الانتقال للخلف   منتديات بلاد ثمالة > الإسلام والشريعة > الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي

 
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12-24-2005
الصورة الرمزية أبو عبدالرحمن
 
أبو عبدالرحمن
المشرف العام

  أبو عبدالرحمن غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2
تـاريخ التسجيـل : 29-07-2005
الـــــدولـــــــــــة : وادي جفن
المشاركـــــــات : 17,068
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 4291
قوة التـرشيــــح : أبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادة
افتراضي تعليم ابنك القرآن

تعليم ابنك القرآن تعليم ابنك القرآن تعليم ابنك القرآن تعليم ابنك القرآن تعليم ابنك القرآن

تعليم ابنك القرآن



أحمد بن عبد العزيز الحمدان

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمَّد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أمَّا بعد :

* المقـدمـة :
إنَّ مرحلةَ الطفولةِ أخطرُ وأهمُ مرحلةٍ في حياة الإنسان ، إذ هي محطةُ بَذْرِ المبادىء والقيمِ والمفاهيم ، وهي البيئةُ التي تظهر فيها ميولُ الإنسانِ ونوازعُهُ للمربي الجادِ الذي جعل من ملاحظتِه ومُتَابَعَتِهِ سلوكَ الصغيرِ معياراً يتعرفُ بهما على جِبِلَّتِه ..

والطفولةُ منعطفُ طرقٍ خَطِرٍ يتحددُ من خلالِهِ مسارُ الصغيرِ في حياته كلِّها.

لذلك كلِّه وغيرِه كانت مرحلةُ الطفولةِ محطَ أنظارِ المصلحين ، ومجمعَ اهتمامِ المربين ، ومجالَ بحثِ الباحثين ، وهي كذلك محطُ أنظارِ المفسدين ، ومجمعُ اهتمامِهم وميدان بذلِهِم وإنفاقِهم ، لعلمهم أنَّ كلَّ أمةٍ إنَّمَا يصلُح أفرادُها ، وتثبتُ على مبادئها ، ويحملُ رايةَ عقيدَتِها صغارُها عن كبارِها ، فهم خَلَفُ الكبار ، وَمُجَدِّدُوا مَجْدِ سلفِها الأبرار .

فمرحلة هذا شأنها ، ومحطةٌ في حياةِ الإنسان كهذه تجلى خطبُها ، لا يمكن إلا أن تكون كما ذكرنا ، معتركَ المصلحين والمفسدين ، ومطمحَ آمال المربين .

وإنَّ النَّاظر في حالِ كثيرٍ من أفرادِ الأمَّةِ الإسلاميّة، في طول البلادِ وعرضها، يرى أنَّ هجماتِ أعدائِهم قد أثرت في أبنائِهم ، وأنَّ مخططاتِ مفسديهم قد انحرف بسببها كثيرٌ من فِلْذَاتِ أكبادِهِم، فتشوهتْ صورةُ الجيلِ الصاعد ، وانحرفتْ عن خُطى أسلافِها .

وما كان هذا الأمرُ ليقع لولا ذلك الفصامُ النَّكِدُ الذي وقعَ بين كثيرٍ من المسلمين وبين كتاب ربِّهِم، وسنةِ نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وسيرِ أسلافهم ، فوجدوا أنفسهم بلا أُسُسٍ، وبلا مبادىء، وبلا تاريخٍ ، وبلا قدوات ، فانهزموا في أنفسهم ، وبهرهم تقدُم غيرهم ، فتعلقوا بركابهم ، وتشبثوا بأذنابهم ،وأخذوا بمفاسدهم ، وَعَجَزوا في مدنيتهم عن مواكبتهم .

لذلك كان لزاماً على الجميع : معرفةُ قواعدِ التربية الصحيحة ، ليعرف كلُّ فردٍ دورَه ومكانته ، وأساليبَ تطبيقِ ما تعلمَ في حياته العملية ، وبيئتِه‎‎ِ الأسرية ، ليؤدي دوره الرائدَ في إخراجِ جيلٍ صالح ، ومجاهدٍ ناجح ، ومؤمن متمسكٍ بدينه ، ساعٍ لإرضاء ربِّه ، حريصٍ على الأخذِ بسنة نبيه ، مترسمٍ خُطى سلفِهِ الصالح .

