع ومسؤول عن الأمانة (زوجتك) يوم القيامة حفظتها أم ضيعتها.
وبما زودك الله تعالى من القوامة عليها فعليك أن تستعملها فيما يرضي الله تعالى، وما دامت زوجك محاطة بسور الشريعة فعيشك عيش هنيء.
أوضح ذلك بمثال: أخوك البالغ، وزوج أختك، وعمك، وخالك، ليسوا بمحارم لزوجتك فهم في نظر الشرع غرباء لا يحل لهم أن ينظروا من زوجتك إلا إلى زينتها الظاهرة كما قال تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} فاختلاطهم بزوجتك ومسامرتهم لها ومحادثتهم معها من غير ضرورة منهي عنه. وقس على هذا. روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع وكلكم مسؤول. فالإمام راع وهو مسؤول، والرجل راع على أهله وهو مسؤول، والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسؤولة، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول. ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول ".
ثامنها: أن تغار عليها أن تأتي ما نهى الله عنه فتأخذك الحمية والأنفة إذا قارفت ما يسخط الله تعالى لكن بتعقل وترو، والغيرة محمودة وهي خلق المؤمن. روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله تعالى أن يأتي المؤمن ما حرم عليه "، فمثلاً مصافحة زوجتك لغير محرمها غير جائزة، ولك إذا رأيتها صافحت أجنبياً عنها أن تغار عليها وتبين لها الحكم الشرعي، وأن الكفين يجوز أن ينظر إليهما من غير مس، وعليها أن تسمع منك وتنتهي وعليك أن لا تسيء بها الظن. وإياك وتتبع عورات النساء، فالإسلام ينهى عن إساءة الظن بالأهل من غير ريبة. روى مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يتلمس عثراتهم. وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل من فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هل لك من إبل " قال: نعم. قال: " فما ألوانها؟ " قال: حمر. قال: " هل فيها من أورق " قال: " إن فيها لورقاً، قال: "فأنى أتاها ذلك؟ " قال: عسى أن يكون نزعه عرق. قال: " وهذا عسى أن يكون نزعه عرق".
تاسعها: أن تدخل عليها السرور إذا ولدت لك أنثى وإن كانت السابعة، وتشعرها برضاك عن الله تعالى فيما خلق ووهب، فإنك لا تدري في أي الجنسين البركة.
واسأل الله أن يعينكما على تربيتهن، فإن في الإحسان إليهن دخول الجنة، روى الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يكون لأحدكم ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، فيحسن إليهن، إلا دخل الجنة ".
وحذار من التذمر والتضجر فإنها عادة جاهلية. قال تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم }.
عاشرها: أن تعلم أن الله تعالى خلق المرأة من الرجل كما قال تعالى: {خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها} وخلقت من ضلعه لما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " واستوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيراً".
وسمي الرجل زوجاً والمرأة كذلك، تسمية المفرد بالمثنى " زوج " تنبيهاً لهما على ضرورة توثيق رابطة الزوجية بينهما إلى أن تحل بالموت. فالرجل تكمله المرأة، والمرأة يكملها الرجل وكون المرأة خلقت من ضلع ليس بمذمة لها ولا حط من قدرها، فإن الضلع من الرجل، والاعوجاج الذي هو فيها منه على كل حال. ومكان ضلعها فيه، فإذا حنى عليها، ومال إليها والتصق بها ففيه عود الفرع إلى أصله، والضلع إلى مفصله.
والمرأة بعاطفتها المعبر عنه بالعوج تؤدي دورها الذي خلقت له، والرجل بعقله يؤدي ما خلق له وبهما معاً تبنى اللبنة الأولى في حياة المجتمعات بناء صحيحاً. فالمرأة ذات عاطفة وبها استحقت أن تكون الشخص الثاني في الأسرة، ولا يستهان بدورها البتة فهي في الأسرة كالكبد في جسم الإنسان وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عظم مقدرتها في التأثير على الرجل في الأسرة فقال عليه الصلاة والسلام: " ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن".
والرجل بعقله مستحق أن يكون الرجل الأول في الأسرة وهو فيها كالقلب في جسم الإنسان. وقد ناط الله تعالى به القوامة لما حباه الله تعالى به من خصائص فيزيولوجية معلومة.
وكما لا يصلح قلبان كذلك لا يصلح للأسرة ربان، فرب الأسرة الرجل والزوجة نائبة عنه.
وإذ بينت لك يا أخي المسلم هذا لتدرك أهمية وجود المرأة في الأسرة فلا تفرط فيه. ولتحافظ عليها ولتحملها على ما يرضي الله تعالى بحكمة وإذا نشرت فعليك أن تسعى في إصلاحها. روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلفاً رضي منها آخر" والفرك: البغض. وعليك أن تتدرج معها في العظة والتذكير كما أمرك الله تعالى في كتابه بقوله: {واللاتي نحافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلاتبغوا عليهن سبيلا * وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا}.
فتبدأ بالعظة والتذكير بما أوجب الله تعالى على المرأة من حسن المعاشرة للزوج وتعريفها بأن عليها الطاعة له فيما يرضي الله لا فيما يسخطه وذكرها بما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى في أضحى أو فطر فمر على النساء فقال: " يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقلن وبم يا رسول الله؟ قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير" وذكرها أيضاً بما رواه الترمذي عن قيس بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق ". وخوفها بما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ". فإن ذكرت واتعظت كان لك ما أردت وعادت الألفة والمودة إلى سابق عهدها.
وإلا فثن بالهجر في المضجع وفيه تعلم إذا كان محبة فإنه يشق عليها وإذا كانت مبغضة فيظهر لك نشوزها.
وإذا لم ينفع الوعظ والهجر في المضجع فقد أذن الشرع في ضرب الأدب وهو ضرب غير مبرح وقد سأل عطاء بن أبي رباح ابن عباس رضي الله عنهما ما الضرب غير المبرح قال: بالسواك ونحوه. وضرب الأدب لا يتناول الزوج فيه الوجه ولا يشتم ولا يقبح. لما روى أبو داود والنسائي عن معاوية بن حيدة قال: يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح إلا في البيت ". وعليك أن تعلم أن الله تعالى لم يأمر في شيء من كتابه الكريم بالضرب صراحا إلا هنا وفي الحدود فقد ساوى معصية الأزواج بمعصية الكبائر. وولى أمر الضرب للأزواج ائتماناً من الله تعالى للأزواج على النساء وقال المهلب: إنما جوز ضرب النساء من أجل امتناعهن على أزواجهن في المجامعة. ذكره القرطبي.
وإذا لم يوفق الزوج في رد زوجته إلى الصواب بعد ذلك فليس أمامه إلا التحكيم.
ولا يجوز لك أن تمد هجران زوجتك فوق ثلاث إن كان لأمر دنيوي لما روى مالك والبخاري ومسلم عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال. يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ".
وإن لأمر أخروي فله أن يزيد على الثلاث إلى عشر إلى أكثر فقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك مع نسائه.

