الشركات السعودية تتهيأ لتداعيات الأزمة العالمية

[عثمان الثمالي]

الشركات السعودية تتهيأ لتداعيات الأزمة العالمية الشركات السعودية تتهيأ لتداعيات الأزمة العالمية الشركات السعودية تتهيأ لتداعيات الأزمة العالمية الشركات السعودية تتهيأ لتداعيات الأزمة العالمية الشركات السعودية تتهيأ لتداعيات الأزمة العالمية

الاقتصادية السعودية السبت 1 نوفمبر 2008 10:55 ص
بعض الشركات العقارية تشهد تباطؤاً، وإحدى شركات البتروكيماويات العملاقة عمدت إلى خفض نفقاتها، والشركات الصغيرة تتوقع أن تواجه صعوبة كبيرة في الحصول على الأموال.
تتمتع الشركات السعودية بميزة وجودها في أكبر بلد منتج للنفط في العالم وفي أكبر بلدان منطقة الخليج العربي من حيث عدد السكان، لكنها تشعر رغم ذلك بوطأة الأزمة المالية العالمية.
ما زالت الصورة العامة للمستقبل في المملكة تعتبر صحية، لكن الشركات بدأت تدرك أن عليها أن تهيئ نفسها لتراجع مبيعاتها الخارجية، وزيادة تكاليف الاقتراض، واحتدام المنافسة على الائتمان المحلي.
وقامت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) التي تعمل في مجال البتروكيماويات، من قبل بخفض التكاليف التي تتحملها إلى "أدنى حد" عبر تقليل الإنفاق على الأسفار الخارجية، وعلى التدريب، وعبر مراجعة المشروعات التي كانت تخطط لتنفيذها، وفقاً لرئيسها التنفيذي، محمد الماضي.
وقال الماضي لـ "فاينانشيال تايمز": "سابك شركة عالمية لأن نسبة 70 في المائة من عملياتنا تتم في الخارج. يكاد النمو يكون متوقفاً في أوروبا والولايات المتحدة وسيؤثر علينا وضع الطلب في هذه البلدان. لكن اقتصادات الصين والهند والشرق الأوسط ما زالت تنمو ولو بمعدلات أبطأ قليلاً، ويظل هذا أمراً إيجابياً بالنسبة لنا".
أنفقت سابك 20 مليار دولار في السنوات الخمس الماضية، بما في ذلك استحواذها على شركة جنرال إلكتريك للصناعات البلاستيكية، وتعتبر من حيث قيمتها السوقية أكبر شركة كيماويات في العالم. وقد تحدثت عن تراجع طفيف في أرباحها الصافية في الربع الثالث من هذا العام – وهو أول ربع تنخفض فيه أرباحها الصافية في أكثر من سنتين – وذلك بسبب تباطؤ نمو مبيعاتها.
وبلغت أرباح سابك 7.24 مليار ريال سعودي (1.93 مليار دولار) في الأشهر الثلاثة حتى أيلول (سبتمبر)، انخفاضاً من 7.4 مليار ريال قبل عام.
وهي أكبر شركة يتم تداول أسهمها في المملكة. ورغم أنها مملوكة بنسبة 70 في المائة للحكومة، إلا أنها لم تتجنب الانخفاضات الحادة التي تؤثر على سوق الأوراق المالية السعودية.
فقد هبطت قيمة أسهمها بنسبة 10 في المائة يوم السبت، ثم ارتفعت بشكل طفيف يوم الأحد، لكنها أغلقت على انخفاض بنسبة 6.3 في المائة يوم الإثنين. وفقد مؤشر تداول الذي يتتبع أداء أكبر سوق للأوراق المالية في منطقة الخليج، 52 في المائة من قيمته هذا العام.
ويقول عبد الله الزامل، رئيس العمليات في شركة الزامل للاستثمار الصناعي، التي تنتج مشتقات الصلب ومكيفات الهواء، وهي إحدى شركات مجموعة الزامل، إن أكثر ما يثير القلق هو المشاعر السلبية في السوق. وأعتبر أن الوقت قد حان كي تقوم الشركات بخفض التكاليف وتحترس على ما لديها من أموال نقدية.