وقد تضمن القرآنُ الكريمُ ، والسُّنَّةُ المطهرةُ ، وسيرُ سلفِ هذه الأمةِ كمَّاً هائلاً من المبادىء والقيم والمعاني والآداب ، والأساليبِ التربوية ، التي يجبُ أن يُرَبَّى عليها الصغير ، ويُشْرِبَ قلبُهُ الأخذ بها ، منذ نعومة أظفاره .

* ما يجب على المربي مراعاتُه :
- أولاً : على المربي أن يراعي مراحلَ عمرِ الصغير ، وأن يراعي ميوله ، وقدراتِه على الفهمِ والأخذِ بما يُلْقَى عليه ، فليس كلُّ طفلٍ يعامل كالآخرين ، لذلك لا بدّ من مراعاةِ الاختلاف بين كلِّ طفلٍ وآخر ، وأن يُبْنَى على هذا الاختلافِ ما يُلقى على الصغيرِ كمّاً وكيفاً .

- ثانياً : وعليه أن يعلم أن فطرةَ الصغيرِ سليمة ، وأنَّ ما يلحقها من كدرٍ مَرَدُّهُ إلى مؤثراتٍ خارجيّة ، وأنَّ المربي يتحمل الجزء الأكبر من ذلك .

- ثالثاً : وعليه أن يعلم أنَّ الأخلاق تقبل التغيير ، من حسنٍ إلى سيء ، ومن سيء إلى حسن ، لذلك كان واجبُ المربي عظيماً في متابعة الصغير ، وفي ملاحظةِ خُلُقه وسلوكه ، فما كان حسناً سعى في تثبيته ، وما كان سيئاً سعى في تقويمه وإصلاحه .

- رابعاً : وعليه أن يُوَطِّنَ نفسه على الصبر ، فإنَّ مرحلة الطفولة طويلة ، والواجبُ الملقى عليه كبير ، والتربيةُ رسـالةٌ شريفة ، مَهَمَتُهُ فيها : بذرُ الحسن ، وتقويمُ المعوج ، وقلعُ القبيح ، وصيانةُ العود ، وحمايةُ الموجود ، والنتائج فبيد الله سبحانه !

- خامساً : وعليه أن يَعْلَمَ أنَّ الصغيرَ يملكُ قدراتٍ عقليةٍ عظيمة ؛ كالذكاءِ ، وسرعةِ التذكر ، والاستيعابِ لما يُلْقَى عليه ، وهذه القدراتُ بحاجةٍ إلى إظهارٍ وتنمية ، وإلاَّ اضمحلت ،أو انحرفت ، وهذا يُرِينَا جزءً من عِظَمِ الواجبِ الملقى على المربي ، أباً كان أو غيره .

* أهميّة تعليم الصغير القرآن :
لذلك كان لزاماً على كل مصلحٍ أن يحرص على تبصير نفسه ، وأن يُشَمِّرَ عن ساعدِ الجد ثوباً طالما أُرسل ، حتى غطى كلَّ خير عنده، وكلَّ إصلاح عرفه ، بل كان سبباً — بما تراكم عليه من شُبَهٍ وتشويه — في صرف النَّاسِ عن الاعتصام بحبل الله المتين ، وبدينه القويم ، والسير على صراطه المستقيم .

واعلموا أنَّ في القرءان العظيم ، والسنة النبوية المشرفة ، وسير سلف هذه الأمة كمّاً كبيراً من المباديء والقيم ، والمعاني والآداب ، والأساليب التربوية التي يجب أن يُرَبَّى عليها الصغير ، ويشرب قلبه الأخذ بها منذ نعومة أظفاره .

وإنَّ من أعظم ما يجب صرف الهمم إليه في تربية الأبناء : (( تعليمهم كتاب الله تعالى )) .

هذا الكتاب الذي فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُم ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُم، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُم، وَهُوَ الْفَصْـلُ لَيْسَ بِالْهَزْل ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ الله ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ الله ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِين ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيم ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيم ، هُوَ الَّذِي لاَ تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاء ، وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَة ، وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاء ، وَلاَ يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدّ ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُه ، هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا [ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ] مَنْ قَالَ بِهِ صَدَق ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِر ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَل ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم .

لذلك ينبغي لولي الصغير أن يوجهه إلى تعلم كتاب الله تعالى منذ صغره ، لأنَّه به يتعلم توحيد ربّه ، ويأنس بكلامه ، ويسري أثره في قلبه وجوارحه ، وينشأ نشأةً صالحة على هذا .

قال الحافظ السيوطيُّ — رحمه الله : تعليمُ الصبيانِ القرآن أصلٌ من أصول الإسلام ،فينشاؤون على الفطرة، ويسبق إلى قلوبِهِم أنوارُ الحكمة قبل تمكن الأهواء منها ، وسوادها بأكدار المعصية والضلال .

وقال ابن خلدون : تعليمُ الولدان للقرآن شعارٌ من شعائر الدين ، أخذ بن أهالي الملة ،ودرجوا عليه في جميع أمصارهم ، لِمَا يسبق إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده ، بسبب آيات القرآن ، ومتون الأحاديث ، وصار القرآن أصلَ التعليمِ الذي بُني عليه ما يُحَصَّلُ بَعْدُ من الملكات .

قال الله تعالى [ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مِشْهُوداً ، وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً ] .

وقال تعالى [ وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلاً ] .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( … وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّة . وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله ، يَتْلُونَ كِتَابَ الله ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُم، إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَة ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلاَئِكَة ، وَذَكَرَهُمْ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَه ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُه )) .

إنّكَ أيُّها الأب ، وإنّكِ أيَّتُها الأمّ !!
كلَّما أرسلتما أبناءكما لحفظ كتاب الله تعالى ، فإنَّكما في الحقيقة لا ترسلانهم إلى مسجد، أو مقرٍّ يحفظون فيه القرآن فقط ، وإنّما ترسلانهم إلى مسجدٍ ، ومقرِّ تحفيظٍ ،وروضةٍ من رياض الجنَّة .
روضةٍ ليس فيها حظ للشيطان .
روضةٍ تُحفَظُ فيها فِلْذَاتُ أكبادنا .
روضةٍ فيها روح وريحان ، وربٌّ غير غضبان .
روضةٍ يُنَزِّلُ اللهُ تعالى على أبنائكما فيها سكينَتَه ، وتغشاهم فيها رحمتُه ، وتحفهم فيها ملائكتُه ، ويذكر اللهُ أبناءكما فيمن عنده من الملائكة الكرام ، ويباهي بهم حملة عرشه عليهم السلام .

فَعَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَة : أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ رضي الله عنه بِعُسْفَانَ ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّة ، فَقَالَ عُمَرُ : مَنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ (أي مكة) فَقَالَ نَافِعٌ:
ابْنَ أَبْزَى . قَالَ : وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى ؟ قَالَ : مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا . قَالَ عُمَرُ : فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى ؟
قَالَ : إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ عز وجل ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِض . قَالَ عُمَرُ : أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ : (( إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ )) .

فهذا ابنُ أَبْزَى ـ وهو عبدٌ أُعتق ـ أصبح أميراً على أشرافِ أهلِ مكة ؛ من الصحابة والتابعين ، وما رفعه إلى هذه المنزلة إلاَّ عِلْمُهُ بكتابِ اللهِ تعالى ، وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم .

وهذه البُشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم — معاشر الآباء والأمهات — أن أبناءكم سيكون لهم مقامُ الرفعة في الدُّنيا والآخرة ، لكونكم علمتموهم كتاب الله ، وحرصتم على تمسكهم به ، وتطبيقهم ما جاء فيه .

كيف لا ؟ وما ساد عطاء ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن البصري ، ومكحول ، وغيرهممن سـادت المسلمين — وهم موالي ، كانوا يباعون — إلا بكتاب الله تعالى .

فقد كان عطاء عبداً مولداً ، من مولدي اليمن ، كان أبوه عبداً لامرأة من بني جُمَح ، وكان عطاء يعيش من صـنع المكاتل ، وهو أسود ، أفطس ، أعور ، أشل اليد ، أعرج ، ثمَّ عَمِيَ ، ومع ذلك ساد العرب قبل العجم ، بتعلمه كتاب الله تعالى ، حيث حفظ القرآن في الكُتَّاب ، ثمَّ أقبل على الصحابة رضوان الله عليهم يأخذ عنهم علم الكتاب والسنَّة ، حتى أصبح مرجعَ أهلِ مكة ، بل مرجع المسلمين في المناسك في زمنه ، وكان يُنَادَى في مواسم الحجّ — بأمر الخليفة الأُموي — أن لا يُفتي في الحجِّ إلا عطاء !