حق الزوج على زوجته
أختي المسلمة:
ما سميت زوجة إلا لتمري وثاق الزوجية، وتحكيمه بحسن عشرتك لزوجك، ورضاك به، وقناعتك بأنه الذي كتبه الله تعالى لك في الأزل، فأريه كل جميل، وأسمعيه كل حسن، واحمدي الله تعالى عليه إن كان على جانب من الخلق وحسن المعاملة، واصبري عليه إذا رأيت منه خلاف ذلك، واسألي الله تعالى له الإصلاح، وارضي بما قسم الله تعالى لك تكوني أغنى النساء وأسعدهن. وتأملي معي هذه القصة التي حكاها الأصمعي وما ترمي إليه فلعلك تستفيدين حكمة. قال: دخلت البادية فإذا أنا بامرأة من أحسن الناس وجهاً تحت رجل من أقبح الناس وجهاً، فقلت لها: يا هذه، أترضين لنفسك أن تكوني تحت مثله؟ فقالت: يا هذا اسكت، فقد أسأت في قولك، لعله أحسن فيما بينه وبين خالقه فجعلني ثوابه، أو لعلي أسأت فيما بيني وبين خالقي فجعله عقوبتي، أفلا أرضى بمارضي الله لي فأسكتني.
أختي المسلمة: إليك الواجبات المترتبة عليك تجاه زوجك فعليك أن تسعدي نفسك وتسعديه بها.
أولها: أن تطيعيه في جميع ما يأمرك به في غير معصية الله تبارك وتعالى وفي حدود الاستطاعة. ولك بعدها دخول الجنة من أي باب شئت كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد والطبراني عن عبد الرحمن بن عوف: " إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: " ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ".
أختي المسلمة: مصيرك منوط بك وأنت تحددين المآل بالحال الذي تسلكينه مع زوجك فإن أحسنت فلك الجنة، وإن أسأت فلك النار. روى أحمد عن حصين بن محصن رضي الله عنه أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لها: " أ ذات زوج أنت؟ " قالت: نعم، قال: " فأين أنت منه؟ " قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه. قال: " فكيف أنت له؟ فإنه جنتك، ونارك ".
ثانيها: أن لا تهجري فراش زوجك، فإنك سكنه وهو سكنك، فكيف تهجرينه وأنت منه؟ لا تتأخري عنه إذا دعاك لحاجته، ولوكنت مشغولة فعليك أن تتفرغي له في أي ساعة من ساعات النهار أو الليل أرادك. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها ". ثالثها: أن تصفحي عنه إذا أساء، وتعتذري إليه إذا أسأت، وتسترضيه إذا غضبت. وليس في ذلك إلا عزك ورفعة شأنك عند الله تعالى. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر من هذه أخلاقها بأنها من نساء الجنة. روى الطبراني عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ " قلنا: بلى يا رسول الله. قال: " ودود ولود، إذا غضبت، أو أسيء إليها، أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى.
رابعها: أن لا تدخلي بيته إلا من يحب ولا تجلسي على فراشه من يكره. روى الترمذي عن عمرو بن الأخوص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في معرض ذكر الحقوق: " فأما حقكم على نسائكم، فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون ".
خامسها: أن لا تصومي نافلة إلا بإذنه إلا أن يكون مسافراً أو غائباً. روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ".
سادسها: أن لا تخرجي وهو كاره ولا تطيعي فيه أحداً أبداً، ولا تعزلي فراشه، ولا تضربيه. قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه ابن ماجه من حديث ابن عباس: " ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً. رجل أم قوماً وهم له كارهون. وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان".
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح ".
سابعها: أن تجعلي بيتك جنة ينسى فيه همومه ومتاعبه التي لاقاها يومه ذاك بطهو طعامه، وتنظيف داره، وغسل ثيابه، وتزينك وتطيبك وجلوسك إليه وتبليغه الأخبار السارة المفرحة، ومشاهدته أولاده كالدمى. وإنك بذلك تبلغينه السعادة التي يحلم بها كل زوج. إذا نظر إلى زوجه سرته وإن أمرها أطاعته. وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله. روى الحاكم عن محمد بن سعيد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة من السعادة المرأة الصالحة تراها تعجبك وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق، وثلاث من الشقاء: المرأة تراها فتسوءك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون قطوفاً فإن ضربتها أتكبتك، وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق.
ثامنها: أن لا تكثري من الخروج، وإذا اضطررت إليه، فليكن في منتهى الحشمة والأدب، واقضي شؤونك بضروري الكلام، واستري وجهك أمام الأجانب ويتعين عليك ذلك إن كنت شابة جميلة خوفاً على الرجال في الافتتان بك، وإن كان الستر يضرك بأن كان نظرك ضعيفاً أوكنت مصابة بالربو أو بضيق النفس فلا حرج في الكشف بقدر الحاجة.
واحترسي من أن يفوح منك العطر حال خروجك فيشمه الرجال، ومن فعلت ذلك كانت زانية.
روى الترمذي عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس كذا وكذا يعني زانية".
تاسعها: أن تكرمي أبويه، وتبذلي لهما ما في وسعك من خدمة ورعاية، وبذلك تستجلبين البر لزوجك وفي بر الوالدين رضى الله وفي رضا الله سعادة الأسرة إلى الأبد.
عاشرها: لتعلمي أن طاعة الزوج منوطة بطاعة الله تعالى، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فإذا أمرك الزوج بأمر أو نهاك عن نهي فاعرضيه على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن كان موافقاً أنفذته، وإن كان مخالفاص رددته فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