ويضيف الزامل: "بصورة أساسية، سيتأثر الجميع بدرجات متفاوتة. فقد نجد صعوبة في تنظيم شيء بسيط كخطاب اعتماد من الخارج كي نقوم بعملياتنا اليومية وندفع للشركات التي تورد لنا. هذا هو مبعث قلقنا. الأمر يتعلق بالعامل النفسي في السوق وليس بحقيقة الوضع".
وتمضي شركة الزامل للاستثمار الصناعي قدماً في خططها التوسعية، رغم وجود توقعات بتراجع الطلب على منتجاتها، بما فيها الألومنيوم الفولاذي، إلى رقم من خانة واحدة، مقارنة برقم من خانتين في العام الماضي، وفقاً للزامل.
ويقول الزامل في هذا الصدد: "إننا نعمل على بضعة مشروعات تتعلق بالغاز، ونحن متفائلون جداً بشأن النفط والغاز. عام 2009 ليس هو المشكلة، لكن 2010 هو العام الذي توجد بشأنه علامة استفهام. مبعث قلقنا هو ما سيحدث تالياً. ومن المؤكد أن تكون البنوك أكثر حرصاً وحصافة".
وحاولت مؤسسة النقد العربي السعودي التي تقوم مقام البنك المركزي، طمأنة المستثمرين بقولها إن السيولة المتوافرة لديها تكاد تكون غير محدودة، إذا أصبحت البنوك المحلية بحاجة إليها.
وضخت السلطات السعودية في الأسبوع الماضي نحو ثلاثة مليارات دولار في البنوك المحلية لتمويل نقص التمويل بالدولار في القطاع المصرفي المحلي، كما راكمت المملكة موجودات ضخمة صافية بالعملات الأجنبية مع ارتفاع أسعار الدولار إلى مستويات قياسية في فترة الصيف.
ويرى محللون أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط من أعلى مستوياتها في تموز (يوليو) لن يكون له تأثير كبير لأن ميزانية المملكة أعدت على أساس أن سعر برميل النفط 50 – 60 دولاراً، لكنهم يرجحون أن يتباطأ الاقتصاد عام 2009. ويشير بعضهم إلى أن الإنفاق الحكومي - الذي كان دافعاً رئيسياً للنمو – ربما ينخفض بدوره.
وبحسب زياد البسام، نائب رئيس الغرفة التجارية في جدة: "أساسيات الاقتصاد السعودي قوية، لكن مع تراجع أسعار النفط، لا نعرف حتى الآن كيف سيؤثر ذلك على الإنفاق الحكومي".
ويقول البسام إن بعض الشركات العقارية أخذت تتباطأ في أعمالها وتعمل على ادخار ما لديها من أموال نقدية انتظاراً لمعرفة الأثر الحقيقي الذي ستخلفه الأزمة العالمية على الاقتصاد المحلي.
وتابع: "في المدى القصير، سيكون أثر الأزمة على الشركات السعودية الكبرى محدوداً. لكن أثرها على الشركات الصغيرة ليس ضئيلاً. لقد كانت (الشركات الصغيرة) تواجه صعوبة دائماً في الحصول على القروض في الماضي، وسيكون الأمر أكثر صعوبة".
لكن بالنسبة للكثير من السعوديين العاديين، ما زال القلق يستبد بهم بشأن الشفافية وعدم اليقين – بسبب الضربة التي تلقتها سوق الأوراق المالية، رغم أن الخبراء يكررون القول إن أساسيات المملكة سليمة.
ويوم السبت الماضي أصدر الملك عبد الله أمره للصحافة بأن تضع "مصلحة المملكة" على رأس أولوياتها عند تغطيتها للشأن الاقتصادي.
ويقول المحامي البارز عبد العزيز القاسم: "إن الناس قلقون بسبب قلة المعلومات والشفافية حول استثمارات المملكة في الخارج".
ويضيف: "عندما لا تتوافر المعلومات لدى الناس، فإنهم يلجأون إلى الشائعات وإلى التخمينات. الناس يسمعون باستمرار من مصادر غير رسمية عن المشكلات التي تواجهها البنوك. لذا، ينبغي على الحكومة أن تبادر إلى الإعلان عن الأثر الحقيقي للأزمة على الاقتصاد وعلى القطاع المالي".