وهذه بشارة ثالثة من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، معاشر الآباء والأمهات : قال صلى الله عليه وسلم : (( الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَة ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيه ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ ، لَهُ أَجْرَان )) .

فكيف بكم — عباد الله ، يا من أرسلتم أبناءكم لحفظ كتاب الله تعالى ، وحرصتم على ذلك — إذا جئتم ربَّكم يوم القيامة فترون أبناءكم مع خير ملائكة الله تعالى ، وهم السَّفَرَةُ الْكِرَامُ الْبَرَرَةُ عليهم السَّلام ؟ من يُفَرِّطُ في هذا ، ويزهد فيه ؟ إلاَّ من ظلم نفسه !

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبّ ! مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَار ، فَشَفِّعْنِي فِيه ! وَيَقُولُ الْقُرْآنُ:
مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْل ، فَشَفِّعْنِي فِيه ! قَالَ : فَيُشَفَّعَان )) .

وهذه بشرى رابعة — يسوقها رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم معاشر الآباء والأمهات — أنَّ أبناءكم ، الذين حفظتموهم كتاب الله تعالى ، يشفع لهم القرآن عند ربّكم ، فلا يرضى حتى يأخذ بأيديهم إلى جنَّات عدن، يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ، ولباسهم فيها حرير !

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أَبْشِرُواْ ! فَإِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ طَرَفُهُ بِيَدِ الله ، وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيْكُم ، فَتَمَسَّكُواْ بِه ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَهْلَكُواْ ، وَلَنْ تَضِلُّواْ بَعْدَهُ اَبَداً )) .

وهذه بشرى خامسة لكم — أيها الآباء والأمهات — يا من تخشون على مستقبل أبنائكم ، يا من تسهرون في التفكير والتخطيط لهم ! هذا الله تعالى يضمنُ لكم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أنَّ كتاب الله تعالى حبلُ الله المتين الذي من تمسك به نجى ، وَأَمِنَ من الهلاك ، وعاش حياةً طيبة ، وكان مآلُهُ في الآخرة مع الفائزين .

أما في الآخرة فيبشرنا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أنَّ القرءان سَيُحَلِّي أبناءنا أحسن الحلل،وَسَيُسْكِنَهُم اللهُ بِهِ الظلل، وسـيُنيلهم أعظمَ الحسنات ، ويجعلهم في أعلى الدرجات .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ : يَا رَبّ ! حَلِّه ،فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَة ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبّ ! زِدْه ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَة ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبّ! ارْضَعَنْهُ فَيَرْضَى عَنْه ، فَيُقَالُ لَه : اقْرَأ ، وَارْق ، وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَة )) .

وقال صلى الله عليه وسلم :
(( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأ ، وَارْق ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ! )) .

وَيَحْكُمُ صلى الله عليه وسلم لأبنائكم بأنَّهم خيرُ النَّاس وأفضلُهم ، فيقول :
(( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْءَانَ وَعَلَّمَه )) .

أمَّا إذا جاء الآباء والأمهات رَبَّهُم يوم القيامة ، وكان ابنهم ممن عَلَّمُوه القرءان الكريم ، فاستمعوا إلى هذه البشارة العظيمة التي يبشرهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم بها حيث يقول : (( … وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَة ـ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُه ـ كَالرَّجُلِ الشَّاحِب ، فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِي ؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُك . فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي ؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُك .
فَيَقُولُ : أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآن ، الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِر ، وَأَسْهَرْتُ لَيْلَك . وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِه ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَة . فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِه، وَالْخُلْدَ بِشِمَالِه ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَار ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لاَ يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا ، فَيَقُولاَنِ : بِمَ كُسِينَا هَذِه ؟
فَيُقَالُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآن . ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : اقْرَأ ، وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا ، فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأ ، هَذًّا كَان ، أَوْ تَرْتِيلاً )) .

فاحرصوا ، بارك الله فيكم ، على تربية أبنائكم على حفظ كتاب ربكم ،وادفعوهم إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم ، فإنَّ فيها نفع عميم .