حكم العزل
أخي المسلم- أختي المسلمة:
العزل: صرف الماء عن المرأة حذراً من الحمل. وذهب بعض أهل العلم إلى إباحته والبعض الآخر إلى كراهته. فأما المبيحون فاستدلوا بما روى مسلم في صحيحه بسنده إلى جابر رضي الله عنه أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمنا وسانيتنا وأنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل. فقال: " اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها" فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت. فقال: " قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها". وفي رواية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا عبد الله ورسوله ". وروى مسلم بسنده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال: لا عليكم أن لا تفعلوا. ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون". ومعنى لا عليكم أن لا تفعلوا. أي لا ضرر عليكم في ترك العزل ولا فائدة في العزل فإنه إن كان الله تعالى قدر خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم حرصكم في منع الخلق. وكمارأيت يشم من دليل الإباحة رائحة الكراهة.
وأما الذين قالوا بالكراهة. فاستدلوا بما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: ذكر العزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ولم يفعل ذلك أحدكم؟ (ولم يقل فلا يفعل ذلك أحدكم) فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها.
وقال العلماء: تستأذن الحرة في العزل، لا الأمة، وقال الكمال بن الهمام رحمه الله في الفتاوى: فإن خاف من الولد السوء يسعه العزل بغير رضاها كأن كانت جاهلة، أو حمقاء، لا تعرف تربية الأطفال وتأديبهم.
وللمرأة أن تسد فم رحمها ونحوه عند ضرورة نحو عجز عن حمل بإخبار طبيبة حاذقة أو طبيب حاذق.
وإذا علمنا ذلك فانظرا رحمكما الله إلى كل الأمور نظرة شرعية وقدرا الضرورات بقدرها، ولا تقدما على عمل حتى تعلما حكم الله فيه واسألا أهل الذكر إن كنتما لا تعلمان.

حكم إسقاط الحمل
يباح إسقاط الحمل ما لم يتخلق منه شيء ولا يتخلق الحمل قبل مرور أربعين ليلة أو اثنتين أو خمس وأربعين ليلة لما روى مسلم عن عبد الله بن مسعود أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاص فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها. ثم قال: يا رب، أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك ثم يقول: يا رب أجله؟ فيقول ربك ما شاء. ويكتب الملك، ثم يقول يا رب رزقه. فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك. ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده. فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص ". وفي رواية لمسلم أربعين، وفي رواية له خمس وأربعين.
ولا تسقط المسلمة في المدة المباحة إلا لعذر وأما إذا أسقطت بعد نفخ الروح الذي يتم بعد عشرين ومئة يوم من الحمل فإنها تأثم إثم القتل. وها أنت قد علمت حكم إسقاط الحمل فاتقي الله تعالى أيتها المرأة المسلمة فإنك ستسألين عن جنايتك إذا جنيت، وإن فوضت الأمر لربك أعانك.

إفشاء سر المرأة وسر الرجل
إفشاء سر المرأة حرام وكذلك إفشاء سر الرجل، وهو من الخيانة. روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه ثم ينشر سرها ". ومعنى أعظم الأمانة أي أعظم خيانة الأمانة. ومعنى الرجل يفضي: خيانة الرجل والافتخار بكثرة الجماع حرام. وفي الحديث السباع حرام.
وينبغي للزوج أن يأتي أهله كل أربع ليال، وله أن يزيد أو ينقص تبعا لنشاطه ونشاطها، ويحرم عليه إتيانها في المحيض، وله أن يستمتع بها كلها مجتنباً فرجها ودبرها كما مر.
وتذكرا قول الله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فآتوهن من حيث أمركم الله }.

فائدة لفك المسحور والمربوط
نقل الطحاوي عن تبيين المحارم عن كتاب وهب بن منبه أنه مما ينفع للمسحور والمربوط أن يؤتى بسبع ورقات سدر خضر وتدق بين حجرين ثم تمزج بماء ويحسو منه ويغتسل بالباقي فإنه يزول بإذن الله تعالى.