والله نسأل أن يوفقنا لحسن تربية الصغار ، إنَّه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

المصدر : نوافذ الدعوة
توقيع » أبو عبدالرحمن
قديم 12-24-2005   رقم المشاركة : ( 2 )
abonayf
ثمالي نشيط


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 13
تـاريخ التسجيـل : 04-08-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 7,582
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : abonayf


abonayf غير متواجد حالياً

افتراضي

جزاك الله خيرا اباعبدالرحمن وكتب لك الاجر في ذلك

وسأورد قصة هنا ارى ان لها مغزى جميل لمن تبصر واعتبر .

فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: خرج جيش من المسلمين أنا أميرهم، حتى نزلنا الإسكندرية، فقال صاحبها: اخرجوا إليّ رجلا منكم اكلمه، ويكلمني، فقلت: لا يخرج إليه غيري، فخرجت ومعي ترجمان، ومعه ترجمان، حتى وُضع له منبران، فقال: من أنتم؟ فقلنا: نحن العرب، ونحن أهل الشوك والقَرَظِ ( هو ورق أسود يستخدم في الدباغ وغيره )، ونحن أهل بيت الله، كنا أضيق الناس أرضا، وأشدّ الناس عيشا، نأكل الميتة، ويُغير بعضنا على بعض، بشرَّ عيش، عاش به الناس. حتى خرج فينا رجلا ليس بأعظمنا يومئذ شرفا، ولا أكثرنا مالا، فقال: " أنا رسول الله ". يأمرنا بما لا نعرف، وينهانا عما كنا عليه، وكانت عليه آباؤنا، فشَنِفنا له ( أبغضناه ) وكذبناه، ورددنا عليه مقالته، حتى خرج إليه قوم من غيرنا، فقالوا: نحن نصدقك ونؤمن بك، ونتبعك ونقاتل من قاتلك، فخرج إليهم، وخرجنا إليه، فقاتلناه فقتلنا، وظهر علينا، وغلبنا، وتناول من يليه من العرب، فقاتلهم حتى ظهر عليهم. فلو يعلم من ورائي ما أنتم فيه من العيش لم يبق أحد إلا جاءكم حتى يشرككم ما أنتم فيه من العيش. فضحك، ثم قال: إن رسولكم قد صدق. قد جاءتنا رسلنا بمثل الذي جاءكم به رسولكم، فكنا عليه، حتى ظهر فينا ملوك، فجعلوا يعملون فينا بأهوائهم، ويتركون أمر الأنبياء، فإن أنتم أخذتم بأمر نبيكم، لم يقاتلكم أحد إلا غلبتموه، ولم يتناولكم أحد إلا ظهرتم عليه. فإذا فعلتم مثل الذي فعلنا وتركتم أمر الأنبياء، وعملتم مثل الذي عملوا بأهوائهم، خُليّ بيننا وبينكم، فلم تكونوا أكثر منا عددا، ولا أشد منا قوة. قال عمرو بن العاص: فما كلمت رجلا أَذْكَر ( أكثر رجولة ) منه

انظر الى ماعلم بالاحمر وكيف هو حالنا ( رجل لايعرف من الاسلام الا اسمه قال هذا ونحن ....... )

تحياتي

آخر مواضيعي
 
قديم 12-24-2005   رقم المشاركة : ( 3 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي

شكرا ابو عبد الرحمن على هذا الطرح الجميل والشكر موصول لأبو نايف جعلها الله في موازين حسناتكم ،،، شكري وتقديري
آخر مواضيعي
 
موضوع مغلق

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
تعميم معالي وزير التربية ابوعبدالهادي الــمـنـتـدى الـتـعلـيـمـي 5 04-30-2006 03:15 PM
ترتيب بيتك يزيد من ذكاء ابنك أبوخالد الأسرة و الـتربـيـة 7 11-21-2005 06:24 PM
اعرف ابنك ابو عهد 099 الــمـنـتـدى الـعـام 4 09-15-2005 02:24 PM
في القرآن والسنة عثمان الثمالي الــمـنـتـدى الـعـام 2 08-15-2005 09:25 PM
هل في القرآن مجاز عثمان الثمالي الــمـنـتـدى الـعـام 4 08-15-2005 07:56 PM


الساعة الآن 10:44 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by