نكاح المتعة والنكاح المؤقت
أخي المسلم- أختي المسلمة:
نكاح المتعة باطل وصورته أن يقول الرجل لامرأة متعيني نفسك بكذا مدة كذا، ويسمي مالاً. فتقول له: متعتك نفسي ولابد من لفظ التمتع فيه، وسبب بطلانه قول الله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون }. وما روى مسلم في صحيحه عن سبرة الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس: إني كنت قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً.
وغيره من الأحاديث الصحيحة التي أشارت إلى تحريمها أبداً إلى يوم القيامة بعدما كانت أحلت ثم حرمت ثم أحلت. واتفقت المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وجماهير الصحابة والزيدية من الشيعة على تحريم نكاح المتعة. وكان يقول بجواز المتعة ابن عباس وجابر وابن مسعود ومعاوية وبعض التابعين كسعيد بن جبير تلميذ ابن عباس. وقد رجعوا عن ذلك بعدما نهوا عنه، وأنكر على ابن عباس من بقي من الصحابة في عهده وشدد عليه ابن الزبير في ذلك عندما كان خليفة على الحجاز، فقد روى مسلم في الصحيح عن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال: إن ناساً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه فقال: إنك لجلف جاف. فلعمري! لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين (يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك. فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك. ثم نقل المحدثون عن ابن عباس أنه رجع عن قوله. ويشهد له ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي جمرة الضبعي قال: سمعت ابن عباس يسأل عن متعة النساء فرخص، فقال له مولى له إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة أو نحوه. فقال ابن عباس: نعم وفي رواية لغيره صدق. ولعل المولى عكرمة.
ولا بد أن ابن عباس لم يقف على النهي والتحريم ويدل لذلك أيضاً أنه روجع في فتياه فسكت.
روى مسلم عن ابن شهاب أن خالد بن المهاجر أخبره أن رجلاً استفتى ابن عباس في المتعة فأفتاه فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري مهلاً. قال: ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين. فقال ابن أبي عمرة: إنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله الدين ونهى عنها.
ودليل آخر رواه مسلم عن محمد بن الحنفية أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس إنك رجل تائه. نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
وعلي كرم الله وجهه يؤكد لابن عباس تحريم نكاح المتعة يوم خيبر وينسبه إلى الانحراف عن الصراط المستقيم بقوله تائه لأنه المشتهر واعتبر إباحة المتعة يوم أوطاس وتحريمها عام الفتح كأن لم تكن لأن مدة التحليل والتحريم لم تتعد ثلاثة أيام فبقي التحريم قائما إلى يوم القيامة كما أشار إلى ذلك حديث مسلم الذي رواه عن سبرة الجهني. والله أعلم.
وقول الله تعالى: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن} لا يحل نكاح المتعة عند من وجده دليلاً. ويزعم أن استمتع وتمتع بمعنى واحد وهو الذي عبر القرآن به وأنه ذكر الأجر ولم يذكر المهر. ويزعم أن الأجر واقع بعد الاستمتاع كما في عقد الإجارة وأن المتعة عقد إجارة على منفعة البضع. أما المهر فيجب في نفس العقد قبل الاستمتاع. وإنما لم تقم للقائل بحل المتعة حجة لأن قوله تعالى: {فما استمتعتم } يعني تلذذتم والتلذذ يقع نتيجة النكاح، والأجر في الآية يعني المهر لأننا لو استعرضنا قوله تعالى: {فآتوهن أجورهن} في جميع الآيات التي ورد ذكرها في القرآن الكريم لوجدناها قد ذكرت في مقابل النكاح. قال تعالى في سورة البقرة {فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف }، وقال تعالى في سورة المائدة: {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب إذا آتيتموهن أجورهن }. وقال تعالى في سورة الأحزاب: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن}. وقال تعالى في سورة الممتحنة: {ولا جناح عليكم إذا آتيتموهن أجورهن بالمعروف }. وقال تعالى في سورة القصص: {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } وليس في عقد النكاح إلا ما يقابل الأجر وهو المهر وإنما سمي المهر أجراً لأنه أجر الاستمتاع. فليس معنى استمتعتم إلا تلذذتم والتلذذ نتيجة النكاح، وقدم استمتعتم في الآية على المهر كما قدم قمتم إلى الصلاة على فاغسلوا على تقدير إذا أردتم. فكما قدرنا في قوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة} أي أردتم القيام إليها، فكذلك هنا التقدير، فإذا أردتم الاستمتاع فآتوهن أجورهن ومثله في القرآن الكريم كثير. فبطل زعم من قال إن الآية حجة على جواز المتعة.
والنكاح المؤقت باطل أيضاً وذلك بأن يتزوجها بشهادة شاهدين مدة معلومة. فإنه شبيه بالمتعة بالمعنى والعبرة للمعاني وسواء طالت المدة أوقصرت. لأن التأقيت هو المبطل.
أخي المسلم- أختي المسلمة:
صفة عقد النكاح التأبيد كما علمت والتأقيت شرط لا يقتضيه عقد النكاح فيبطل به.

نكاح الشغار
نكاح الشغار لا يجوز وهو أن يقول الرجل للرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي وليس بينهما صداق. روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا شغار في الإسلام " ونكاح الشغار لا يجوز بإجماع أهل العلم، ولكن اختلفوا في صحته وجمهور أهل العلم مالكية وشافعية وحنابلة على بطلانه، وذهب الحنفية إلى صحته ووجوب مهر المثل وهو قول الزهري ومكحول والثوري والليث ورواية عن أحمد وقول عند الشافعي.

عرض الولي ابنته أو أخته على أهل الفضل
أخي المسلم- أختي المسلمة:
من الأمورالتي رغب الشرع فيها، وحض عليها، وجعلها سبباً في تعجيل زواج الأبكار والأيامى دعوة الولي المسلم أخاه المسلم إلى نكاح ابنته، أو أخته، أو قريبته.
فكثير من الشباب يرغبون في مصاهرة معارفهم الصالحين ويمنعهم الخجل من سؤالهم، فيخطبون إلى من لايعرفون وغالباً لا يوقنون. ولو أن من عرفوهم عرضوا عليهم بناتهم أو أخواتهم لسارعوا إلى الزواج منهم وبذلك تقل العوانس في المجتمع المسلم. ولنا في سلفنا الصالح الأسوة الحسنة.
ففي البخاري من حديث ابن عمر يحدث عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي بالمدينة فقال عمر بن الخطاب: أتيت عثمان بن عفان، فعرضت عليه حفصة، فقال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي، ثم لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر، فلم يرجع إلي شيئاً، وكنت أوجد عليه مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت في حين عرضت علي حفصة، فلم أرجع إليك شيئاً؟ قال عمر: قلت: نعم، قال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي، إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلتها.
رد مع اقتباس
قديم 08-22-2005   رقم المشاركة : ( 2 )
سليل المجد
ذهبي مشارك


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 4
تـاريخ التسجيـل : 30-07-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,281
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : سليل المجد يستحق التميز


سليل المجد غير متواجد حالياً

افتراضي

صراحة .. ما قصرت

كفيت ووفيت

مشاركة شاملة وكاملة عن النكاح ( الزواج ) وأحكامه

بارك الله فيك
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 08-22-2005   رقم المشاركة : ( 3 )
abonayf
ثمالي نشيط


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 13
تـاريخ التسجيـل : 04-08-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 7,582
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : abonayf


abonayf غير متواجد حالياً

افتراضي

يعجز السان عن اتيان مايمكن ان يثمن ماكتبت لك الشكر بال كل الشكر

جزاك الله خيرا ونفع بما كتبت وجعله الله في ميزان حسناتك يوم تلقاه ةنفعك باجرمن قرئه وعمل به
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
قديم 08-25-2005   رقم المشاركة : ( 4 )
ابو عهد 099
مشارك


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 55
تـاريخ التسجيـل : 21-08-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 390
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : ابو عهد 099 يستحق التميز


ابو عهد 099 غير متواجد حالياً

افتراضي

مشكـــ()ــورررين
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:44 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by